يضطر عدد من الممثلين وصنّاع الدراما إلى تكثيف عدد ساعات التصوير لسرعة الانتهاء من الأعمال الفنية المختلفة، الأمر الذي قد يصل في أحيان كثيرة لمواصلة العمل لأكثر من 18 ساعة، حتى إنه تخطى الحدود أحيانًا لتصل إلى نحو 52 ساعة بأحد الأفلام السينمائية أخيرًا، بحجة اللحاق بموعد العرض، ما دعا مجلس إدارة نقابة المهن التمثيلية في مصر إلى إصدار قرار بوضع حد أقصى لعدد ساعات العمل الخاصة بأعضاء النقابة في الأعمال الفنية لتكون 12 ساعة يوميًا، من أجل تنظيم العمل وفقًا لضوابط ولوائح وقوانين النقابة.
جاء قرار مجلس إدارة نقابة المهن التمثيلية حفاظًا على القوى الناعمة المصرية، إذ صرّح الدكتور أشرف زكي نقيب الممثلين لـ موقع "القاهرة الإخبارية" أن القرار يتضمن أيضًا وجود ساعة استراحة، ما يعني أن عدد ساعات العمل الفعلية هي 11 ساعة، وأنه سيتم إخطار المنتجين بذلك، أما بالنسبة للممثلين فقد تم إخطارهم بالفعل.
توفير مساحة من الوقت
وحول توقيت إصدار القرار، أوضح أشرف زكي: حرصنا على الإعلان عنه قبل الموسم الرمضاني المقبل بنحو 11 شهرًا حتى يكون هناك وقت كافٍ أمام المنتجين لتجهيز أمورهم، ولكي لا يفاجئونا بأنهم يضطرون لتكثيف ساعات التصوير من أجل اللحاق بموسم شهر رمضان، الأٌقوى والأبرز دراميًا طوال العام، إذ وفرنا لهم مساحة من الوقت لبدء تصوير المسلسلات مبكرًا، لأن بالفعل فكرة التصوير لساعات طويلة منهكة.
قرار النقابة مُلزم للمنتجين، لكن ماذا لو خالف الممثل ووافق على التصوير لمدة أقصى من 11 ساعة؟ حول ذلك قال نقيب الممثلين المصريين: "هذا قانوننا للحفاظ على صحة الفنان وقيمته، وإذا خالف أحد الممثلين القرار بزيادة ساعات العمل فلا يلوم إلا نفسه".. مستبعدًا اللجوء لفكرة العقاب أو ما يشبه ذلك، خاصة أن إرهاق الممثلين في التصوير، دفعهم للمطالبة بتخفيض ساعات العمل لأن الزيادة تنهك صحتهم.
تحديد الأجور
ويرى الناقد المصري طارق الشناوي أن دور النقابات الفنية في العالم أجمع يتمثل في حماية الفنان من نفسه، وليس فقط تحديد ساعات العمل كحد أقصى ولكن وضع حد أدنى للأجور حفاظًا على حقوق الفنيين والكتّاب والمخرجين وغيرهم من العاملين بمجال الفن، واحترام قيمة وقوة صنّاع العمل الفني، خصوصًا أن البعض يُقلل من أجره لكي يزداد الطلب عليه أكثر، وبالتالي تدخل النقابات في مثل هذه التفاصيل لحماية الفنان وضبط المنافسة.
يضيف "الشناوي" أن الفنان الذي يعمل أكثر من 12 ساعة يضر نفسه، لكنه قد يفعل ذلك لاعتبارات مادية فقط، ولكن على المدى البعيد سيقل عطاؤه الفني والمهني، وبالتالي هو قرار صائب للغاية من نقابة المهن التمثيلية المصرية بل وتأخر كثيرًا، متمنيًا أيضًا قرارات مماثلة من نقابتي السينمائيين والموسيقيين لحماية المبدعين حتى من ضعفهم أمام الاحتياج المادي.
كما وافقه الرأي المخرج المصري مروان حامد، إذ قال لموقع "القاهرة الإخبارية" إن هذا القرار جيد وسيجعل عملية تصوير العمل السينمائي أكثر تنظيمًا واستقرارًا، ولن يكون له أي تأثير سلبي من الناحية الإنتاجية، فهو لن يضر أحدًا بل سيجعل العمل ينطلق مبكرًا بدلًا من الضغط في وقت محدد.
ترحيب بالقرار
يبدو أن القرار أثلج صدور العديد من الفنانين، إذ أعربوا عن سعادتهم بصدوره وحل أزمة عدد ساعات التصوير الطويلة، ومنهم الفنانة المصرية سوسن بدر التي أعادت نشر القرار عبر حسابها بموقع انستجرام، كذلك الفنانة المصرية نسرين أمين والسورية جومانة مراد، وعارفة عبد الرسول التي كتبت عبر حسابها بموقع فيس بوك: "عاشت نقابتي".
بينما قالت الفنانة المصرية نجلاء بدر إنها بالطبع تشجع هذا القرار لأن التصوير لفترة طويلة يُهدر طاقة الممثل، وبالتالي مثل هذا القرار يحافظ علينا كفنانين من نقابتي التي أفتخر بها دائمًا.
السينمائيون وقرار مماثل
يعد المخرج المصري كريم العدل من المخرجين الذين طالبوا نقابة الممثلين بقرار تقليل عدد ساعات التصوير، مؤكدًا أنه دائمًا يحارب عدد ساعات التصوير الطويلة، ويحرص من خلال كل أعماله ألا يصور أكثر من 14 ساعة؛ لأن هذا يعرّض فريق العمل للإرهاق سواء أمام الكاميرا أو خلفها.
وأوضح "العدل" أن نقابة المهن السينمائية ستعقد اجتماعًا قريبًا لضبط عدد الساعات أيضًا، ووضع العقوبات التي سيتم تنفيذها في حال كسر عدد الساعات وستشارك فيه كل النقابات الفنية.
ويؤكد كريم العدل لموقع "القاهرة الإخبارية" أن فكرة ضغط التصوير سواء في شهر رمضان أو خارجه لا علاقة له بعدد الساعات بقدر ما هو نابع من عدم التحضير، ما يؤدي لبدء التصوير متأخرًا و عدم جاهزية السيناريوهات، وتفاصيل أخرى، مشيرًا إلى أن تصوير 12 ساعة وقت كافٍ للغاية في اليوم، وإذا ما زادت عن هذا الحد يعرّض صحة الفريق للخطر.