بعد تفجير سد نوفا كاخوفكا جنوب أوكرانيا، اليوم الثلاثاء، وبعد تبادل للاتهامات بين روسيا وأوكرانيا حول المتسبب في ذلك التفجير، وما بين طلبات لمجلس الأمن من الدولتين المتحاربتين للتحقيق في الحادث الكارثي للوقوف على ملابساته، واستنتاجات الخبراء لما ستؤول عليه الأحداث فيما بعد، يبقى المدنيون هم المتضررون الأساسيون جراء ذلك التفجير الكارثي، إذ تدفق سيل من الماء عبر فجوة في سد على نهر دنيبرو الذي يفصل بين القوات الروسية والأوكرانية، ما أدى لغرق مساحات واسعة من منطقة القتال وأجبر القرويين على الفرار.
روايات متضاربة عن التفجير
تتهم أوكرانيا روسيا بتفجير السد من الداخل في جريمة حرب متعمدة، وذكر مسؤولون عينتهم روسيا روايات متضاربة عن الحدث، وأرجع بعضهم السبب للقصف الأوكراني، بينما قال آخرون إن السد انهار من تلقاء نفسه.
حظر استهداف السدود
ولم يقدم أي من الجانبين دليلًا علنيًا بعد يثبت اتهامه، وتحظر اتفاقيات جنيف صراحة استهداف السدود في الحرب لخطرها على المدنيين، وقبل حلول الظهيرة، كان رصيف أحد روافد دنيبرو قد غمرته المياه بالفعل في مدينة خيرسون بالمنطقة التي تسيطر عليها الحكومة الأوكرانية.
وقال مسؤول إقليمي عينته روسيا، اليوم الثلاثاء، إن بلدة أوليشكي الصغيرة الواقعة على ضفة نهر دنيبرو التي تسيطر عليها روسيا غمرتها المياه بالكامل تقريبًا.
وقال أندريه أليكسينكو، رئيس الحكومة التي عينتها لمنطقة خيرسون الأوكرانية، على تيليجرام "الإخلاء، لا يمكن تنفيذه إلا باستخدام معدات خاصة".
أهمية سد كاخوفكا
ويمد سد نوفا كاخوفكا شبه جزيرة القرم ومحطة زابوريجيا للطاقة النووية بالمياه، وتخضع كلتاهما لسيطرة روسيا، والخزان الضخم خلف السد ممتد بطول 240 كيلومترًا وعرض 23 كيلومترًا.
طلب روسي أوكراني لمجلس الأمن
وطلبت كل من أوكرانيا وروسيا من مجلس الأمن الدولي الاجتماع لمناقشة قضية تدمير السد، واتهمت أوكرانيا روسيا بارتكاب "عمل إرهابي بيئي وتكنولوجي"، فيما وصفته روسيا بأنه "عمل تخريبي نفذته أوكرانيا"، بحسب الطلبين اللذين اطلعت عليهما "رويترز".
ويعتزم وزير البيئة الأوكراني روسلان ستريليتس عقد مؤتمر صحفي في وقت قريب.
الاستعداد لهجوم مضاد
يعد تدمير السد أزمة إنسانية جديدة وسط منطقة الحرب ويتسبب في تحول جبهات القتال بينما تستعد أوكرانيا لشن هجوم مضاد طال انتظاره لطرد القوات الروسية من أراضيها.
وقال وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو إن قواته أحبطت الهجوم في أيامه الثلاثة الأولى، خلال معارك تمخضت عن مقتل أو إصابة أكثر من 3700 أوكراني.
نفي أوكراني
ونفت أوكرانيا التصريحات الروسية ووصفتها بأنها أكاذيب لكنها لم تذكر تفاصيل عن الهجمات، وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي في مقابلة نشرت يوم السبت الماضي إن أوكرانيا تستعد لشن هجومها المضاد الكبير الذي طالما تحدثت عنه باستخدام دبابات قتال ومركبات مدرعة غربية تم توفيرها حديثا.
وتسيطر روسيا على السد منذ بداية الحرب على الرغم من أن القوات الأوكرانية أعادت السيطرة على الجانب الشمالي من النهر في العام الماضي، وتبادل الجانبان الاتهامات بالتخطيط لتدمير السد.
المياه تغمر 80 منطقة سكنية
وكتب الرئيس الأوكراني، على تطبيق تيليجرام: " تدمير الإرهابيون الروس، لسد كاخوفكا لتوليد الطاقة الكهرومائية يؤكد فقط للعالم بأسره أنه يجب طردهم من كل ركن من أركان الأراضي الأوكرانية".
وأضاف أن الروس "نفذوا تفجيرًا داخليًا لبنية السد"، مشيرا إلى أن المياه غمرت نحو 80 منطقة سكنية في المنطقة.
ووصف الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج ذلك بأنه "عمل شائن يظهر مرة أخرى وحشية الحرب الروسية في أوكرانيا".
تخريب أوكراني متعمد
وألقى المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بالمسؤولية في تفجير السد على "التخريب المتعمد من قبل الجانب الأوكراني".
كان مسؤولون روس قدموا في وقت سابق روايات متضاربة، إذ قال بعضهم إن السد أصيب بصواريخ أوكرانية خلال الليل، بينما قال آخرون إنه انفجر من تلقاء نفسه بسبب أضرار سابقة.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إن محطة زابوريجيا للطاقة النووية، والواقعة على الضفة التي تسيطر عليها روسيا من نهر دنيبرو، سيكون لديها ما يكفي من الماء لتبريد مفاعلاتها "لبضعة أشهر" من بركة منفصلة.
وأظهر مقطع مصور ارتفاع منسوب المياه عبر الأجزاء الباقية من السد الممتد بطول 3.2 كيلومتر وارتفاع 30 مترًا.
معاناة القرويين من الفيضانات
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن الحاكم الذي عينته روسيا في المنطقة أن نحو 22 ألف شخص يعيشون في 14 منطقة سكنية في منطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا مهددون بالفيضانات.
وقالت ليديا زوبوفا "67" عامًا التي كانت تنتظر خروج قطار من المدينة بعد مغادرتها قريتها "أنتونيفكا" التي غمرتها المياه لـ "رويترز"، "غمرت المياه مدرستنا المحلية وملعبنا في وسط المدينة... غمرت المياه الطريق بالكامل وتعطلت حافلتنا".
ونشرت الشرطة الأوكرانية مقطعًا مصورًا لضابط يحمل امرأة مسنة إلى بر الأمان ولآخرين ينقذون كلابا في قرى تخليها السلطات مع ارتفاع منسوب المياه، واتهم وزير الداخلية إيهور كليمينكو روسيا بقصف المناطق التي يُخلي الناس منها وقال إن ضابطي شرطة أصيبا.
وعلى ضفة نهر دنيبرو التي تسيطر عليها روسيا، قال رئيس بلدية نوفا كاخوفكا الذي عينته موسكو إن منسوب المياه ارتفع إلى 11 مترا، وقال سكان لـ "رويترز" عبر الهاتف إن بعضهم قرر البقاء على الرغم من أن الروس أمروا بالخروج.
وقال رجل يدعى "هليب" عن المواجهات مع القوات الروسية: "يقولون إنهم مستعدون لإطلاق النار دون سابق إنذار، إذا اقتربت بمقدار متر واحد مما هو مسموح به، فإنهم يبدأون على الفور بالسباب، ما زال غير مسموح لنا بالذهاب إلى المتجر، لكننا لا نعرف الأوامر التي ستصدر بعد ذلك".
وقالت "يفينيا"، من السكان، إن المياه كانت مرتفعة في الشارع الرئيسي الذي كان يسير فيه جنود روس بأحذية مطاطية عالية، وأضافت "إذا حاولت الذهاب إلى مكان لا يسمحون به، فإنهم يوجهون بنادقهم الآلية إليك على الفور... يتدفق مزيد من المياه كل ساعة".
وكتب أحد الأشخاص على صفحة حديقة حيوان كازكوفا ديبروفا على فيسبوك يقول إن الحديقة الواقعة على ضفة النهر التي تسيطر عليها روسيا غمرتها المياه بالكامل وأن جميع الحيوانات البالغ عددها 300 قد نفقت.