يلتقي قادة أوروبيون بارزون، اليوم الاثنين، في برلين مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في محاولة أخيرة لإنقاذ اتفاق قرض بقيمة 210 مليارات يورو لأوكرانيا ومنع تسوية سلام أمريكية-روسية تراها أوروبا "مُذلة" لكييف، وفقًا لصحيفة "بوليتيكو" الأوروبية، كما تأتي هذه الاجتماعات المكثفة قبل قمة بروكسل الحاسمة، الخميس المقبل، وسط انقسامات أوروبية متزايدة وهجوم لفظي شنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على القادة الأوروبيين، واصفًا إياهم بـ"الضعفاء" الذين "يتحدثون كثيرًا لكنهم لا ينتجون شيئًا".
سباق ضد الزمن
وتشهد العاصمة الألمانية حراكًا دبلوماسيًا مكثفًا، إذ كشف المتحدث باسم المستشار فريدريش ميرز، ستيفان كورنيليوس، أن اللقاءات ستبدأ بجلسة أوليّة تضم ميرز ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، قبل أن "ينضم العديد من رؤساء الدول والحكومات الأوروبية، إضافة إلى قادة الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو" إلى المحادثات.
وفي مؤشر على الأهمية الاستثنائية للقاء، يُتوقع حضور صهر ترامب جاريد كوشنر ومبعوثه الخاص ستيف ويتكوف من الجانب الأمريكي، فيما أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الأوكراني زيلينسكي، أمس الأحد، رغم عدم تأكيد مشاركته في اجتماعات برلين حتى الآن.
معركة دبلوماسية
تأتي هذه المحادثات في سياق محاولة أوروبية للتأثير على التسوية النهائية للحرب الأوكرانية، بعدما أثارت خطة سلام أمريكية مكونة من 28 نقطة صاغها ويتكوف بمساعدة عدة مسؤولين روس موجة غضب عارمة في كييف والعواصم الأوروبية، وفق ما ذكرته "بوليتيكو"، فيما ردت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون بتقديم تعديل مكون من 20 نقطة على الخطة إلى واشنطن للمراجعة، الأسبوع الماضي.
وتمثل مسألة الأراضي الأوكرانية، التي تُسيطر عليها روسيا نقطة خلاف جوهرية، إذ اقترح ترامب إخلاء هذه المناطق من القوات الأوكرانية والروسية وإنشاء "منطقة اقتصادية حرة منزوعة السلاح"، يمكن للشركات الأمريكية العمل فيها، إلا أن أوكرانيا رفضت هذا المقترح بشكل قاطع، وفقًا لمسؤول فرنسي تحدث لـ"بوليتيكو" بشرط عدم الكشف عن هويته، نظرًا لحساسية المفاوضات.
وأضاف المسؤول أن الولايات المتحدة تصر على تنازلات إقليمية رغم اعتراضات أوروبية شديدة، ما يخلق احتكاكًا مع إدارة ترامب.
كما أبدى زيلينسكي خلال عطلة نهاية الأسبوع، استعداده لـ"التسوية" وعدم المطالبة بعضوية أوكرانيا في حلف الناتو، مقترحًا بدلًا من ذلك ترتيبات دفاع جماعي مخصصة، خلال محادثة مع صحفيين عبر تطبيق واتساب.
وقال: "الضمانات الأمنية الثنائية بين أوكرانيا والولايات المتحدة، والضمانات من شركائنا الأوروبيين، إضافة إلى دول أخرى مثل كندا واليابان، توفر لنا فرصة لمنع تفجر عداء روسي آخر".
أزمة تمويل
بالتزامن مع الجهود الدبلوماسية، يواجه الاتحاد الأوروبي أزمة داخلية خطيرة حول تمويل حزمة مساعدات بقيمة 210 مليارات يورو لأوكرانيا، تعتمد على استخدام القيمة النقدية للأصول الروسية المجمدة البالغة 185 مليار يورو والمحتفظ بها في مؤسسة "يوروكلير" في بروكسل، إضافة إلى 25 مليار يورو من أصول روسية مجمدة في أنحاء الاتحاد.
ويحاول الاتحاد الأوروبي منذ شهور، إقناع رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي ويفر بالموافقة على الخطة، لكن الوضع تفاقم، الجمعة الماضي، عندما انضمت إيطاليا -ثالث أكبر دولة في الاتحاد- إلى مطالب بلجيكا بالبحث عن خيارات بديلة، في رسالة وقعتها أيضًا مالطا وبلغاريا، كما رفض رئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيش، الخطة أمس الأحد، وفقًا لـ"بوليتيكو".
وقال دبلوماسي أوروبي للصحيفة: "كلما زادت مثل هذه الحالات، زاد احتمال أن نضطر لإيجاد حلول أخرى".
ورغم أن الدول الخمس، حتى لو انضمت إليها المجر وسلوفاكيا، لن تستطيع تشكيل أقلية معرقلة، إلا أن انتقاداتها العلنية تقوض آمال المفوضية الأوروبية في التوصل لاتفاق سياسي، الأسبوع الجاري.
تحذيرات
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، أطلق الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، الأسبوع الماضي، تحذيرًا صارخًا، قائلًا: "نحن الهدف التالي لروسيا، ونحن بالفعل في خط الخطر. روسيا أعادت الحرب إلى أوروبا ويجب أن نكون مستعدين لحجم الحرب الذي تحمله أجدادنا وأجداد أجدادنا".
وحذّر مسؤول أوروبي في تصريحات لـ"بوليتيكو"، من أن مزيدًا من التفكك الأوروبي، الأسبوع الجاري، سيرسل إشارة كارثية لأوكرانيا، مضيفًا أن هذه النتيجة لن تكون "ضربة مدمرة للدولة المنكوبة بالحرب فحسب، بل من العدل القول إن أوروبا ستفشل أيضًا".
من جهته، شدد مسؤول ألماني على أن القرار بشأن الأصول الروسية "قرار حول مستقبل أوروبا وسيحدد ما إذا كان الاتحاد الأوروبي لا يزال فاعلًا ذا صلة"، مؤكدًا: "لا يوجد خطة ب".