الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تعطيل محتمل.. تأثير انتخابات التجديد النصفي للكونجرس على أداء إدارة "جو بايدن"

  • مشاركة :
post-title
انتخابات التجديد النصفي الأمريكية 2022

القاهرة الإخبارية - محمود جمال

تدلل مؤشرات نتائج انتخابات التجديد النصفي الأمريكية، على عودة الجمهوريين إلى الواجهة مجددًا، بعد أن خفت صوتهم بعد فوز الرئيس "جو بايدن" بالانتخابات الرئاسية 2020، واتهامهم بالتحريض على العنف، ورفض الديمقراطية بعد اقتحام مقر الكونجرس في يناير 2021. ومن المحتمل أن تنعكس هذه النتائج على العلاقة الحاكمة للمؤسستين التشريعية والتنفيذية، وهو ما قد يعطل خطط "بايدن" خلال العامين المقبلين، خاصة فيما يتصل بالأزمة الأوكرانية، وقضايا المناخ، وحظر الأسلحة، وحق الإجهاض، والحرب التجارية مع الصين، وتوتر العلاقات الأمريكية الروسية، والملف النووي الإيراني.

أهمية واضحة:

أخذت انتخابات التجديد النصفي للكونجرس هذه المرة أهمية كبيرة، قد تنعكس تأثيراتها على عدة مسارات، وذلك على النحو التالي:

(*) استفتاء على أداء الحزب الديمقراطي: جرت العادة بين خبراء الشأن الأمريكي، في تحليل نتائج انتخابات التجديد النصفي لاستقراء نتائج الانتخابات الرئاسية التي تتبعها بعامين فقط، إلا أنه يبدو أن هذه الانتخابات ذات طابعٍ خاص؛ حيث إنها بمثابة استفتاء على أداء الحزب الديمقراطي بشكلٍ عام، لا سيما أن هناك أصواتًا داخل الحزب تدفع نحو عدم ترشيح الرئيس "جو بايدن" للانتخابات الرئاسية القادمة؛ إذ سيكون عمره بحلول عام 2024 اثنين وثمانين عامًا، وهو ما يطرح تساؤلات حول قدراته الصحية والذهنية في القيام بأعباء الحكم.

(*) مقدمة لانتخابات 2024: يحاول الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب"، العودة للمكتب البيضاوي بعد أن غادره في ظروف مثيرة للجدل يناير 2021؛ حيث يعتبر "ترامب" أن نتائج انتخابات التجديد النصفي بمثابة استفتاءٍ على مستقبله السياسي لا سيما احتمال ترشحه في انتخابات 2024 الرئاسية ، ويظهر ذلك في ظهور "ترامب" الدائم في الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري عبر التجمعات الانتخابية. تجدر الإشارة إلى أن كثيرًا من استطلاعات الرأي الأمريكية تعتقد أن "ترامب" سينال ترشيح الحزب الجمهوري في انتخابات 2024.

(*) الأزمة الأوكرانية: يتخوف الأوربيون من احتمالات تأثير سلبي للهيمنة الجمهورية المحتملة على الكونجرس على المساعدات التي تقدمها واشنطن لكييف، وهو ما قد يؤدي إلى انهيار الجبهة الغربية الموحدة ضد موسكو. وقد كانت المساعدات الأمريكية الموجهة لأوكرانيا محل نقاش وجدل كبيرين بين الحزبين طوال الحملة الانتخابية؛ إذ يشعر ممثلو الحزبين بقلقٍ شديد من تأثير المساعدات المقدمة لكييف التي وصلت إلى 60 مليار دولار تقريبًا على تفاقم المشكلات المحلية الأمريكية، خاصة في ضوء ارتفاع أسعار الطاقة، وتعطل سلاسل إمداد الغذاء العالمية، وارتفاع مستويات التضخم.

كيف يتم تمويل الحرب في أوكرانيا؟

دلالات النتائج:

ثمة دلالات تعكسها نتائج انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي، قد تتجاوز تأثيراتها حدود الداخل الأمريكي، بل تتمدد تفاعلاتها إلى مناطق كثيرة، خاصة من دول العالم المضطربة، وذلك على النحو التالي:

(&) العلاقة مع روسيا: من غير المتوقع أن تنعكس نتائج انتخابات التجديد النصفي على العلاقة المتوترة بين موسكو وواشنطن على الأقل في المدى القصير خاصة أن "بايدن" مستمر في السلطة حتى 2024. وقد عبَّر المتحدث باسم الكرملين "دميتري بيسكوف" عن هذا التوجه؛ حيث يرى "بيسكوف" أن العلاقة مع واشنطن سيئة وستستمر في هذا الاتجاه. على الناحية الأخرى، ترى التحليلات أن هذه النتائج ربما تجعل موسكو تتنفس الصعداء خاصة بعد إعلان "ترامب" ترشحه في 2024، وهو ما قد يفتح بابًا للحوار بين موسكو وواشنطن لا سيما أن موسكو تتمتع بعلاقات وتفاهمات أفضل مع الإدارات الجمهورية.

(&) الملف النووي الإيراني: رغم محاولات إدارة بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران عبر البحث عن مساحات مشتركة فيما بينهما إلا أنها فشلت في الأخير في تحقيق ذلك، وتعتبر طهران أن مجرد عدم تحميلها بمزيد من العقوبات خلال العامين الماضيين من حكم بايدن مكسبًا في حد ذاته. ومن المرجح أن يؤثر استعادة الجمهوريين للأغلبية داخل مجلس النواب سلبًا على أي فرص محتملة لإعادة طهران للاتفاق النووي خاصة بعد انحيازها، ودعمها للموقف الروسي في الأزمة الأوكرانية فضلًا عن دفع صناع القرار في إسرائيل نحو مزيد من التصعيد مع إيران.

(&) الحرب التجارية مع الصين: تُشير التحليلات إلى أنه من غير المرتقب حدوث أي انفراجة في هذا الملف خاصة أن الحزبين لديهما توافق "سياسة موحدة" في التعاطي مع بكين، والاستمرار في تبني السياسات الحمائية؛ لمواجهة الصعود الصيني مثل دعم تايوان، وفرض العقوبات على قطاع التكنولوجيا الصينية خاصة ما يتصل بتجارة الرقائق الإلكترونية.

(&) قضايا المناخ والبيئة: حذَّر الرئيس الأمريكي "بايدن" في حملة حزبه الانتخابية من احتمال تعرض ما أنجزه الحزب الديمقراطي في مجال المناخ والحد من الانبعاثات الكربونية إلى انتكاسة؛ خاصة أن الجمهوريين وفي مقدمتهم الرئيس السابق، والمرشح المحتمل لرئاسيات 2024 دونالد ترامب، عارضوا القوانين المتعلقة بالمناخ التي أقرَّها الكونجرس مؤخرًا كونها غير ضرورية، ووصفها بأنها ستهدر مزيدًا من أموال دافعي الضرائب. تجدر الإشارة إلى أن إدارة بايدن أسهمت في إقرار أكبر برنامج استثمار مناخي في تاريخ واشنطن للحد من الاحتباس الحراري وتنفيذ اتفاقية باريس للمناخ.

(&) حق الإجهاض: مثَّل ملف الحق في الإجهاض فرصة لتتبع حالة الانقسام التي عاشها الحزبان طوال فترة الحملة الانتخابية، وقد اشتد الخلاف حول هذه القضية بعد إلغائه بقرار من المحكمة العليا في يونيو 2022. ويعد الحزب الديمقراطي خلال حملته الدعائية بالعمل على إقرار هذا الحق في القانون الفيدرالي.

(&) الأسلحة النارية: اعتبر "بايدن" في أحد تصريحاته الانتخابية لدعم مرشحي حزبه في انتخابات التجديد النصفي أن هذه الانتخابات تُمثل فرصة نحو حظر الأسلحة النارية بشكلٍ كامل، بعد إقراره في أواخر يونيو 2022 قانونًا يحظر بموجبه حمل الأسلحة الهجومية، وذلك لجذب مزيد من الأصوات لحزبه خاصة أن الحزب الجمهوري يُعارض هذه الخطوة باعتباره من أكبر الداعمين لحمل الأسلحة.

يُذكر أن "بايدن" يُصرح دائمًا أنه سيعمل على حظر حمل الأسلحة بشكلٍ كامل؛ حماية للأرواح ولضبط سوق السلاح الأمريكي الذي أنتج في آخر 20 عامًا حوالي 140 مليون قطعة سلاح هجومية.

في النهاية، تبرز أهمية انتخابات التجديد النصفي في قدرتها على تقديم صوت معارض لسياسات الرئيس بعد عامين فقط من انتخابه. وتكتسب هذه الانتخابات أهميتها كونها تأتي كاستفتاء مبكر على شعبية الحزب الديمقراطي وأدائه خلال العامين المنصرمين، ومن المتوقع أن تؤثر نتائج هذه الانتخابات على عمل إدارة الرئيس الأمريكي "بايدن"؛ حيث اعتمد الديمقراطيون خلال العامين المنصرمين على أغلبيتهم داخل المجلسين لتمرير العديد من القوانين، وهو ما سهَّل عليهم تنفيذ خططهم الانتخابية نتيجة غياب المعارضة المُعطلة داخل الكونجرس. وظهر غياب المعارضة الجمهورية المؤثرة في الكونجرس في ضعف أداة الرقابة البرلمانية على إدارة بايدن التي ركزت جهودها في محاسبة إدارة الرئيس السابق "ترامب" باعتباره المُحرِض الرئيس على اقتحام الكونجرس في 6 يناير 2021.