بالتزامن مع احتفال العالم بعيد العمال، وعلى وقع التظاهرات السابقة من أجل إلغاء قانون رفع سن التقاعد بفرنسا، وعدت النقابات العمالية باستعراض ضخم للقوة، اليوم الإثنين (الأول من مايو)، إذ يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المزيد من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، في وقت يسعى إلى توجيه البلاد نحو قانون التقاعد المثير للانقسام في الشارع.
وتزايد الغضب العمالي والاضطرابات الاجتماعية، بعد أن وقع "ماكرون" الشهر الماضي قانونًا يقضي برفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عامًا، رغم أشهر من الإضرابات ضد مشروع القانون.
ومنذ ذلك الحين، يحاول مع وحكومته طي صفحة حلقة السخط الشعبي، وهي واحدة من أكبر التحديات لولايته الثانية.
إلا أن المحتجون أطلقوا صيحات الاستهجان وقرعوا على الأواني في وجهه خلال زيارته لبعض المقاطعات الفرنسية للقاء أفراد من الجمهور، وأيضًا عندما حضر مباراة لكرة القدم يوم السبت الماضي، استقبله نشطاء وهم يلوحون بالبطاقات الحمراء.
وتأمل النقابات والمعارضة في إقبال جماهيري في مسيرات عيد العمال، لإيصال رسالة لماكرون مفادها بأنهم مستمرون في معارضة إصلاح المعاشات التقاعدية.
دعوات النقابات
ودعا فرانسوا روفين، عضو البرلمان عن فرنسا الأبية، جميع الرجال والنساء الفرنسيين للخروج والاستمتاع بالشمس أثناء دفع عربات الأطفال في شوارع باريس وبقية البلاد.
وقال عضو البرلمان لمحطة "بي أف إم تي في" الفرنسية، قبل العطلة الرسمية: "الآن أصبحنا متأكدون أن عام 2023، من أسوأ الأعوام في تاريخ العمل والعمال في البلاد".
أظهر استطلاع أجرته مجموعة استطلاع IFOP الشهر الماضي أن ما يقرب من ثلاثة من كل أربعة فرنسيين غير راضين عن ماكرون.
وشهدت فرنسا عشرات الأيام من الإضرابات والاحتجاجات على مستوى البلاد ضد ماكرون وقانون رفع سن التقاعد منذ منتصف يناير، والتي تحول بعضها إلى أعمال عنف.
إلا أن الزخم تضاءل في الإضرابات والمظاهرات الأخيرة التي نظمت خلال أسبوع العمل، إذ يبدو أن العمال غير مستعدين لمواصلة الإضراب والتضحية بأجورهم.
كانت الاحتجاجات اتخذت في الأسابيع الأخيرة نبرة روح الدعابة أكثر، وعلق المتظاهرون أدوات المطبخ لإحراج ماكرون، وذلك خلال خطاب ألقاه أمام الأمة بعد الموافقة على قانون التقاعد الشهر الماضي، وواصل النشطاء هذه الممارسة في بعض زياراته في جميع أنحاء البلاد.
بطاقة حمراء
بالقرب من استاد فرنسا خارج باريس يوم السبت الماضي، وزع نشطاء نقابيون بطاقات حمراء وصفارات على مشجعي كرة القدم القادمين لمشاهدة نهائي كأس فرنسا.
وكتبوا "بطاقة حمراء للاعتزال عند 64" قبل المباراة التي تغلب فيها تولوز على نانت.
لكن أفراد الأمن صادروا معظم الصفارات عندما دخل المشجعون الملعب، ولم يُسمع الكثير من الاحتجاج في وقت العمل المخطط له وهو 49 دقيقة و30 ثانية من المباراة.
كان هذا التوقيت إشارة إلى المادة 49.3 المثيرة للجدل من الدستور، والتي استندت إليها رئيسة الوزراء إليزابيث بورن في مارس الماضي، لتمرير إصلاح نظام التقاعد من خلال البرلمان دون تصويت في مجلس النواب.
احتجاج النقابات
كانت النقابات العمالية انسحبت من المحادثات مع بورن في أوائل الشهر الماضي، بعد أن رفضت التزحزح عن المقياس الرئيسي لإصلاح المعاشات التقاعدية لرفع سن التقاعد، لكن الاتحاد الديمقراطي الفرنسي المعتدل للعمل، كان له رأي آخر، إذ أشار زعيم النقابة لوران بيرجر، يوم الأحد، أن ذلك لا يعني إنهاء جميع المحادثات بين النقابات والحكومة، حتى بعد توقيع الإصلاح ليصبح قانونًا، مؤكِدًا أنه إذا تمت دعوة، الاتحاد الديمقراطي الفرنسي للعمل، سيذهب ويتحدث "كما يفعل الاتحاد مع أي رئيس شركة، حتى بعد فترة وجيزة من قيام ذلك الرئيس بأفعال سيئة".