بدأت كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي جو بايدن، جولتها في إفريقيا، اليوم الأحد، والتي تستهدف الترويج لسياسة واشنطن الجديدة إزاء القارة، والاستراتيجية الجديدة التي ترى فيها مستقبل العالم، فضلًا عن مواجهة تصاعد النفوذ الصيني.
أسبوع كامل تدشن الولايات المتحدة من خلاله مزيدًا من الخطوات لتعزيز حضورها في القارة الإفريقية، وتوسيع أطر التعاون الاقتصادي والأمني بين الجانبين، إذ من المقرر أن تشمل الجولة كلًا من غانا وتنزانيا وزامبيا، وتركز جولة "هاريس" على بحث فرص التنمية الاقتصادية الموجهة للشباب، والتأكيد على السياسة الأمريكية الجديدة بعيدة عن المباراة الجيوسياسية مع القوى الكبرى المنافسة في إفريقيا.
وتأتي زيارة "هاريس" كخامس جولة رئيسية لمسؤول كبير في الإدارة الأمريكية منذ قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا في ديسمبر الماضي، إذ سبقها وزيرا الخارجية أنتوني بلينكن، والخزانة جانيت يلين.
المسؤولون الأمريكيون أكدوا عشية زيارة نائبة الرئيس الأمريكي على تفهم واشنطن للعلاقات التاريخية بين الدول الإفريقية والاتحاد السوفييتي السابق، في مقابل مخاوف أمريكية متزايدة من تطور التعاون بين إفريقيا والصين لاسيما في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد والدفاع، وأنه بهذه الزيارة ستكون "هاريس" أكبر مسؤول أمريكي يزور إفريقيا، في مسار جديد يسعى به البيت الأبيض إلى تعزيز علاقاته مع القارة السمراء من جهة، وموازنة استثمارات ونفوذ روسيا والصين من جهة ثانية.
نظرة إفريقية إيجابية تجاه بكين وموسكو
وبحسب إدموند غريب، أستاذ العلاقات الدولية من واشنطن، فإن هناك الآن صراعًا كبيرًا قائمًا بين الولايات المتحدة والصين وروسيا داخل إفريقيا، والأخيرتان لديهما تاريخ في هذه المنطقة.
وأوضح "غريب"، لـ"القاهرة الإخبارية"، أن الدول الإفريقية كانت ولا زالت تنظر نظرة أكثر إيجابية تجاه بكين وموسكو، بسبب أن الصين والاتحاد السوفييتي قدما الكثير من الدعم لدول القارة، التي حاربت ضد الاستعمار الغربي، وهذا الأمر لم تنسه هذه الدول.
وأضاف أستاذ العلاقات الدولية، أن الصين تتفوق على روسيا وأمريكا بالنسبة لوضعها الاقتصادي وعلاقاتها التجارية مع القارة السمراء التي بلغت نحو 254 مليار دولار في 2021، وبالتالي فإن هذه الأرقام الكبيرة أثبتت وجود بكين، فلديها قدرة على التفوق على أي منافس.
وذكر أن الصين متطورة ولديها إنجازات في مجال البنية التحتية والجسور والموانئ والمطارات، كما أنها قادرة على تقديم الدعم المالي والقروض، لافتًا إلى أنه من الصعب أن تنافس الشركات الأمريكية نظيرتها الصينية.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة هي الأخرى لديها قدرات أخرى يمكن أن تستفيد منها القارة، في مجالات مثل: الصحة والطاقة النظيفة والتقنية المالية، بالإضافة للاهتمام الأمريكي بالأفارقة الموجودين على أرضها، والذين تستغلهم الولايات المتحدة لتعزيز علاقاتها مع بعض الدول الإفريقية.
لهاث أمريكي للحاق بالصين
ومن القاهرة، قال سيد مكاوي زكي، أستاذ العلاقات الدولية، إن الولايات المتحدة تلهث للحاق بالصين، فنفوذ بكين في أفريقيا قوى للغاية في كل المجالات، مشيرًا إلى أنه في عام 2008 بلغ حجم التجارة بين واشنطن وإفريقيا نحو 160 مليار دولار، وانخفض اليوم إلى 60 مليار دولار، في وقت بلغ فيه حجم التجارة بين بكين وإفريقيا نحو 250 مليار دولار.
وأوضح "مكاوي"، لـ"القاهرة الإخبارية"، أن هناك انطباعًا في إفريقيا بأن الصين مرحب بها كشريك تجاري واستثماري، إذ لا تضع شروطًا لهذا الاستثمار أو الشراكة الاقتصادية، لكن هناك شرطًا سياسيًا واحدًا وهو الاعتراف بمبدأ الصين الواحدة.
وأضاف، أن الصين تحاول أن تساعد إفريقيا بكل الطرق، وتتمسك بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الإفريقية، كما أنها تؤمن بحق جميع الدول الإفريقية في أن تختار طريقها للتنمية.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية أن الدور الصيني مرحب به داخل إفريقيا لأنه غير مشروط، في الوقت الذي تضع الولايات المتحدة شروطًا في برامج المساعدات الخاصة بها وفي التعاون الاقتصادي، بضرورة التمسك بما تسميه واشنطن حقوق الإنسان وبمحاولة نشر الديمقراطية في إفريقيا، وأحيانًا هذه الأجندة لا تناسب الدول الإفريقية ولا ظروفها.