الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

المرتزقة.. أدوات لحسم المعارك وتبرئة الدول من جرائم الحرب

  • مشاركة :
post-title
عناصر من شركة فاجنر الروسية

القاهرة الإخبارية - أحمد الضبع

المال هو دافعهم الوحيد للقتال، وسيدهم من يدفع أكثر.. لا يقاتلون من أجل عقيدة أو وطن.. عرّفهم البرتوكول الأول لعام 1977 الملحق باتفاقية جنيف على أنهم "مجموعة أشخاص يُجندون محليًا أو في الخارج، يقاتلون في نزاع مسلح لتحقيق مكسب شخصي، فهم ليسوا أطراف نزاع ولا أعضاء في جماعة مسلحة نظامية".. هكذا عُرفوا عبر التاريخ، وازدهر دورهم في الحروب، إنهم "المرتزقة".

اتهامات كلامية تشهدها الحرب الروسية الأوكرانية في عامها الثاني، حيث تتهم كل دولة الأخرى باستخدام مرتزقة في صفوفها لتحقيق انتصارات ساحقة في أرض المعركة، ومع تقدم القوات الروسية صوب مدينة باخموت شرق أوكرانيا، وتزداد التساؤلات حول دور المرتزقة في التاريخ قديمًا كان أو حديثًا.

وفي هذا السياق، أوضح رامي القليوبي، الأستاذ بمعهد الاستشراق، أن أفراد الشركات العسكرية الخاصة، سواء كان ذلك في روسيا أو الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى فهم يشكلون أداة فعالة أثناء الحروب، لأنه إذا تم الاعتماد على أفراد الجيش النظامي في المعارك عالية المخاطر، فإن ذلك سيؤدي إلى سقوط عدد كبير من القتلى.

وأضاف القليوبي، لـ"للقاهرة الإخبارية" من موسكو، أن أي دولة كبرى لا تريد إزعاج الناخبين الموالين بمشاهد لجنازات عسكرية، وسماع أسئلة من قبيل لماذا يقتل خير شبابنا في الخارج سواء في أوكرانيا أو سوريا، أو كما كان حال الولايات المتحدة في العراق عندما لجأت إلى شركة بلاك ووتر الأمريكية في حربها في بغداد.

الخبرات القتالية

ولفت الأستاذ بمعهد الاستشراق، إلى أن المرتزقة أكثر كفاءة قتالية من الجنود، لأنه في الحالة الروسية مثلًا، فالعديد من مقاتلي شركة "فاجنر" سبق لهم المشاركة في أعمال القتال سواء في الحربين الشيشانيتين في تسعينيات القرن الماضي وبداية القرن الجديد، أو الحرب في جورجيا عام 2008، وبالتالي هم أكثر خبرة قتالية مقارنة بالجنود الذين يقضون معظم الوقت في الثكنات العسكرية.

"الشركات شبه العسكرية الخاصة تتيح للدول تبرئة نفسها من تجاوزات أو حوادث عسكرية، مثل فضيحة سجن أبو غريب التي وقعت في العراق إبان الاعتداء الأمريكي" وفق ما يراه القليوبي من الاتجاه للاعتماد على المرتزقة.

وتابع: "روسيا تستنسخ النموذج الغربي في حربها في الأراضي الأوكرانية، فإذا كان من الحلال أن توظف الولايات المتحدة شركة بلاك ووتر في العراق، فلماذا حرام على روسيا أن تعتمد على شركة فاجنر في سوريا وأوكرانيا".

وأوضح أن الفارق الجوهري الوحيد بين واشنطن وموسكو، أن القانون الأمريكي ينظم أعمال الشركات العسكرية الخاصة، غير أنها في الحالة الروسية تقع ضمن المنطقة الرمادية من القانون، لأن المشرع الروسي يحظر صراحة تجنيد المرتزقة وإشراكهم في أعمال القتال، وهو ما جعل شركة فاجنر تعمل في الظل.

وفي سياق متصل، يرى عمر إسماعيل، القيادي بحزب العمال البريطاني أن المرتزقة لا يعملون ضمن شركات شبه عسكرية فقط، وإنما الميلشيات المختلفة التي نجدها منتشرة وتتلقى تمويلًا من أنظمة عديدة في منطقة الشرق الأوسط وليس لها حصر.

واستدل إسماعيل، في تصريحات لـ"القاهرة الإخبارية"، بالميليشات التي انتشرت في دولة أفغانستان إبان فترة الجهادي أسامة بن لادن، والتي كان يتم تمويلها بشكل خاص من منظمات دولية ومن أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية لهزيمة وتفكيك الاتحاد السوفييتى في ذلك الحين.

وأشار القيادي بحزب العمال البريطاني من العاصمة لندن، إلى أن الدور الذي تلعبه الميليشيات يماثل تمامًا ما تقوم به الشركات شبه العسكرية وشركة "فاجنر" الروسية في أوكرانيا.

وقال إن وجود مجموعات مرتزقة داخل المنظمة العسكرية الأوكرانية، نوهت عنه العديد من التقارير الخاصة من وزارة الخارجية الأمريكية قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، لأنها جماعات تضطهد الأقلية الروسية في المناطق المتاخمة للحدود الأوكرانية"، لافتا إلى أن هذه الجماعات لا تزال تخدم النظام الأوكراني الآن، رغم أنها تعمل خارج القانون الدولي، الذي يحتم على الدول المشاركة في الحروب احترام حقوق الإنسان ومراعاة المدنيين".

لعبة سياسية

ويرى القيادي بحزب العمال البريطاني أن وجود المليشيات والشركات شبه العسكرية التي تعرض خدماتها على الساحة بمقابل مادي أو عيني، أصبح لعبة أساسية لجميع الدول، حتى تتنصل هذه الدول من المسؤولية القانونية عالميًا.

ومن واشنطن، أوضح ريتشارد وايتز، الخبير الاستراتيجي، أن التكنولوجيا تساعد هذه المجموعات من زيادة وتوسعة قدراتهم العسكرية والانتشار وتوفير برامج تدريبية على الإنترنت، وهو ما أتاح فرصة أمام المرتزقة لتنفيذ أعمالهم الإرهابية، مثلما حدث في الفلبين وإندونيسيا.

وأكد الخبير الاستراتيجي أنه ليس من المعتاد أن تستخدم هذه الجماعات لإظهار القوة الكبيرة، فعلى سبيل المثال يتم الاعتماد على القوات المسلحة المحترفة وليس المرتزقة في الحرب الروسية الأوكرانية، لافتًا إلى أنه يمكن استغلال المرتزقة بشكل أفضل عندما تحتاجها القوات النظامية، وهو الحال في الحرب الروسية الأوكرانية، بعد أن طال أمدها.

ومن أنجمينا، قال أحمد يعقوب مدير مركز الوقاية من التطرف، أن ظاهرة استخدام المرتزقة ليست حديثة ولجأ إليها الغرب قبل الروس في حربهم بالأراضي الأوكرانية، مستشهدًا بجماعات بلاك ووتر الذين تم استخدامهم أثناء الغزو الأمريكي للعراق.