مؤلف العمل: استلهمت القصة من صديق.. وظروف الحياة في اليمن أخرت خروجه
من رحم الألم يولد الأمل، ومن عتمة الحرب انطلقت عدسة المخرج اليمني عمرو جمال، لتمنح السينما قصة واقعية تعبّر عن عائلة يمنية تعاني يوميًا لتوفير قوتها جراء أزمة اقتصادية تمر بها الدولة، لتكتشف الأم حملها الرابع، الأمر الذي يدفعها في النهاية إلى اتخاذ قرار الإجهاض في مجتمع محافظ، تلك القصة الحقيقية التي صاغها المؤلف اليمني مازن رفعت، وحوّلها المخرج إلى قصة سينمائية تحمل اسم "المرهقون"، ليشاهدها العالم ويشعر من خلالها بواقع تلك الأسرة اليمنية، التي تعد نموذجًا لما يعانيه المجتمع هناك.
نجاح العمل لم يقتصر على التعبير عن حال المجتمع اليمني، لكنه نجح أيضًا في اقتناص جائزتين من خلال مشاركته في الدورة الـ73 لمهرجان برلين السينمائي الدولي، إذ حصد جائزة منظمة العفو الدولية، كما حصل أيضًا على المركز الثاني كأفضل فيلم روائي في قسم البانوراما بتصويت الجمهور.
قصة حقيقية
صديق مقرب لمؤلف الفيلم كان سببًا في إلهامه بقصته، بعدما تعرّض لأزمة مالية نتيجة التدهور الاقتصادي أدت إلى وقوعه في مأزق، حيث يقول المؤلف مازن رفعت لموقع "القاهرة الإخبارية": استلهمت قصة الفيلم من صديق مقرب لي والمخرج عمرو جمال حيث تأثرنا بقصته، ولمسنا من خلاله واقع شعب كامل مهدد تحت وطأة الفقر، ومن هنا ولدت فكرة العمل إذ أردنا من خلال الفكرة تسليط الضوء على التدهور الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي الذي خلفته الحرب، وألقى بظلاله على الطبقات الوسطى ليضعهم في الدرك الأسفل من الفقر.
الصعوبات
الوصول إلى قصة لم ينه الصعوبات التي واجهت فريق العمل، حيث وقفت أمامهم سلسلة من العقبات في ظل تقديم عمل سينمائي بشكل مناسب يوصل الفكرة المستهدفة، وقال مؤلف الفيلم: "استغرقت فترة التحضيرات ما يقرب من عام ونصف العام حتى خروجه للنور ، وواجهنا خلال فترة التحضير انتشار الموجة الأولى من فيروس كورونا مما صعّب علينا لقاءاتنا في ورشة عمل الفيلم، بجانب الانقطاعات المتكررة للكهرباء، وهو ما أبطأ من وتيرة الكتابة، وشكّلت ضغطًا نفسيًا لانعدام المناخ الملائم لذلك".
وأضاف: "عقدنا خلال الورشة جلسات عمل يومية مع المخرج طرحنا خلالها الأفكار وناقشناها، قبل الانتقال إلى مرحلة كتابة السيناريو الأولى، ومناقشته ومراجعته ثم إعادة كتابته عدة مرات حتى الوصول للشكل النهائي الذي يرضينا، خاصة في ظل رغبتنا تقديم نص احترافي، وهو الأمر الذي تطلب منا استشارة بعض الخبراء الذين أفادونا بنصائحهم وإرشاداتهم".
يشير مازن رفعت إلى أن هذا العمل ليس التعاون الأول الذي يجمعه بالمخرج العدني عمرو جمال، قائلًا: سبق أن تعاونّا عام 2012 من خلال مسلسل مسرحي بعنوان "حافة الأنس"، ثم توالت الأعمال التي جمعتنا، في مسلسل "فرصة أخيرة"، ثم عدة أعمال لم تر النور بسبب ظروف الحرب، والخلل الأمني، قبل أن نعود مجددًا بأول فيلم جماهيري في البلاد بعنوان "عشر أيام قبل الزفة"، الذي كان محطة دخولنا إلى عالم السينما، والانتقال لمشروع فيلمنا (المرهقون).
الطريق الصحيح
يأتي فوز الفيلم اليمني "المرهقون" في مهرجان برلين ليشكّل نقطة مضيئة في مشوار الثنائي عمرو جمال ومازن رفعت تضيء مشوارهما الفني، وتبرز مدى تحديهما للصعوبات والوقوف أمامها لتقديم أعمال فنية مميزة تعبر عن واقع يعيشاه، وتؤكد قدرة السينما العربية على المنافسة في المحافل الدولية، هذا ما أكده مازن رفعت قائلًا: "فوز فيلم المرهقون بجائزة منظمة العفو الدولية مفاجأة لم أتوقعها، والظفر بجائزة معنوية كهذه تثبّت أقدامنا وتجعلنا نؤمن أننا في الطريق الصحيح، لذا أعتبر أن تجربتي في فيلم المرهقون هي التخرج من أكاديمية استفدت منها الكثير، وأعتبر أن كل عمل أخوضه بمثابة مرحلة دراسية أتعلّم منها الجديد".