استطاع مهرجان الرباط لسينما المؤلف في المغرب أن يصمد ويتطور على مدار 27 عامًا، ليستقطب رموزا سينمائية على مستوى العالم، وتتميز دورته هذا العام التي تنطلق خلال الفترة من 17 إلى 24 نوفمبر في المغرب، بكونها استثنائية مع الاحتفال باختيار الرباط عاصمة الثقافة الإفريقية والعالم الإسلامي.
وكشفت ملاك الدحموني، المديرة الفنية للمهرجان، في حوار خاص لموقع قناة "القاهرة الإخبارية"، عن تحضيراتهم للدورة الجديدة هذا العام، والأفلام المشاركة التي تصل إلى 93 فيلمًا، كما تطرقت في حوارها إلى برنامجهم للاحتفال بالسينما الإفريقية، ومعاييرهم في اختيار المكرمين بعد أن وقع اختيارهم على 7 شخصيات سينمائية من بينهم الفنانة السورية سلاف فواخرجي، كما تحدثت عن الصعوبات والتحديات التي واجهت المهرجان، وغيرها من التفاصيل في هذا الحوار:
ما الجديد الذي ستشهده دورة المهرجان في نسخته الـ 27؟
في إطار احتفاء العالم الإسلامي وإفريقيا بالرباط، حيث اختيرت هذا العام كعاصمة للثقافة في العالم الإسلامي، وعاصمة للثقافة الإفريقية، وهو الاحتفاء الذي أخذته إدارة المهرجان بعين الاعتبار، حيث تم اختيار رواندا ضيفة للمهرجان، وهو تكريم لإفريقيا، بالإضافة إلى تنظيم أنشطة موازية لهذه المناسبة.
كما نُخلّد الاحتفاء بالرباط كعاصمة للثقافة الإسلامية باستضافة أسماء لامعة من دول عربية عديدة، على رأسها مصر وسوريا وسلطنة عمان، بالإضافة إلى ترأس وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي لهذه الدورة لها ما يُزيدها تألقًا، وبجانب ذلك سنُنظم "ماستر كلاس" في المجال السمعي البصري لإفادة طلاب معاهد السينما، سيقوم بتقديمها المخرج والسيناريست الأمريكي جيروم غاري، والسيناريست الأمريكي دافيد ماكيلوب.
ومع اختيار الرباط عاصمة الثقافة الإفريقية، تم توقيع بروتوكول تعاون مع مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية برئاسة المصريين سيد فؤاد وعزة الحسيني، مع عمل برنامج للسينما الإفريقية، وعرض أفلام وتكريمات، ونشرة عن السينما الإفريقية، وأيضا ندوات وتكوينات لطلبة أفارقة خلال المهرجان.
ما تفاصيل التعاون بينكم ومهرجان الأقصر للسينما الإفريقية؟
نتعاون كل عام، وخصوصًا في اختيار الأفلام، وفي عدة اقتراحات أخرى، ولكن هذا العام تم عمل بروتوكول تعاون معهم بالتزامن مع الاحتفال بالرباط عاصمة الثقافة الإفريقية، وبما أنه مهرجان إفريقي تم عمل برنامج مشترك عن الأفلام الإفريقية التي ستعرض في مهرجان الرباط وهم 5 أفلام، وتكريم المخرج الكبير جاستون كابوري من بوركينا فاسو، وهو من كبار السينما الإفريقية وسيقوم بعمل محاضرة، والاتفاق على نشرة مع عمل مهرجان الأقصر وطبعها في الرباط لتوزيعها، وحضور مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية بعدد من أعضائه، وندوة عن تاريخ السينما الإفريقية وتطورها خلال العشرين عامًا الأخيرة.
وماذا عن الأفلام المشاركة بالمهرجان؟
سيشارك بالمهرجان هذا العام 93 فيلمًا، بينهم 12 فيلمًا تتنافس على المسابقة الرسمية، وهناك مسابقتان أخريان، الأولى مسابقة سينما المؤلف للأفلام الطويلة، وأخرى للأفلام القصيرة.
كما أن لدينا بالمهرجان أكثر من قسم مثل "سينما العالم، الأفلام الإفريقية، أفلام التكريم، الأفلام الوثائقية، والأفلام القصيرة".
هل من بين هذه الأفلام مشاركة مصرية؟
نعم ستكون هناك مشاركة مصرية لأفلام "النهاردة يوم جميل"، و" 2 طلعت حرب" بحضور مخرج العمل وعدد من الفنانين المصريين.
تكريم 7رموز سينمائية من بلدان عربية وإفريقية.. ما معاييركم في اختيارهم؟
بالفعل هم 7 رموز سينمائية تركت أعمالهم بصمة بشكل كبير على الساحة السينمائية المغربية والعربية والإفريقية، وبالنسبة لمعايير اختيار المكرمين فهم يخضعون لاختيار مسبق ونقاش داخل إدارة المهرجان، حيث يتم انتقاؤهم بعناية انسجامًا مع روح المهرجان وتفرده في سينما المؤلف.
وقد اختارت إدارة المهرجان تكريمهم في دورتها الـ 27 لعدة أسباب، أولها أن هذه الأسماء لم يُكرمها المهرجان من قبل، وأن كلاً من هذه الأسماء متميزٌ في مجاله، فالمخرج والمنتج المغربي يحظى بتكريم هذا نظير أعماله في السينما المغربية التي ترسخت في ذهن جيل مهم من المغاربة، أما الممثلان فريد الركراكي ونورة الصقلي فقد كان من المقرر تكريمهما في الدورة السابقة، إلا أن جائحة كوفيد-19 حالت دون تنظيم الدورة بشكل حضوري في أرض الواقع، حيث قدمت بنسخة رقمية (أون لاين) وهو ما جعلنا نُفضل تكريمهما وسط جمهورهما.
أما بالنسبة للسينما الإفريقية فنُكرم هذا العام قامة سينمائية في حجم الخرج جاستون كابوري، وكان له بصمة في السينما ببوركينا فاسو ويُشهد له بتميزه إفريقيًا.
وعلى المستوى العربي فقد تقرر تكريم سلاف فواخرجي الفنانة السورية المتألقة في أعمالها الدرامية، وهو تكريم للمرأة العربية من خلالها، كما نُكرّم الفنانة الخليجية فخرية خميس التي نجحت على الشاشة الفضية بأدوارها التي تلامس المرأة الخليجية ومواضيع المجتمع الخليجي.
كما سيكرم المهرجان المخرج وكاتب السيناريو الفرنسي جان بيير أميريس الذي نالت أعماله عددًا من الجوائز الدولية.
هل ما زالت أزمة كورونا تلقي بظلالها في اختيار الأفلام؟
الكل يعرف، سواء فنانين أو صناع سينما أو مهنيين وحتى عموم الناس، بأن كوفيد-19 ألقى بظلاله على صناعة السينما، إلا أنني لا أرى أنه انعكس على اختيارنا للأفلام المشاركة، ومعايير ذلك الاختيار، حيث استجمع عدد من المخرجين والمنتجين قواهم وأخرجوا أفلامًا خلال وبعد فترة كورونا مباشرة بجودة في السيناريو والأداء، ولا شك أن صناعة السينما عانت من آثار الجائحة ولا تزال، إلا أن الأفلام المنتقاة هذا العام، وأغلبها إن لم أقل كلها، قد تم إخراجها خلال هذا العام أو عام 2021 وهو دليل على أن الفن يظل صامدًا في وجه الأزمات.
وماذا عن الصعوبات التي واجهتكم في هذه الدورة؟
نحن كإدارة مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف لا نُؤمن بمنطق منافسة أو مواجهة بعض المهرجانات، حيث سعينا منذ تأسيس المهرجان قبل 27 عامًا، وهو بالمناسبة من أعرق مهرجانات السينما بالمملكة المغربية وبالمنطقة، إلى تضافر الجهود مع مهرجانات أخرى بما يحقق لبلادنا إشعاعها الفني ويبرز طاقاتها السينمائية.
يأتي ذلك من منطلق إيماننا بأن المهرجانات واجهة لمدى انفتاح أي بلد على ثقافات العالم واهتمامه بالفنون على اختلاف أنواعها، سواء كانت سينما أو مسرحًا أو موسيقى أو رقصًا إلى غير ذلك.
ولا شك أن الصعوبات كثيرة وهي دائمة موجودة، لكن ذلك يزيدنا استمرارًا على تجويد دوراتنا حتى نكون على مستوى تطلعات جمهورنا ومتابعينا.
كما أن مهرجان الرباط الدولي لسينما المؤلف هو المهرجان الوحيد الذي لم تثنه جائحة كوفيد عن الاستمرار، حيث نظّم دورتيه السابقتين في نسخة رقمية، ونسعد حين نرى المهرجانات الأخرى وقد حققت نجاحاتها المرجوة لأن نجاحها من نجاح المنظومة الفنية بالمملكة المغربية.
وبالنسبة للصعوبات كانت تتمثل في تأثير فترة كورونا التي أثرت علي كل المهرجانات، حيث كانت فترة صعبة، وانخفاض الميزانية كثيرًا، حيث كانت شبه منعدمة، ولكن الحمد لله يعمل معنا فريق عمل متعاون واستطعنا أن ننجح سويا، هذا بالإضافة إلى حالة الإغلاق التي شهدتها فترة كورونا، حيث فكرنا في عمل أفلام أون لاين وبرامج لكي يشاهدها الجمهور، لكنهم لم يكونوا معتادين على مشاهدة الأفلام والالتقاء بالمهرجان رقميًا في التجربة الأولى، ولكن الجمهور تأقلم مع الوضع وكانت التجربة الثانية أفضل.