الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

وردة.. أغنيات تلامس قصة حياتها وأداء صادق في "الوطن الأكبر"

  • مشاركة :
post-title
المطربة وردة

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

زيّنت المطربة وردة بأغنياتها بستان الفن العربي، والذي ما زال يفوح حتى الآن عطرها الأخّاذ، فالنجمة الجزائرية التي غيبها الموت في مثل هذا اليوم 17 مايو عام 2012، تمتعت بصوت ملائكي وإحساس مرهف وأداء صادق، وكأن هذه الأغنيات تأخذ من روحها الكثير، لتضيف لها بصمتها الخاصة.

ومع تتبع أغنيات وردة الجزائرية نجد أن بعضها يتماس مع مشوارها الفني، وأيضًا ظروف حياتها وملامح شخصيتها ومشاعرها، لنجد أغنيتها "رحالة" التي يبدو أنها تصف تنقلها ما بين باريس، لبنان، ودول أخرى، ومصر التي تركتها فترة لتعود إليها مجددًا وتموت على أراضيها، لكن هذا الترحال متعدد الوجهات إضافة إلى جذورها الجزائرية، ساهم في صقل موهبتها وتشكيل شخصيتها ووصولها للكثير من الشعوب، فكانت نجمة عربية بنكهة مصرية.

بوابة شهرتها في مصر

"جميلة"، وصف بسيط ومباشر لطلتها البهية التي تمتعت بها، ولكنه أيضًا اسم أغنية لبنانية كانت بمثابة بوابة دخولها مصر، حيث وصلت شهرة الأغنية التي تغنت بها في لبنان إلى مسامع الجمهور المصري العاشق للفن، ووقع في غرام مطربتها، إذ تسرد وردة تفاصيل مجيئها لمصر في لقاء تليفزيوني سابق: "في بداية حياتي سافرت من باريس إلى لبنان وقدمت أغنية "جميلة" ولم أتخيل أن تحقق هذا النجاح، فسمعها الجمهور المصري جيدًا ثم طُلب مني المجيء لمصر، وأرسل المنتجون لي العقود ومن هنا كانت بداية دخولي الساحة الفنية المصرية".

حظيت وردة بشهرة كبيرة بعد الانطلاقة المميزة من مصر، وفُتحت لها أبواب التعاون مع كبار الملحنين ودخلت سباق المنافسة مع كبار المطربين وقتها، وأصرت أن يكون لها مكانها وبصمتها، فبلغ رصيدها حوالي 500 أغنية بالكثير من اللهجات ومع عدد من الملحنين من تونس ولبنان ومصر وغيرها.

الوطن الأكبر

"وطني حبيبي الوطن الأكبر" كلمات أوبريت شهير يتغنى بأمجاد الوطن العربي، شارك فيه العديد من النجوم منهم عبد الحليم حافظ وصباح وشادية، وأيضًا المطربة وردة التي تتماس الأغنية بشدة مع رحلتها في عدة بلدان عربية من الشرق إلى الغرب، ما بين الجزائر ومصر ولبنان، لينبض قلبها بحب الوطن العربي بصدق وبتجارب حياتية عاشتها مع جنسيات عربية مختلفة، لنصدق حماسها الشديد في أداء الأوبريت الشهير الذي لحنه محمد عبد الوهاب وكتبه أحمد شفيق كامل.

محبة متبادلة بين وردة وجمهورها في كل بقاع الوطن العربي، فالمطربة التي حصلت على الجنسية المصرية عام 1980، ألهبت حماس المقاومة الجزائرية بالكثير من الأغنيات الوطنية ومنها "بلادي يا بلادي"،" يا مروح البلد" وغيرها.

وزاد من أواصر ارتباط وردة بمصر زواجها من الموسيقار بليغ حمدي الذي قدّم لها أشهر الأغنيات منها "اشتروني"، "العيون السود"، "احضنوا الأيام"، "وآه لو قابلتك"، "تعيش وتفتكرني"، "ليل يا ليالي"، "نداء الضمير"، "نار الغيرة"، "آه لو الأيام بتتكلم"، وغيرها الكثير، فعلاقة الحب التي جمعتهما كانت داعمة لها في مسيرتها الفنية واستمر زواجهما لمدة 6 سنوات قبل انفصالهما لتقول عن ذلك:" بليغ حمدي كان كل يوم يأتي لي بورد في البيت، وكان بيننا تفاهم وحب".

لعبة الأيام

 أغنية "لعبة الأيام" كلمات علي المهدي وألحان رياض السنباطي، لم يكن اسما لأغنية فحسب، ولكنه كان وصفًا لدور القدر في التدخل في اختياراتها الفنية، حيث وضعت صوتها على أغنيات شهيرة لم تكن مكتوبة لها في البداية، ومنها أغنية "أوقاتي بتحلو" التي كانت ستغنيها أم كلثوم، لكنها توفيت، ليوافق الملحن سيد مكاوي بعد محاولات عديدة على أن يعطيها لوردة، وتصبح فيما بعد واحدة من أشهر أغنياتها.

وحشتوني

"وحشتوني"، تعبر الأغنية التي قدمتها وردة في فيلم "حكايتي مع الزمان" مع الراحل بليغ حمدي، بشكل دقيق عن حالة افتقادها للفن بعد غيابها عن الساحة لفترة، حيث عادت محملة بمزيد من الحب.

ويمكن وصف عودتها للساحة الفنية أيضا بمقطع من أغنيتها "من بين ألوف" الذي يقول "اتقابلنا يا زمن بعد صبر وشوق كبير كل واحد فينا من فرحته قرّب يطير، ما لقاني ولقيته من بعد الغياب"، فعادت للغناء بعد نحو 9 سنوات بألبوم "اللي ضاع من عمري".

رياض السنباطي

كانت وردة تدين بالفضل لمن كان سبب شهرتها بمصر وتؤكد دائما امتنانها لعدد من الملحنين والموسيقيين المصريين لتقول عن ذلك: "لا يمكن أن أنسى فضل كبار الموسيقيين ممن تعاونت معهم مثل بليغ حمدي ومحمد عبد الوهاب ورياض السنباطي وصلاح الشرنوبي وكمال الطويل وغيرهم".

ظن الكثيرون أن إبداع رياض السنباطي سيختفي بوفاة الفنانة الراحلة أم كلثوم، لارتباطه الشديد بكوكب الشرق إلى أن جاءت وردة الجزائرية، فكان لها مُنقذا وكانت له بمثابة إثبات أنه ما زال قادرًا على العطاء وقدمت معه أشهر الأغاني ومن بينها "لعبة الأيام".

‏حفظت وردة الجميل للموسيقار رياض السنباطي وكانت تؤكد في كل مناسبة أن الفضل يعود له في تقديمها للجمهور المصري كمطربة حيث تغنت لأول مرة من ألحانه لتقول عن ذلك: "كانت بدايتي في مصر على يد رياض السنباطي فكان أول من أعطاني لحنًا بعنوان "هقولك حاجة"، وأدين له بالفضل".

حياة بسيطة

كشفت وردة عن جزء من حياتها خلال فترة غيابها لتقول عن ذلك: " كانت حياتي بسيطة جدًا لأنني كنت سيدة متزوجة ولدي أولاد وكانت حياتي لهم فقط، وكنت أريد أن أرتاح لأنني أعطيت للفن حياتي لسنوات طويلة".

كان محمد عبد الوهاب صاحب فضل كبير عليها لتقول عنه أنه من علمها الكلام بطريقة صحيحة والتخلي عن اللهجة الجزائرية، وكان بمثابة مُعلمها فسردت موقفا من بين مواقفهم الكثيرة لتقول عن ذلك: "أول حفلة غنيت فيها أغنية "في يوم وليلة"، الجمهور كان سعيد جدًا ولكنني فوجئت بالموسيقار محمد عبد الوهاب يوجه لي اللوم، متسائلا: هل علمتك الغناء بتلك الطريقة، وقتها كان عنده حق، لأنني غنيتها بطريقتي وليس بطريقته، ومن بعدها التزمت بكل توجيهاته".

وردة والسينما

ساهمت السينما في زيادة شهرة وردة، وقدمها المخرج حلمي رفلة في فيلم "ألمظ وعبده الحمولي" في مطلع الستينيات وشاركها بطولة العمل الفنان شكري سرحان وحسين رياض، وربطتها علاقة قوية مع الفنان رشدي أباظة وشاركته البطولة بثلاث أفلام "أميرة العرب، حكايتي مع الزمان، آه يا ليل يا زمن"، وختمت مشوارها في السينما في التسعينيات من خلال فيلم "ليه يا دنيا"، وكان للتلفزيون نصيب من طلتها على شاشته مثل " آن الأوان"، و"أوراق الورد" و"الوادي الكبير".