سطور من النجاح تكتبها السينما السودانية خلال السنوات الأخيرة رغم قلة الإنتاجات الصادرة، لكنها تسجل حضورًا قويًا في المهرجانات السينمائية المختلفة، وصنّاع الأفلام بالدولة التي شهدت تصوير أول فيلم سوداني روائي طويل عام 1972 بعنوان "آمال وأحلام"، صعدوًا إلى منصات التتويج ونال إنتاجهم الإبداعي ترحيبًا شديدًا وجوائز عدة خصوصًا في الفترة الأخيرة.
يأتي هذا النجاح اللافت بفضل عدد من صنّاع السينما يقدمون تجارب مختلفة، منهم المخرج محمد كردفاني الذي فاز فيلمه "وداعًا جوليا" بجائزة الحرية في مسابقة "نظرة ما" Un Certain Regard، ضمن مهرجان كان السينمائي بدورته الـ76، كما حظي الفيلم بإشادة نقدية وتصفيق حار من الجمهور استمر نحو 10 دقائق في أحد عروضه الـ5 بالمهرجان المرموق عالميًا، ويحسب للفيلم أيضًا أنه أول عمل روائي طويل سوداني ينافس في "كان".
تضاف جائزة كان إلى قائمة من التتويجات التي نالها الشريط السينمائي السوداني، إذ سبق أن فاز بجائزة منظمة الفيلم السويدي النقدية في مهرجان مالمو للسينما العربية، كما فاز مشروع الفيلم بجوائز بمهرجانات أخرى، ويشارك أيضًا في الفترة المقبلة بعدد من المهرجانات السينمائية، ليتابع الجمهور بمختلف أنحاء العالم قصة الفيلم التي تدور قبل انفصال جنوب السودان مباشرة، إذ تسعى مغنية من الشمال (منى) إلى تطهير نفسها من ذنب قتل زوجة امرأة من الجنوب (جوليا) وتعينها خادمة لها في منزلها.
التتويج الأول في المهرجانات السينمائية المختلفة، علامة تميز الأفلام السودانية في السنوات الأخيرة، فكما حضر في دورة "كان" 76 أول فيلم سوداني وحصل على جائزة، شهد مهرجان فينسيا السينمائي منذ 4 سنوات، أول فوز لفيلم سوداني بجائزة أسد المستقبل، إذ كانت من نصيب تجربة المخرج أمجد أبو العلاء الأولى "ستموت في العشرين"، بعد عدة أفلام قصيرة.
الفيلم سبق أن حاز مشروعه على منح نقدية من مهرجان برلين السينمائي، ومنحة "سور فاند" النرويجية، ونال أيضا أفضل فيلم روائي عربي طويل "السوسنة السوداء" في مهرجان عمّان السينمائي الدولي.
استوحى أمجد أبو العلاء قصة فيلمه "ستموت في العشرين" عن رواية "النوم عند قدمي الجبل" للكاتب الروائي حمور زيادة، إذ تسيطر على "مُزّمل" المولود في قرية سودانية أفكار الصوفية، ويعتقد أنه سيموت في عمر الـ20، لكنه يقابل مصورًا سينمائيًا يدعى "سليمان" لتطور الأحداث، مُلقيًا الضوء على تأثير المجتمعات على الفرد وفكرة الخروج من الخضوع لها.
وفي فبراير من العام الحالي توّج شريط المخرج ناصر يوسف "إبرة وخيط" بجائزة الفيلم العالمي في مهرجان كلكامش للفيلم، ويناقش فيه قضية المعاناة النفسية والجسدية التي تعاني منها الفتيات نتيجة زواج القاصرات، والضرر الواقع عليهن وقتل طفولتهن.
وحظي الفيلم بجولة في مهرجانات سينمائية عدة منها مهرجان "أوسارا" السينمائي الدولي في رواندا، ومهرجان "القدس" السينمائي، ومهرجان "لبنان" السينمائي في طرابس.
ولا يقتصر الأمر على الأفلام الروائية الطويلة، إذ تسجل الإنتاجات السينمائية القصيرة حضورًا لافتًا أيضًا بمهرجانات عدة، منها تجربة المخرجة سوزانا ميرغني "الست" الفائز جائزة أفضل فيلم قصير بالدورة الـ 32 لمهرجان نيو أورلينز السينمائي الدولي، وتدور قصته حول فتاة مراهقة تعاني من اختيارات عائلتها لطريقة عيش حياتها وزواجها دون إرادة منها، ورغم أنها تعيش قصة حب مع شاب يدعى "بابكر" لكن أهلها لهم ترتيبات أخرى لحياتها.
وتضاف هذه الجائزة لتتويج متعدد حصدته صانعته، منها أفضل مخرجة من مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة، وجائزة لجنة التحكيم في مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، وأفضل صانعة أفلام صاعدة من مهرجان الفيلم العربي في تورونتو، وجائزة قناة كانال بلس سينما الفرنسية بمهرجان كليرمون فيران الدولي للأفلام القصيرة.
وأيضا فاز فيلم صهيب الباري "الحديث عن الأشجار" إنتاج فرنسا، السودان، ألمانيا، تشاد، بجائزة أفضل فيلم وثائقي، وجائزة الجمهور في قسم البانوراما في مهرجان برلين منذ نحو 4 سنوات، وتدور أحداثه حول 4 من رواد السينما السودانية إبراهيم شداد، الطيب المهدي، سليمان محمد إبراهيم، ومنار صديق وعلاقة الصداقة بينهم.