الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

رائد الفلكلور اللبناني زكي ناصيف.. رفض التجارة وتأثر بأم كلثوم وعبد الوهاب

  • مشاركة :
post-title
اللبناني زكي ناصيف

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

"الإنسان ابن بيئته ويتأثر بها"، كانت تلك الكلمات التي قالها المطرب والملحن اللبناني زكي ناصيف، واقعًا وتجسيدًا لتأثره بمجتمعه اللبناني، حيث لقّب بـ"فنان الفلكلور اللبناني"، فهو واحد من أهم المطربين الذين أثروا في لبنان، إذ نشأ في أسرة تحب الفن، فكانت والدته تمتلك صوتًا جميلًا، رغم أنها لم تكن مطربة ولكن أغانيها التي تشدو بها داخل بيتها خلال قيامها بأعمالها المنزلية كان لها تأثير كبير على نفس هذا الفنان في عمر الصبا.

لم يسمع "ناصيف" الذي تحل ذكرى وفاته في مثل هذا اليوم عام 2004، لنصيحة والده بأن يركز في التجارة- ليرثها عنه مستقبلًا، إذ كان حبه للفن وشغفه دافعًا له للسير في هذا الطريق، فيقول "ناصيف" عن ذلك: "رغم حب أهلي للفن ولكن والدي كان يحاول أن يأخذني للتجارة، غير أنني اتجهت للفن؛ لأنه ليس مضيعة للوقت".

أصيب "ناصيف" بأزمة صحية في صغره في عمر العام ونصف العام، نتج عنها "شلل قدمه"؛ بسبب خطأ طبي نجم عن حقنة أخذها على يد أحد الأطباء، ليقول "ناصيف": "لم أكن أقوى على اللعب مع الأطفال؛ بسبب إصابتي بشلل في قدمي، وعندما ذهبت إلى بيروت بدأت في لعب الرياضة، ولكنني كنت أجد نظرة عطف ممن حولي، وكان حبي للفن يزيد مع الوقت وتميزت منذ صغري بحبي للموسيقى".

تأثر "ناصيف" بالعديد من الشخصيات في مجال الموسيقى، ومن بينهم الشيخ سلامة حجازي وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، والذين وصفهم بأنهم كان لهم فضل كبير على الموسيقى والغناء على مستوى الوطن العربي، وذلك بحسب ما أكده في لقاء سابق له.

بدأ الموسيقار الراحل بالعزف على العود وغناء أغنيات غيره في الثلاثينيات، وخاصة كوكب الشرق ومحمد عبد الوهاب، قبل أن يقدم لنفسه وغيره أغاني خصيصًا، وكان من أبرز الأغنيات التي أثرت فيه أغنية "يا جارة الوادي" لمحمد عبد الوهاب.

ماجدة الرومي

ساهم زكي ناصيف في إنعاش الأغنية اللبنانية بألحانه وصحبة الأخوين رحباني وعدد من الأشخاص، قدم زكي ناصيف فرقة تحمل اسم "عصبة الخمسة"، وحاول من خلالها تطوير الغناء النمطي الذي كان موجودًا آنذاك؛ لمحاولة اكتشاف أنواع من الألحان التراثية والفلكلورية.

قدّم ناصيف أول ألحانه في بداية مشواره لمدرسته، وكانت تقول كلماتها "معهدي معهد السلام لك حبي واحترامي يتبعاني للضريح"، لتتطور موسيقاه فيما بعد، إذ قام بغناء وتلحين أول ألحانه بإذاعة الشرق الأدنى في بعلبك عام ١٩٥٣ بقصيدة حملت اسم "كيف أنساك وفي عيني وبالي".

شارك الموسيقار الراحل كبار المطربين بأغانٍ من تأليفه وألحانه، مثل الفنانة ماجدة الرومي، والتي قدم لها أغنية "يا بلادنا"، و"ليلتنا من ليالي العمر"، كما قدّم للفنانة صباح أغنية "يا جبال بلادي الخضرا"، "تسلم يا عسكر لبنان" وغيرهما، ومع وديع الصافي قدّم الكثير من الأغاني مثل "صبحنا وفجر العيد"، و"يا خيام الهنا"، "طلوا حبابنا" وغيرها.

فيروز

كان زكي مطلعًا على الثقافات وتعلّم الموسيقى الروسية من الروس أنفسهم والمصريين أيضًا، ليقول عن ذلك: "تعلمت من الروس موسيقى بيتهوفن، وتأثرت بالموسيقى العالمية من محمد عبد الوهاب ومحمد القصبجي الذي كان يُلحن لأم كلثوم، وكنت دائم البحث في الأصول العالمية، مما ميّز موسيقاي، خاصة أنني تربيت على الألحان البيزنطية، وأرى أنه لابد أن يكون الموسيقار مُلمًا بكل المدارس، سواء الكلاسيكية، الروسية، الألمانية، وغيرها".

أحدثت كلمات وألحان وموسيقى زكي ناصيف ثورة في الأغنية اللبنانية؛ ليكون من الفنانين المؤثرين، فعلى مدار 74 عامًا وهو عمر مشواره الفني الذي بدأه منذ عام 1926 وحتى 2000، قدم مئات الألحان والأغاني من كلماته وألحانه وبصوته أيضًا، كما تبنى الكثير من المواهب الشابة وقدمهم للساحة، لتظل موسيقاه خالدة في نفوس اللبنانيين، رغم رحيله منذ 19 عامًا.