كشف علي ناصر محمد، رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الأسبق، تفاصيل الترتيبات المتعلقة بالوحدة اليمنية وعلاقته بالرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، مؤكدًا أن الاتفاق مع "صالح" كان على أهمية تحقيق الوحدة اليمنية على أساس فيدرالي وليس الوحدة الاندماجية، مستدركًا التجربة المشابهة لوحدة مصر وسوريا.
وأوضح علي ناصر محمد، خلال لقاء مع الإعلامي سمير عمر في برنامج "الجلسة سرية" المذاع على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن بعض اللقاءات بين "صالح" وعلي سالم البيض جرت في ظروف خاصة، من بينها اجتماع في نفق معروف باسم "نفق جولد مور"، حيث دار النقاش حول كيفية الانتقال نحو الوحدة اليمنية، مشيرًا إلى أن من بين الشروط لتحقيق الوحدة كان رحيله (علي ناصر محمد) من صنعاء.
وأكد علي ناصر محمد أنه لا يندم على فترة حكمه أو على خروجه من السلطة، مشددًا على أن تحالفه مع الرئيس الراحل علي عبد الله صالح كان دائمًا في إطار خدمة الوحدة اليمنية، وإنهاء الحروب بين الشمال والجنوب.
وأضاف: "لم أندم على تحالفنا، ولم أندم على خروجي من السلطة، لكنني نادم على أن الجماعة التي جاءت بعدي لم تواصل المسيرة، كنت أتمنى أن يكون الزمن الذي تلا فترة حكمنا أفضل مما كانت عليه".
وتطرق إلى تفاصيل خروجه من عدن إلى صنعاء، موضحًا أنه تم بمشاركة نحو 100 ألف شخص، بينهم أفراد قوات مسلحة من البحرية والبرية والجوية، بالإضافة إلى عدد من أعضاء اللجنة المركزية ومجلس الشعب، مؤكدًا أن ذلك شكل دعمًا لعلي عبد الله صالح وأسهم في إقامة معسكرات متعددة هناك.
وأوضح أن انتقاله لاحقًا إلى سوريا جاء بعد الاتفاق بين "صالح" و"البيض" في نوفمبر 1989، مشيرًا إلى رفض بعض الرفقاء الحوار معه، إذ تضمن شرط عودتهم عددًا محدودًا، وقال: "كانوا يطالبون بعودة 49 شخصًا فقط وأنا على رأسهم".
عدن عصية على أي اعتداء
وفيما يتعلق بالتهديدات الأمنية، أكد علي ناصر محمد صحة ما رواه في كتابه حول تلقيه معلومات عن تحرك محتمل للقوات الإسرائيلية تجاه عدن، نقلها إليه الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح بعد اتصال من الرئيس المصري الراحل حسني مبارك والعاهل السعودي الراحل الملك فهد، ووصف التحرك بأنه "مسرحية"، مؤكدًا أن عدن كانت عصية على أي اعتداء.
ويرى أن جميع الأطراف ارتكبت أخطاءً خلال تلك الفترة، قائلًا: "الكل أخطأ، كلنا أخطأنا".
كما استذكر علي ناصر محمد لحظة عودة عبدالفتاح إسماعيل إلى عدن، مؤكدًا أنه حاول مرارًا نصحه بعدم التعجل، مشيرًا إلى أنه لم يعرقل عودته بل رتب كل شيء لاستقباله بشكل مناسب. وكشف أن الجواسيس السوفييت كانوا يسجلون كل شيء أثناء حديثه مع عبدالفتاح.
وكشف علي ناصر محمد أيضًا عن تدخل سوفييتي مباشر في الشأن اليمني الجنوبي، مؤكدًا أن المكون الروسي داخل الاتحاد السوفييتي كان يعارض توجهاته السياسية الإقليمية، وأن التدخل كان موجهًا ضد سياساته مع المنطقة، لا سيما السعودية واليمن الشمالي.
وثيقة سوفييتية
وأشار رئيس اليمن الجنوبي الأسبق إلى وجود وثيقة سوفييتية تضمنت دعوة صريحة لتغيير النظام في عدن وإثيوبيا، موضحًا: "وصفوا نهجي بـأنه (قومي شوفيني)، والخطة شملت أيضًا الزعيم الإثيوبي منجستو".
وحول أحداث 13 يناير 1986، قال علي ناصر محمد إن محاولات التهدئة من خلال الحوار استمرت حتى اللحظات الأخيرة للحفاظ على الاستقرار، مشيرًا إلى زيارة وفد من السياسيين مثل علي عنتر وآخرين، مؤكّدًا احترامه لهم ولآرائهم.
وأضاف أن خسائر الحزب (الاشتراكي الحاكم) خلال مراحل سابقة كانت نتيجة صراعات سياسية داخلية، مشيرًا إلى سقوط شخصيات بارزة مثل قحطان الشعبي، ولكنه شدد على أنه خلال فترة حكم عبدالفتاح إسماعيل لم تسجل أي عمليات قتل، وأن الأرقام المتداولة عن ضحايا يناير مبالغ فيها، نافيًا سقوط نحو 13 ألف قتيل، ومشدّدًا على ضرورة الاعتماد على مصادر دقيقة لتقييم الأحداث التاريخية، معتبرًا أن الحوار والتفاهم كانا دائمًا السبيل الأفضل لمعالجة الخلافات الداخلية.