أقر المجلس الدستوري الفرنسي شرعية قانون إصلاح نظام التقاعد المُثير للجدل في فرنسا، والذي ينص على رفع سن التقاعد إلى 64 عامًا، وأصدر الرئيس، إيمانويل ماكرون، المرسوم الرسمي بعد ساعات قليلة، لكن برلمانيين يساريين تقدموا بطلب "استفتاء مبادرة متبادلة" إلى المجلس الدستوري؛ بهدف تعليق تطبيق القانون الجديد.
حاورت "القاهرة الإخبارية"، إيف سينتومر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة باريس وزميل مركز "آش للحكم الديمقراطي" بجامعة هارفارد، والمدرس بجامعة أكسفورد، عن مأزق قانون إصلاح التقاعد، والذي أدخل فرنسا في أزمة سياسية، وإلى نص الحوار..
** هل تتفق مع وجهة نظر الرئيس ماكرون في أن قانون "إصلاح التقاعد" كان أمرًا لا بد منه؟
رغم أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قال في خطابه الأخير، إنه استمع إلى غضب الشارع الفرنسي من رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عامًا، لكنه أصر على أن ذلك ضروري للحفاظ على نظام التقاعد قائمًا، أعتقد أنه كان لا بد من القيام بشيء ما ولكن كانت هناك حلول الأخرى في الإمكان، وكانت المشكلة أن القانون الذي تم إقراره لم يكن عادلًا، ولم يؤيده أحد، لا أحزاب المعارضة ولا النقابات العمالية، وأعتقد أن فرنسا مثل الكثير من البلدان بحاجة إلى "إصلاح عادل" ليس فقط في نظام التقاعد ولكن بشكل عام للحفاظ على سلامة المجتمع الفرنسي.
** ماذا تقصد بـ"الإصلاحات العادلة"؟
في فرنسا، يواجه الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 55 عامًا صعوبة كبيرة في العثور على وظيفة أو قد لا تكون لديهم فرصة للعمل على الإطلاق، على الرغم من أنهم يتمتعون بالفعل بالخبرة، ولذا فإن إضافة عامين آخرين إلى سن التقاعد لا يضر هؤلاء فحسب، فهناك أيضًا تداعيات أخرى، مثل مشاكل البطالة بين كبار السن، وحتى بالنسبة للشباب، فالذين بدأوا عملهم وحياتهم العملية في سن العشرين، سيُطلب منهم العمل حتى 64 عامًا، بينما بدأ شخص آخر مسيرته المهنية بعد ذلك بكثير، على سبيل المثال يبدأ أساتذة الجامعات العمل في وقت متأخر، وبالنسبة إلى الطبقة العاملة الذين يؤدون أعمالًا يدوية، سيؤثر ذلك عليهم، وبينما تظهر أغلب الإحصائيات أن معظم أغنياء فرنسا من أصحاب الملايين قد زادت ثرواتهم أخيرًا، فلماذا لا يتم دمجهم ليكونوا جزءًا من الحل بدلًا من الضغط على الطبقة العاملة؟
** هل تعتقد أن دعوة ماكرون للحوار حول القانون قد تخفف التوترات في الشارع الفرنسي؟
هذه المشاكل والعنف غير شائعة ولا طبيعية في فرنسا، وستحاول الحكومة جاهدة تقديم بعض المقترحات الملموسة والمهمة؛ من أجل أن تجد طريقة لجعل البلاد أكثر سلامًا.
**هل تتوقع استمرار المظاهرات، أو أن تقوم النقابات بإجراءات مماثلة لتحقيق نوع من التغيير، حتى وإن لم تنجح في تعليق العمل بالقانون؟
من المُحتمل أن تستمر بعض المظاهرات، ولو سارت على نهج "السترات الصفراء"، ربما تحقق نتائج جيدة، أعني أنها لن تكون مظاهرة ضخمة، وبالنظر إلى المظاهرات خلال الشهرين الماضيين، إذ لا يزال بإمكان أقلية من الناس الاستمرار في التركيز لإيجاد حل، وهذا يُعد احتمالًا وإن كان لا يزال غير مُؤكد.
** هل ترى أن الحل الوحيد هو الإضرابات وتفاوض النقابات العمالية مع الحكومة؟
ينبغي على الحكومة أن تظهر مصداقية حقيقية، وتُعلن رغبتها في التفاوض، لكن المشكلة هي فقدانها المصداقية، وسيكون من الصعب للغاية استعادة جو من الثقة بين الحكومة والنقابات، لذا فإن الطريق صعب وأنا مُتشائم بشأن ذلك.