مع التطورات الاقتصادية والسياسية المتلاحقة عالميًا، تبرز القضية السكانية كواحدة من أكبر التحديات التي تواجه العالم لما لها من انعكاسات مباشرة وغير مباشرة على نواحي الحياة من صحة وتعليم وغيرها من المجالات، خصوصًا مع انتباه عدد كبير من دول العالم لخطرها واتخاذها الخطط لمواجهة هذه الأزمة خلال السنوات الأخيرة.
بوتيرة متسارعة، ارتفعت معدلات السكان حول العامل بأكثر من 3 أضعاف مقارنة بالمعدلات في منتصف القرن العشرين، وبلغ عدد سكان العالم في عام 1950 نحو ملياري ونصف المليار نسمة، بينما وصل في نهاية العام الماضي نحو 8 مليارات نسمة، لذا تتواصل التحذيرات من خطورة هذه الزيادة على خطط التنمية وعرقلة حركة النمو الاقتصادي في توقيت يعاني فيه العالم من أزمات اقتصادية طاحنة، وسط توقعات بوصول عدد سكان العالم إلى 8 مليارات ونصف المليار نسمة بحلول عام 2030.
تستمر جهود الأمم المتحدة لمواجهة هذه الأزمة ودعم الحكومات بالبحوث والإحصائيات، لا سيما أن الزيادة السكانية باتت تمثل تهديدًا كبيرًا للأمن المجتمعي لبعض الدول التي ترتفع فيها معدلات الخصوبة والزواج وتضع مزيدًا من الضغوط على مواردها.
وتعد إفريقيا نموذجًا بين قارات العالم في الزيادة السكانية، وتشير الإحصائيات إلى أن القارة السمراء أعلى معدل سكاني في المناطق الرئيسية، إذ سيطرت 5 دول إفريقية على النسبة الأكبر في الزيادة السكانية الأخيرة حول العالم، كونها قارة شابة، وضمت هذه القائمة نيجيريا وإثيوبيا ومصر وتنزانيا والكونغو الديمقراطية.
في مصر، سجلت السعة السكانية، نهاية مارس الماضي، نحو 104 ملايين نسمة، وقدرت الزيادة خلال 180 يومًا منذ شهر أكتوبر عام 2022 بنحو 750 ألف نسمة.
وترتكز استراتيجية الدولة المصرية في مواجهة هذه الأزمة على تقديم برامج لتنظيم الأسرة وحوافز إيجابية لتشجيع العائلات على إنجاب طفلين فقط.
وتناول الحوار الوطني المصري الذي تم إطلاقه مؤخرًا القضية السكانية ضمن قضايا المحور المجتمعي، ويركز على تخصيص الحالة السكانية المصرية وتنمية الأسرة وتنظيمها.
وفي هذا السياق، قال أحمد عاشور، مساعد لجنة الإسكان بالحوار الوطني المنعقد في مصر: "إننا عكفنا خلال الفترة الماضية على تلقي اقتراحات الخبراء والمتخصصين في هذا المجال، بالإضافة إلى الاقتراحات المقدمة من الأحزاب والقوى الوطنية المشاركة وتولت الأمانة الفنية تبويب هذه الاقتراحات وتجميعها ودراستها بعناية".
وأضاف "عاشور" لـ"القاهرة الإخبارية"، اليوم الإثنين، "حددنا في القضية السكانية 4 مشكلات أساسية يستلزم مناقشتها في الحوار الوطني، الأولى تتمثل في تشخيص الحالة السكانية، الثانية تنمية وتنظيم الأسرة المصرية، الثالثة تحسين الخصائص السكانية، والرابعة الخريطة السكانية في مصر والتوسع العمراني".
وأوضح مساعد لجنة الإسكان بالحوار الوطني، أن القضية السكانية متشابكة، فمهما حدث من نمو اقتصادي داخل الدولة يتآكل بالزيادة السكانية، ورغم صدور بيانات من الحكومة عن زيادة معدل النمو السكاني وانخفاض معدل البطالة، غير أن المواطنين لا يشعرون بهذا النمو، نتيجة أن ما يحدث يتلاشى عن طريق الزيادة السكانية.
واعتبر أن القضية السكانية من ضمن القضايا التي تناقش داخل المحور المجتمعي بذات الأهمية القصوى بالنسبة لنا ولمجلس أمناء الحوار الوطني وكذلك بالنسبة للمواطنين، تمهيدًا للوصول إلى المخرجات التي يمكن أن نخرج بها في هذا الحوار ونقدمها على مائدة رئيس الجمهورية، سواء كانت هذه المخرجات توعوية أو تحتاج إلى سن تشريعات أو تعديل في بعض القوانين القائمة، وكل ذلك سيتضح عندما يبدأ الحوار الوطني، من خلال الجان التي تناقش هذه القضايا.