الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

حسابات تايوان.. كيف ينعكس قرار تمديد الخدمة العسكرية على أمن الجزيرة؟

  • مشاركة :
post-title
تساي إنج-وين في تدريب عسكري سابق لقوات تايوان

القاهرة الإخبارية - ضياء نوح

أعلنت رئيسة تايوان تساي إنج-وين، في 27 ديسمبر 2022، "تحولات عسكرية بنيوية" بتمديد فترة الخدمة العسكرية، على ضوء التوترات مع البر الرئيسي الصيني، وتعزيز الاستعداد القتالي لقواتها في مواجهة مساعي محتملة لضم الجزيرة بالقوة. وطالما أن القرارات الجديدة تتزامن مع تشديد الولايات المتحدة على التزامها بأمن الجزيرة، وتقديم حزم دعم تقدر بنحو 10 مليارات دولار بموجب قانون تفويض الدفاع الوطني، ويبقى السؤال: كيف تنعكس التطورات المذكورة على أمن الجزيرة؟

تحقيق الردع:

أجرت تساي إنج-وين تغيرات هيكلية في سياساتها الدفاعية عقب لقائها كبار مسئولي حكومة تايبيه لبحث الأمن الاقتصادي والقومي لتايوان لمواجهة تدخل عسكري صيني محتمل في الفترة المقبلة، حسب وكالة الأنباء المركزية التايوانية، هي كالتالي:

(*)خدمة عسكرية إلزامية: تضمن التحول إلى نظام الخدمة العسكرية الإلزامية، تطبيقه على جميع الذكور بداية من مواليد 2005، وزيادة مدة الخدمة من 4 أشهر إلى عام، ابتداءً من يناير 2024، مع تقديم حوافز مالية إضافية للمجندين تشمل رفع الراتب الشهري من 6.510، إلى 20.320 دولار تايواني، لتغطية تكاليف المعيشة خلال مدة الخدمة الجديدة. وأكدت تساي أن ذلك التوجه بات خيارًا إجباريًا لأن "السلام لا يسقط من السماء".

(*) توزيع مهام الأمن والدفاع: شملت القرارات تكليف القوات المتطوعة بالدفاع عن أراضي وأجواء تايوان ومجالها البحري المحيط، فيما تتولى قوات التجنيد الإجباري الجديدة مهام الدفاع الوطني وحراسة المواقع العسكرية والبنية التحتية الحيوية، بجانب دورها كقوة دعم للقوات المسلحة، لم تغفل القرارات قوات الدفاع المدني التي ستؤدي دورًا داعمًا في أوقات الحرب، حسب تصريحات رئيسة تايوان.

ونقلت وكالة "رويترز" عن تساي، مطالبتها بأسلحة فعالة في مواجهة هجوم برمائي سريع، مثل صواريخ مضادة للطائرات من طراز "ستينجر" المحمولة على الكتف، وصواريخ مضادة للدبابات.

(*) برامج تعاون عسكري: تشير خطط الدفاع التايوانية الجديدة إلى دور أمريكي متزايد في تعزيز التعاون العسكري مع الجزيرة ليواكب التهديد العسكري الصيني المتزايد، إذ تخطط تايبيه لدمج أحدث برامج التدريب العسكري من الولايات المتحدة، وغيرها من الدول الحليفة، لإكساب جيشها خبرات قتالية. وأقر الرئيس الأمريكي جو بايدن، في 23 ديسمبر 2022، قانون تفويض الدفاع الوطني بإجمالي 858 مليار دولار، بحزمة دعم لتايوان بلغت 10 مليارات دولار، منها مليارا دولار قروض لتمويل مشتريات الدفاع خلال الفترة من 2023-2027.

توقيت حرج:

تظهر تحولات السياسة الدفاعية لتايوان انعكاسًا لبيئة أمنية أكثر اضطرابًا، هي على النحو التالي:

(&) تزايد التهديدات الصينية: خلال العام الحالي تزايدت مخاوف تايبيه من وقوعها أسيرة تذبذب العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، فمع زيارة رئيسة مجلس النواب المنتهية ولايتها نانسي بيلوسي، إلى تايوان، في أغسطس 2022، أجرى جيش التحرير الشعبي الصيني تدريبات على مختلف جهات الجزيرة، شملت إطلاق صواريخ باليستية واختراق مقاتلاتها لأجواء تايوان، فضلًا عن تعطيل جزئي للملاحة بمضيق تايوان. وفي 26 ديسمبر 2022، رصدت وزارة الدفاع التايوانية دخول 71 طائرة مقاتلة ومسيّرة صينية، المجال الجوي لتايوان عبرت 47 منها خط الوسط بين الجزيرة والبر الرئيسي الصيني، حسب صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية، ضمن مناورات مشتركة شاركت فيها طائرات استطلاع مسيرة من طراز "CH-4" وقاذفات وسفن حربية، بعد أيام من إقرار قانون تفويض الدفاع الوطني الأمريكي ودعمه تايوان بنحو 10 مليارات دولار في 23 ديسمبر 2022.

(&)الحرب غير المتماثلة: لفارق القوى والتسليح بين تايوان والصين، ركزت تساي إنج-وين على المقارنة بين الجزيرة ووضع أوكرانيا، لتعزيز توجهات السياسة الدفاعية الجديدة التي تعتمد بصورة رئيسية على امتلاك أسلحة نوعية تعوق تقدم القوات المهاجمة تؤمّن الوقت الكافي للمجتمع الدولي لتقديم المساعدة، حسب مراكز الفكر بالجزيرة ووكالة الأنباء المركزية التايوانية.

مؤشرات محتملة:

ثمة اعتقاد في الدوائر السياسية والعسكرية الأمريكية، يرى أن بكين تسرع الخطى لضم تايبيه إلى برها الرئيسي، ما سيغير كفة التوازنات الإقليمية وتتهيأ الولايات المتحدة لتلك التحركات بإعادة ترتيب أوراق المنطقة وبناء (هيكل أمني) يخفف عنها عبء التدخل منفردة. وتشير مجلة "فورين أفيرز" إلى تقديرات كل من قائد البحرية مايك جيلداي في أكتوبر الماضي من احتمالية "غزو تايوان" قبل عام 2024، ويمكن الإشارة إلى جدية المؤشرات بالنظر إلى:

نانسي بيلوسي مع رئيسة تايوان خلال زيارة أغسطس 2022

أولًا: تصريح الرئيس شي جين بينج في أكتوبر 2022، أن خيار استخدام القوة لاستعادة تايوان لا يزال مطروحًا، تزامنًا مع نشاط البحرية الصينية المتصاعد الذي يحاكي سيناريو هجوم برمائي واسع النطاق.

ثانيًا: الجانب الأمريكي ذاته يجري محاكاة "War Games" لجميع سيناريوهات الهجوم الصيني المحتملة للوقوف على المدى الزمني لانتهاء استعدادات الهجوم الذي قُدر في العام الماضي بست سنوات (2027)، ما يفيد بأن قدرات جيش التحرير الشعبي في تطور مستمر.

ثالثًا: سياسة الولايات المتحدة في عهد الرئيس جو بايدن، لم تعد متمسكة بثوابت موقفها تجاه مبدأ الصين الواحدة، الذي يفرض معارضة لاستقلال تايوان بالتوازي مع تحييد خيار الضم بالقوة، وباتت واشنطن تميل أكثر لتحجيم قوة الصين ومجابهة خيار الضم بأي وسيلة كانت، لتعارضها مع مصالح الولايات المتحدة الجوهرية للخطر بامتلاك جيش التحرير الشعبي لأحدث أنماط الرقائق الإلكترونية، ومن ثم فقدان الجيش الأمريكي تفوقه العسكري التقني، ما قاد الإدارة الأمريكية لدفع حلفائها بتشديد مبيعاتهم من الرقائق إلى الصين.

خلاصة القول؛ من المحتمل أن يترتب على السياسة الدفاعية الجديدة لتايوان، وتصور قُرب الهجوم العسكري الصيني، زيادة الدعم العسكري الأمريكي لتايوان من التسليح الدفاعي الخفيف إلى أسلحة نوعية خلال عام محفوف بالمخاطر تستعد خلاله تايبيه لبناء قوة دفاع أكثر فعالية فيما تستعد بكين لإمكانية ضم الجزيرة بالقوة مع تلاشي آمالها في العودة السلمية الطوعية، وتشككها من صدق التزام الولايات المتحدة بمبدأ الصين الواحدة.