الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

محمد الموجي.. توأم العندليب الذي أثرى المكتبة الموسيقية بأكثر من 1500 لحن

  • مشاركة :
post-title
الموسيقار محمد الموجي

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

أن تعيش بفنك لسنوات طويلة تخلّد في ذاكرة وقلوب الجمهور، هذا ما يمكن أن نصف به الموسيقار محمد الموجي، الذي تحل مئويته اليوم، إذ ولد في مثل هذا اليوم عام 1923، وكانت موسيقى محمد الموجي كاملة الأوصاف، ذات بصمة مميزة ساهمت في نجاح من تغنوا بها من عظماء الغناء العربي.

كان محمد الموجي، صاحب أنامل ذهبية وأذن موسيقية يقدّر معنى الكلمة واللحن، ويضفي جمالًا عليه بإحساسه الدافئ، فبدأت موهبته مُبكرًا وساهم والده في أن يحب الفن، خاصة أنه كان عازفًا للعود، فأحب هذه الآلة التي أتقنها في عمر صغير، ليمتد مشواره الفني لأكثر من نصف قرن من الزمن، ونجح في أن يغير من شكل الموسيقى والألحان ويقدم صحوة بأعماله التي التصقت بشخصية ثرية فنيًا، وساهمت ألحانه في أن تصنع نجومًا كبارًا مثل الفنان عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وفايزة أحمد ووردة وشادية ونجاة الصغيرة وغيرهم.

كان محمد الموجي مغنيا في بداية مشواره، قبل أن يتجه إلى التلحين، فقال في لقاء تليفزيوني عن ذلك: "الملحن أستاذ معلم، ويفضل أن يكون الملحن صوته حلوًا، ولولا عبد الحليم حافظ كنت سأصبح في نفس مكانته كمطرب ولكن أراد الله لي أن أكون ملحنًا وتأتي شهرتي من ذلك".

جمعت علاقة صداقة قوية غلفها تعاون فني ناجح بين عبد الحليم حافظ والموجي، إذ قدّم الأخير له أغنية "صافيني مرة"، والتي حققت نجاحًا كبيرًا قبل أن يمتد التعاون معه لنحو 53 أغنية، تنوعت ما بين العاطفية والوطنية والدينية، وتغلبت مشاعر الحنين على الموجي خلال حديثه عن العندليب ليقول عنه: "عبد الحليم كان صديقي المقرب، وكان يشكل أكبر قدر في حياتي الفنية، وعندما سمعت خبر وفاته لم أصدق رحيله؛ لأنه كل مرة يذهب للعلاج في إنجلترا ويعود إلى مصر وانهرت من البكاء بعد وفاته بعدة أيام، وكنت قد قابلته آخر مرة، بعد أن قمت بعمل مونتاج أغنية "قارئة الفنجان" فذهبت له في بيته وأسمعته الأغنية".

يبدو أن رحيل العندليب كان له تأثير كبير في نفس الموجي، ليؤكد أنه لم يستطع أن يقدم أغنية تذكر بعد رحيل العندليب، فيقول عن ذلك: "لم أقدم قيمة فنية بعد قارئة الفنجان، أو عملًا بأهمية الأعمال التي قدمتها لعبد الحليم، فلا يوجد فنان يتحمل هذا العبء الشديد على كاهله، حتى إن عندي ألحان كثيرة في الدرج وأبحث عن الشخص الذي يوصلها كما أريد، وأجلس في آخر أيامي في مقاعد المشاهدين".

رغم علاقة الأخوة التي جمعت بين العندليب وعبد الحليم، ولكن ثمة خلافًا دب بينهما بسبب الأجر، إذ يقول الموجي عن هذه الواقعة: "كان أجر عبد الحليم حافظ يزيد عامًا تلو الآخر حتى وصل إلى 14 ألف جنيه في حين أن الملحن كان يتقاضى مبلغًا زهيدًا، وطلبت أن أحصل في الأغنية على 200 أو 300 جنيه ولكن عبد الحليم رفض رغم أن المنتج كان موافقًا، فحلفت عليه بالطلاق أنني لن ألحن له لمدة 3 سنوات، وبالفعل نفذت كلمتي وقاطعته لمدة 3 سنوات، وفي هذه الأثناء كنت ألحن لصباح وفايزة أحمد ومحرم فؤاد، ووقتها تعرّف على بليغ حمدي واحتضنه وقدم معه أغنيات لمدة 3 أو 4 سنوات، ولم أصالحه إلا عندما زارني في البيت".

تعاون محمد الموجي مع سيدة الغناء العربي كوكب الشرق أم كلثوم، وشكّل معها ثنائيًا مميزًا وقدّم لها عددًا من الأغاني، مثل "للصبر حدود"، و"اسأل روحك"، وغيرهما، ولكنه كان يقول أن أم كلثوم في أواخر سنوات مشوارها الفني صوتها "شاخ" ليحكي عن أزمة وضع فيها وأنقذه منها محمد عبدالوهاب فقال: "صوت أم كلثوم كان يصل للمقامات العالية، وفي مرة من المرات وقبل التجهيز لحفل غنائي لها لم تستطع الوصول لطبقة صوتها العالية، وكنت حزينًا على ذلك، فوجدت الموسيقار محمد عبدالوهاب يقول لي "أنت تلحن لأم كلثوم وكأنها في سن الأربعينات" وطلب مني أن أنزل باللحن طبقة ونصف، وبعد شهر غنت في الحفلة بشكل جيد، فوجدت عبدالوهاب يقول لي "غنينا بشكل جيد يا سيدي".

تعاون محمد الموجي مع الموسيقار محمد عبدالوهاب، ليصفه الأول بأنه أستاذ فاهم ويستوعب اللحن والتأليف الموسيقى والفواصل الموسيقية وأداءه، ورغم بلوغه سن كبيرة نحو 80 عامًا، لكن تشعر أنه صوت شاب نحو 40 عامًا.

قدّم محمد الموجي أكثر من 1500 لحن ما بين الوطني والعاطفي والديني، وعمل مع كبار المطربين، مثل شادية وعزيزة جلال، ميادة الحناوي، محمد قنديل ونجاة الصغيرة، ومحمد قنديل وغيرهم.

دخل محمد الموجي في عمر الشباب مجال التمثيل وقدّم فيلمين بجانب ظهوره كضيف شرف في عمل ثالث، ولكنه لم يحب مجال التمثيل ولم يكرر التجربة بعدها، بحسب ما أكدته عائلته في لقاء تليفزيوني لهم.

لم يتوقف إبداع الموجي على تقديم ألحان للمطربين، ولكن هو صاحب اللحن الأشهر لفوازير "ألف ليلة وليلة" مع الفنانة نيللي، وفوازير مع الفنانة ليلى علوي، ومن قبلهما فوازير مع الفنانة شيريهان، ليترك بصمة مع الكثيرين على مستوى الوطن العربي ويقدم فنًا يخلّد عبر السنين.