الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

المخرج السوري جود سعيد: "رحلة يوسف: المنسيون" قصة خيالية من رحم الواقع (حوار)

  • مشاركة :
post-title
المخرج السوري جود سعيد

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

لا تزال السينما تلقي الضوء على أحلام وقضايا اللاجئين السوريين، لتوصل صوتهم عبر الشاشة الكبيرة، وتسجل آلامهم وآمالهم، ويصبح العمل أكثر واقعية حينما يكون صُنّاعه شاهدين على ما حدث، ويسجلون بعدساتهم كل ما يجري على أرض الواقع ليصل إلى العالم من خلال المشاركة بالمهرجانات الدولية.

وانطلاقًا من هذه القضية، يشارك فيلم "رحلة يوسف: المنسيون" في الدورة ٤٤ لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي والمقرر انطلاقه بعد غدٍ، حيث يعرض الفيلم الذي أخرجه السوري جود سعيد، عالميًا للمرة الأولى، ملقيًا الضوء على قضية اللجوء التي تأتي هربًا من ويلات الحروب خوفًا من الموت، لنرى كيف يسير الجد وحفيده نحو غدٍ يخبّئ بلادًا جديدة وهويّة تائهة؟.

قصة إنسانية

يؤكد المخرج السوري جود سعيد، لموقع قناة "القاهرة الإخبارية"، أن فيلم "رحلة يوسف"، يمثل استمرارية للسينما التي يؤمن بها والتي تحاول النبش في الزوايا التي لا يسلّط عليها الضوء، وتتناول موضوعات إنسانية بحتة، مؤكدًا أن هذا الفيلم أكثر نضجًا بحُكم التجربة المتراكمة لديه في صناعة أكثر من فيلم احترافي قدّمه من قبل، وحصل من خلاله على جوائز دولية.

أشار إلى أن موضوع اللجوء يمثل قضية حساسة للغاية، وأنه حاول مقاربتها من الناحية الإنسانية، ليلقي الضوء على انسلاخ الإنسان من أرضه والمكان الذي تربى فيه، وكيف يتغير مع مرور الزمن.

معايشة الفقد في الفيلم

يصف جود سعيد فيلمه "رحلة يوسف" بأنه جزء من العبث الذي يسمونه الحرب السورية وسط مسميات أخرى، حيث يقول: "أنا أطلق عليها العبث العشرية التي يصبح الحكم عليها أقسى مع مرور الزمن بعد أن عِشنا الفقد، وهذا ما سيبقى في ذاكرتنا طوال حياتنا، وشخوص "رحلة يوسف" حاربوا الفقد أو عاشوه خوفًا على الحب أن يموت، وفي رحلة أسرة متمثلة في الجد وحفيده وجارتهم وابنة اختها، عاشوا تجربة ربما تكون إضاءة على القليل مما عاشه المواطن السوري".

قصة خيالية وواقعية

يؤكد المخرج السوري أنه بالرغم من أن قصة الفيلم من وحي خياله، لكن في الوقت نفسه لا نستطيع أن نقول إن أحداثها لم تقع مع كثيرين أو لم نسمع عنها من قبل، بل يمكننا القول إن جزءًا كبيرًا من حكاية يوسف ومن معه عاشها اللاجئون بأشكال مختلفة.

وأضاف أنه ليس من الأشخاص الذين يحاولون إعادة إنتاج الواقع في السينما التي يقدمها، حيث يقول: " أحاول أن أنتج واقعًا خاصًا بهذه الشخوص، وهناك نظرة تحمل رؤية وموقفًا وقراءةً للموضوع، وأعتقد أن هذه السينما هي الأكثر قدرةً على البقاء، وهذا ليس حُكمًا على فيلمي أنه سيبقى ويعيش مع الزمن ولكنها أمنية لأنه ينتمي إلى هذا النوع من السينما التي تقدم وجهة نظر فيما يحدث وليس مجرد عرض للواقع كما هو".

اهتمام بالقضية السورية

وعن السبب وراء تكريس حياته لمناقشة القضية السورية في أعماله يقول جود سعيد: "أغلبية المنتجين توجهوا لإنتاج أعمال تخص القضية السورية الراهنة، وإن كنت مهمومًا بهذه القضية بحكم أنني عشتها على مدار 10 سنوات عانيت فيها ويلات الحرب، حيث تنام ليلتك دون أن تعرف ماذا سيحدث في اليوم التالي، مع سيطرة مشاعر الخوف والقلق، وهو ما يتحول لأعمال فنية".

صعوبات العمل

وعن الصعوبات التي واجهته في تصوير الفيلم، قال: "المشكلة الأكبر التي واجهته في عملية إنتاج الفيلم، أنه تم التحضير للعمل منذ عام 2019، وصوّر على أكثر من مرحلة بسبب جائحة كورونا التي أوقفتنا أكثر من مرة، وكان العمل التجربة الأولى في حياتي التي أصور فيها عملًا بشكل متقطع على أكثر من مرحلة، وأوجه الشكر لفريق العمل الذي آمن بالفكرة، ولم ينحسب ورحّب في كل مرة كنا ندعيه لاستكمال التصوير، ومع عرض الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي، سيكون مر 3 سنوات على اليوم الأول لبدء تصوير العمل".

معاناة بالداخل والخارج

وعن رده حول معاناة اللاجئين هل هي أكبر خارج بلادهم من وجودهم داخلها قال: "لا أعتقد أنني أملك جوابًا على هذا السؤال، فهناك سوريون يعيشون أوضاعًا صعبة، فقد أقدم قراءة لأن هناك كثيرًا من السوريين في الداخل يعيشون أوضاعًا صعبة على المستوى الاقتصادي أو على المستوى الشخصي، فقدوا الأقارب والأزواج والأمهات والآباء، وكذلك كثير من السوريين الذين اختاروا الخروج هربًا من الحرب، فهم عاشوا ويعيشون أزمة الانتماء، ولا أعمم ذلك ربما تكون هناك حالات مختلفة، ولكن العيش في مخيم من أصعب ما تتعرض له النفس البشرية والتي تعيش اللاانتماء جغرافيًا ويكون ضيفًا مؤقتًا".

علاقة قوية بالمهرجان

وعن علاقته بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، أشار إلى أنه تربطه علاقة قوية مع المهرجان، بدأت منذ عرض فيلمه الروائي الأول "مرة أخرى" عام 2010، ثم حصوله على ذهبية في مسابقة آفاق السينما العربية بالمهرجان عن فيلمه "بانتظار الخريف" عام 2015، ومشاركته بفيلم "مطر حمص"، ثم "نجمة الصبح"، مؤكدًا أن تفاعل جمهور المهرجان مع أفلامه كبير للغاية ومحفور في ذاكرته.

شراكة فنية وعلاقة أسرية

وعن تعاونه مع الفنان السوري أيمن زيدان، قال جود سعيد: "ما يجمعني مع الفنان أيمن زيدان أكبر من مشروع فني، بل تجمعني به أولًا وأخيرًا قناعات ورؤى مشتركة للحياة، ويجمعني به الحب والعلاقة القوية بيننا التي هي جزء من العائلة، والشراكة الفنية في أكثر من عمل، حيث كتبنا معًا فيلم (درب السما)، وقدّم فيه الشخصية الرئيسية، وأيضًا (مسافرو الحرب)".

ليلة في دمشق القديمة

أشار إلى أن الفيلم "رحلة يوسف" جاءت فكرته من ليلة قضاها مع أيمن زيدان في أماكن دمشق القديمة، وتحدثان معًا حتى الساعات الأولى من الصباح، وجاءت فكرة الفيلم الذي عاشوه معًا، متمنيًا أن يعيش نجاحه مع الجمهور في مصر، موجهًا الشكر لكل شركاء العمل الذين حملوا الفيلم في أعينهم وقلوبهم حتى خرج للنور.