الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

حاتم علي.. "شاهد على العصر" وثّق الواقع بالقلم والعدسة

  • مشاركة :
post-title
حاتم علي

القاهرة الإخبارية - ايمان بسطاوي

سجّل المخرج السوري الراحل حاتم علي، بعدسة كاميرته وقلمه، وقائع ومحطات مهمة في تاريخ الإنسانية، ليكون واحدًا من أبرز موثقي التاريخ بالعصر الحديث، إذ ظل محتفظًا في ذاكرته بمشاهد سجلتها عينيه في طفولته، في مرحلة فارقة من حياته بعد احتلال إسرائيل لمنطقة الجولان، وقبل أن يخرج منها محمولًا على كتف خاله، إذ لم يغادره هذا المشهد الواقعي ليعيد تقديمه في مسلسل "التغريبة الفلسطينية" عام 2004، الذي عبّر فيه عن واقع مؤلم عاشه كثير من الفلسطينيين.

ساعد حاتم علي -الذي يوافق اليوم ذكرى ميلاده (2 يونيو 1962)- ترجمة أحداث حقيقية عاشها بنفسه في "التغريبة الفلسطينية" قضاؤه فترة من شبابه نازحًا في مخيم اليرموك جنوبي دمشق، وساهمت هذه الفترة في توثيق مرحلة مهمة عاشها كثير من الفلسطينيين اللاجئين.

كان السؤال الذي يشغل ذهن حاتم علي حول تقديمه مسلسلًا عن فلسطين، في حين أنه مخرج سوري، ليقول عن ذلك إنه "يرى أن القضية الفلسطينية تخص الوطن العربي كله وليس الفلسطينيين فحسب".

رغم تخرج حاتم علي في قسم التمثيل بمعهد الفنون المسرحية بدمشق عام 1986، لكن دراسته للفلسفة ساهمت في تغيير نظرته للحياة، وانعكست على شخصيته وتأملاته، ويرى أنها نافذة لرؤية الأمور بمنظور مختلف، ليبدأ مشواره الفني من بوابة الكتابة، إذ حمل في قلبه وعقله العديد من قضايا الأمة التي عبّر عنها بقلمه، فكان قادرًا على صياغة الواقع ونقله للدراما والمسرح بأدواته، ككاتب ومخرج ومنتج.

‏‏حُب الكتابة كان دافعًا للمخرج الراحل على تجربة أنواع أخرى، ومن بينها التمثيل، ليقول عن ذلك في لقاء تليفزيوني سابق: "لم أكن أطمح أن أصبح ممثلًا يومًا ما، ولم يكن في نفسي الجرأة لأتحول لمادة يشاهدها الجمهور، وكتبت الكثير من المسرحيات لزملاء لي في صفوف التعليم، وفي أحد المرات تغيب أحد الممثلين فاضطررت أن أحل محله".

‏يسرد حاتم تفاصيل خطوات وقوفه لأول مرة على خشبة المسرح، قائلًا: "اكتشفت أنني لم أعد أشعر بالخجل وأحببت التجربة وأردت تكرارها".

‏أحبت الكاميرا وجه هذا الشاب الوسيم الثائر والمتمرد، وخطف الأنظار وحظي بإشادة من حوله في مسلسل "دائرة النار"، الذي ساهم في فتح أبواب الشهرة والنجومية أمامه، ثم توالت الأعمال التي قدم فيها نفسه كممثل، منها "قوس قزح" و"عصي الدمع" وغيرها من الأعمال التي بلغت 30 عملًا تقريبًا.

ومع الفنان السوري ياسر العظمة، سجّل حاتم علي أول تجربة من إخراجه في مسلسل "المرايا" وقدّم أجزاءً منه، كما جسّد واقع المجتمع العربي في مسلسل "الفصول الأربعة"، كما قدّم عددًا كبيرًا من الأعمال التاريخية مثل "ثلاثية الأندلس" و"صقر قريش" و"ربيع قرطبة" و"ملوك الطوائف".

‏دائماً ما كان المخرج الراحل يؤكد أن مهمته كمخرج هي محاولة ترجمة النص الذي بيديه من خلال العناصر الفنية كالتمثيل والإضاءة والديكور، وأن الإخراج يعتمد على مدى مساهمات المخرج نفسه وقدراته الفنية واجتهاده لتقديم عمل جيد، ولذلك كان سعيه الدائم في تطوير أدواته، وهو ما أدى إلى أن أصبحت أعماله توضع مع أعمال كبار المخرجين على مستوى الوطن العربي.

‏عشق حاتم علي للتاريخ وقدرته على السرد ساعداه في تقديم الكثير من الأعمال التاريخية، حتى إن مسلسل "صلاح الدين الأيوبي" حقق نجاحًا منقطع النظير، وتم دبلجته وعرضه في كثير من الدول سواء عربية أو إفريقية مثل الصومال وماليزيا.

أخرج حاتم علي للسينما عددًا من الأفلام منها "شغف، العشاق، سيلينا، والليل الطويل"، كما دخل مجال الإنتاج بفيلم "علاقات شائكة"، الذي أخرجه نجله عمرو في عام 2006.