الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

في يومها العالمي.. قضايا المرأة حضور دائم في السينما المصرية

  • مشاركة :
post-title
فاتن حمامة في فيلم امبراطورية ميم

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

شغلت قضايا المرأة والتحديات التي تواجهها محورًا مهمًا من أفلام نجمات بارزات في السينما المصرية، إيمانًا منهن بضرورة تحسين أوضاع المرأة، وأهمية الدفاع عنها، لتحمل شرائط سينمائية هموم المرأة المصرية والعربية، لاقت صدى واسعًا وتعد من علامات الفن المصري.

في اليوم العالمي للمرأة الذي يحتفل العالم أجمع به تقديرًا لدورها المهم والحيوي في المجتمع، نجد أن شاشة السينما المصرية عبر مختلف الفترات ومع تعاقب السنين، عبّرت عن قضايا المرأة وآمالها وتطلعاتها ومعاناتها أيضا، بل إن كثيرًا من الأعمال صنعت حراكًا مجتمعيًا، وساهمت في تعديل قوانين وتغيير مفاهيم نحو قضايا مهمة تخصها.

وتعد النجمة فاتن حمامة نموذجًا واضحًا للفنانات اللاتي تصدين للدفاع عن قضايا المرأة، من خلال إنتاجات سينمائية بارزة منها "أفواه وأرانب" الصادر عام 1977 وشاركت في بطولته مع الفنان الراحل محمود ياسين، وناصرت من خلال المرأة المعيلة وتصدت لخطورة كثرة الإنجاب، لنراها من خلال سيناريو محكم للمؤلف سمير عبد العظيم تجسيد دور "نعمة" الفلاحة المصرية البسيطة التي لم تلق حظًا وافرًا من التعليم، وجاءت من الأرياف من أجل لقمة العيش وهروبًا من محاولة أسرتها تزويجها من شخص آخر، مقدمة نموذجًا للمرأة القوية التي تتغلب على ظروفها وتواجه المجتمع وتثبت نفسها في سوق العمل بل إنها تمرر من خلال الفيلم رسائل داعمة للمرأة لتغيير نظرة المجتمع لها، وأيضًا تسليط الضوء على قضية كثرة الإنجاب وأيضا مشاكل المرأة المعيلة.

فاتن حمامة

ومن فلاحة بسيطة إلى سيدة متعلمة، عبّرت سيدة الشاشة العربية أيضًا عن قضايا المرأة المعيلة في فيلم "امبراطورية ميم" مستعرضًا الشريط السينمائي الصادر عام 1972 المشكلات التي تواجه الأرملة التي توفي زوجها وتواجه مسؤولية تربية أبنائها على القيم والمبادئ، إذ جسدت دور "منى" مفتشة في وزارة التربية والتعليم تتولى رعاية أبنائها على اختلاف أعمارهم، ومن خلال قصة اجتماعية ممزوجة بخط رومانسي استطاعت أن تصف الصراع الذي تعيشه المرأة المعيلة بين مسؤوليات الأولاد والعمل في ظل غياب الأب، وأيضًا البحث عن الحب كأنثى تحركها مشاعرها في فيلم حمل بصمات المخرج حسين كمال.

فترة السبعينيات أيضًا شهدت دور السينما فيلمًا لفاتن حمامة بعنوان "أريد حلا" أطلقت من خلاله صرخات استغاثة ضد قوانين أحوال شخصية لا تعطي المرأة حقها، مجسدة دور "درية عزمي" السيدة المغلوبة على أمرها التي تحاول الطلاق من زوجها ولكنه يعاندها ويرفض، ليكون من أكثر الأفلام التي عبّرت عن معاناة المرأة في الحصول على الطلاق مع استحالة العيشة، ونموذجًا بارزًا تستدعيه ذاكرة السينمائيين والنقاد مع كل حديث عن دور السينما في التعبير عن قضايا المرأة.

فيلم للرجال فقط

نادية لطفي وسعاد حسني

رافق فاتن حمامة في مشوارها للتعبير عن قضايا المرأة العديد من النجمات البارزات، منهن نادية لطفي وماجدة الصباحي ومديحة يسري وسعاد حسني وشادية وغيرهن، شاركن في الكثير من الأعمال التي تناولت المشكلات والأزمات التي تواجهها المرأة، متنقلات ما بين أنواع فيلمية عدة منها الدرامي والكوميدي والرومانسي، ومناقشة قضايا مختلفة أبرزها عن حرية المساواة مع الرجل والدعوة إلى التحرر مثل "المراهقات" و"للرجال فقط" و"النظارة السوداء" و"تحيا الستات" و"مراتي مدير عام" غيرها من عشرات الأفلام.

واللافت للنظر أن قضايا المرأة اللائي عبرت عنها ممثلات مصريات لامعات صاغ خطوطها الدرامية وقصصها مؤلفون رجال، ليكون لهم المساهمة الأكبر في هذا المجال، ومن أبرز الكتاب والروائيين الذين تناولوا مشكلات المرأة الكاتب إحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ.

فيلم أحلام هند وكاميليا

تطور في تناول القضايا

حول هذه الشرائط السينمائية رصدت الناقدة الفنية ماجدة موريس في تصريحاتها لموقع "القاهرة الإخبارية" مراحل تطور تناول قضايا المرأة في المجتمع تبعا لاختلاف الفترة الزمنية، قائلة إن الكثير من أفلام الخمسينيات والستينيات التي تناولت قضايا المرأة قدمت الفتاة أو السيدة التي تعاني من قيود شديدة تعيق حركتها وتبحث عن الحرية، وتنادي بالمساواة من خلال أعمال منها "أين عمري"، و"المراهقات"، و"الباب المفتوح" وغيرها الكثير من الأفلام.

وأشارت ماجدة موريس إلى أنه في فترة الثمانينيات وتزامنًا مع ظهور مجموعة من السينمائيين الجدد قدموا ما يسمى بالواقعية الجديدة، في مرحلة انفتاح كبير في تقديم أفلام عن المرأة على يد مخرجين مثل عاطف الطيب وداود عبد السيد ومحمد خان، ويسري نصر الله، منها "الحب فوق هضبة الهرم"، الذي شهد تطور الدفاع عن حقوق المرأة من مناقشة عدم حصولها على حقوقها، إلى حريتها في اختيار شريك حياتها حتى وإن كان أقل منها اجتماعيًا، كما أن أفلام مثل "أهل القمة"، "الكيت كات"، و"أحلام هند وكاميليا" شهدت مساحات من التنوع في تناول علاقة المرأة والرجل، لتشهد تعبيرًا قويًا وإعادة فتح قضايا المرأة بشكل أكثر عدالة ومصداقية بأنامل مخرجين وكتاب يصيغون سينماهم الخاصة.

أما عن أفلام المرأة في الألفية الجديدة قالت ماجدة موريس إن هذه الفترة شهدت صعود نجوم شباب بأفلام وإنتاجات سينمائية عديدة، وتراجعًا في تقديم موضوعات المرأة، لكن رغم ذلك ظهرت بعض الأفلام التي تناصر قضيتها ومنها "يوم للستات" للمخرجة كاملة أبو ذكري، وهو من أكثر الأعمال الحديثة التي طالبت بالمساواة مع الرجل، من خلال قصة طريفة لفتاة تذهب إلى حمام السباحة داخل مركز شباب ثم يتم تخصيص يوم للسيدات تذهب فيه النسوة للاستحمام داخله وهو ما يسبب ضيق للرجال من مساواتها معهم خلال أحداث العمل.

من كواليس فيلم يوم للستات

اهتمام بالمرأة في السنوات الأخيرة

ومن جانبها قالت الناقدة الفنية خيرية البشلاوي لـ "القاهرة الإخبارية" إن قضايا المرأة في السينما تناولها كتاب رجال مبدعون منهم إحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ ويسري الجندي وأسامة أنور عكاشة، فدائما المرأة مرتبطة بالكاتب، ولكن لابد أن نذكر الكاتبة فتحية العسال والتي كتبت "هي والمستحيل" وغيرها من الأعمال التي أنصفت المرأة وتؤكد أن السيدة قادرة أن تكون فاعلًا وليس مفعولًا به.

وأوضحت خيرية البشلاوي أنه في السنوات الأخيرة ورغم اهتمام الدولة بالمرأة، لكن لم يترجم الكتّاب ذلك إلى أعمال فنية تعكس قضاياها بشكل دقيق، مؤكدة أن المرأة لن تتحرر إلا بتحرر عقل الرجل، وأن موضوعاتها وتحدياتها لا بد أن تقدم فنيًا بشكل يناسب الواقع وقضاياها الحالية، منتقدة النظر لها في بعض الأعمال الفنية على أنها سلعة.