قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إنه رغم الجهود التي تبذلها دول القارة الإفريقية لا تزال التنمية في القارة تواجه العديد من التحديات، من بينها ضعف البنية التحتية، ونقص التمويل، وارتفاع المخاطر.
وأضاف الرئيس السيسي، أنه من هذا المنطلق ترتكز الرؤية المصرية للتنمية في إفريقيا على المحاور الخمسة الآتية، أولها دعم تنفيذ الممرات الإستراتيجية والمناطق اللوجستية، وتعزيز التعاون في مجال الطاقة والربط الكهربائي، ودعم التنمية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي، وتعزيز التجارة البينية الإفريقية، وتعزيز التعاون في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي.
جاء ذلك خلال استقبال الرئيس المصري، اليوم السبت، الوزراء ورؤساء الوفود الإفريقية، إلى جانب ممثلي مفوضية الاتحاد الإفريقي والتجمعات الإقليمية، المشاركين في أعمال المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة "روسيا – إفريقيا"، الذي تستضيفه مصر، بحضور الدكتور بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية المصري.
وصرَّح المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير محمد الشناوي، بأن الرئيس السيسي استهل الاجتماع بالترحيب بالوزراء وممثلي الوفود المشاركة، قائلًا: يطيب لي في البداية أن أرحب بكم جميعًا في بلدكم الثاني مصر، في هذا اللقاء الذي يُجسد أهمية تعزيز أواصر التعاون من أجل تحقيق أهداف السلم والأمن والتنمية، وفقًا "لأجندة 2063.. إفريقيا التي نريد"، ويؤكد على أهمية الشراكات الاستراتيجية للاتحاد الأفريقي مع كافة القوى الدولية المحورية.
وصرح الرئيس المصري بأنه "في سبيل تحقيق رؤيتنا للتنمية في إفريقيا، تحرص مصر على توظيف مختلف أدوات التعاون المتاحة، بما في ذلك تشجيع الشركات المصرية على توسيع استثماراتها وشراكاتها في الدول الإفريقية".
وأشار إلى أن مصر أطلقت وكالة لضمان الصادرات والاستثمارات في إفريقيا، دعمًا لهذا المسار، وبناءً على ذلك بلغ إجمالي الاستثمارات المصرية في إفريقيا ما يتجاوز 12 مليار دولار، وتجاوز إجمالي معدلات التبادل التجاري مع القارة الإفريقية 10 مليارات دولار.
وأوضح أن مصر تواصل دعمها لبرامج بناء القدرات والتنمية البشرية في إفريقيا، من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التي نفذت أكثر من 700 برنامج تدريبي في المجالات المختلفة، ووفقًا لأولويات الدول الإفريقية الشقيقة.
مكافحة الإرهاب
واستنادًا إلى تجربتها في مكافحة الإرهاب، قال الرئيس المصري إن بلاده تحرص على تعزيز التعاون مع الدول الإفريقية الشقيقة لمواجهة هذه الظاهرة الخبيثة، من خلال مقاربة شاملة تراعي الأبعاد الأمنية والتنموية والفكرية والاجتماعية، بما في ذلك من خلال دور الأزهر الشريف، وبرامج مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام.
وأكد الرئيس السيسي أن مصر ملتزمة بدعم عمل مؤسسات الاتحاد الإفريقي، خاصة التي تستضيفها، بما في ذلك من خلال دعم دخول هذه المؤسسات في شراكات لتنفيذ برامج ومشروعات فعالة تلبي تطلعات شعوب القارة.
وأوضح أن مصر بذلت وستبذل كل جهد ممكن في إطار ريادتها لملف إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، ورئاسة اللجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات النيباد، لدعم جهود التنمية وحشد التمويل للمشروعات القارية الطموحة، فضلًا عن تنفيذ مشروعات وبرامج إعادة الإعمار في المناطق الخارجة من النزاعات.
المواقف والرؤى الإفريقية
وذكر أن مصر ستواصل الدفاع عن المواقف والرؤى الإفريقية في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، ولا سيما إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وفقًا لتوافق أوزولويني وإعلان سرت، فضلًا عن العمل على إصلاح هياكل التمويل الدولية، وتحقيق تمثيل أكثر عدالة للقارة في مؤسسات الحوكمة العالمية.
في الختام، أعرب الرئيس المصري عن شكره وتقديره لمشاركة الوفود في هذا اللقاء، مضيفًا: "أود أن أنقل تحياتي إلى أشقائي من قادة الدول والحكومات الإفريقية، مع تمنياتي لكم بزيارة موفقة إلى القاهرة، وبمناقشات مثمرة تسهم في دعم مسيرة العمل الأفريقي المشترك".
وفي هذا السياق، أشار المتحدث باسم الرئاسة المصرية، إلى أن الرئيس السيسي أجرى عقب ذلك حوارًا تفاعليًا مع المشاركين، أعرب خلاله عن سعادته بلقائهم، مؤكدًا تطلعه إلى حياة أفضل لشعوب القارة.
وأوضح الرئيس المصري أن إفريقيا تمتلك من الموارد الطبيعية والبشرية ما يؤهلها لاحتلال المكانة التي تستحقها عالميًا، مشددًا على أن التحديات التي تواجهها القارة معروفة، وأن الأهم هو كيفية إدارة وتنفيذ الخطط اللازمة لتجاوزها، وضرب مثالًا بثراء بعض الدول الإفريقية بالثروة الحيوانية، التي تستدعي وجود صناعة لحوم متقدمة لتحقيق الاكتفاء الذاتي بالقارة من اللحوم والتصدير.
كما أشار إلى أن كميات الأمطار والمياه في إفريقيا تفوق احتياجاتها، شريطة إدارتها واستخدامها بكفاءة، مؤكدًا أن غياب الاستقرار والأمن يمثل العقبة الأكبر أمام جذب الاستثمارات.
تحقيق الاستقرار
وشدد الرئيس المصري على ضرورة بذل كل الجهود لتحقيق الأمن والاستقرار، محذرًا من أن غياب ذلك يزيد من مخاطر الائتمان، معربًا عن تمنياته لجميع دول وشعوب القارة بالاستقرار والتنمية والازدهار.
وأكد الرئيس السيسي أن استقرار أي دولة إفريقية يجب ألا يكون على حساب مصالح دولة أخرى، مضيفًا أن مصر خلال رئاستها للاتحاد الإفريقي عام 2019، طالبت بضرورة توفير بنية أساسية مناسبة للدول الإفريقية، خاصة خلال لقاءاته مع قادة الدول الأوروبية والغربية بالمحافل الدولية والإقليمية المختلفة.
كما شدد على أهمية البنية الأساسية القوية في إفريقيا، باعتبارها ركيزة لتحقيق الاستقرار وتقليص النزاعات ودفع عجلة التقدم، مؤكدًا أن ذلك يمنح الشعوب الأمل، وأن الحلول العسكرية لا تمثل مخرجًا للأزمات، بل إن الحلول السياسية هي السبيل الأمثل.
من جهتهم، أعرب الوزراء المشاركون في كلماتهم عن تقديرهم لمصر وجهودها في إحلال السلام بالقارة الإفريقية والشرق الأوسط، وكذلك في دعم التنمية والتقدم بالقارة.
وأكدوا تطلعهم لمواصلة مصر تقديم الدعم اللازم لدول إفريقيا لتحقيق التنمية والرخاء، مثمنين في هذا الصدد الدور الرائد للرئيس السيسي شخصيًا، فضلًا عن المشروعات التنموية التي تنفذها مصر وشركاتها في مختلف الدول الإفريقية.