في تطور جديد يعيد رسم ملامح الدور الأمريكي في قطاع غزة، تكشف مصادر أمريكية وإسرائيلية، وفق ما أورده موقع "أكسيوس"، عن تحركات داخل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تهدف إلى تشكيل هندسة أمنية جديدة في القطاع عبر تعيين جنرال أمريكي لقيادة قوة الاستقرار الدولية، في خطوة تعتبرها واشنطن جزءًا من مشروع واسع لإعادة بناء القطاع وإدارة مرحلة ما بعد الحرب.
خطة التعيين
تخطط إدارة ترامب لتعيين جنرال أمريكي لقيادة قوة الاستقرار الدولية في غزة، بحسب مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، فيما ترى الإدارة الأمريكية أن هذا التعيين يمثل توسعا لدور الولايات المتحدة في تأمين القطاع وإعادة بنائه، باعتباره أكبر مشروع سياسي مدني عسكري أمريكي في الشرق الأوسط منذ أكثر من عشرين عامًا.
وأنشأت الولايات المتحدة مقرًا مدنيًا عسكريًا في إسرائيل لمراقبة وقف إطلاق النار وتنسيق المساعدات الإنسانية، فيما تتولى واشنطن قيادة التخطيط لإعادة إعمار غزة.
ومن المتوقع أن يرأس ترامب مجلس السلام في غزة، مع وجود كبار مستشاريه ضمن مجلس تنفيذي دولي، في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة لتولي قيادة قوات الأمن في القطاع، وسط تأكيدات من مسؤولي البيت الأبيض بعدم نشر قوات أمريكية على الأرض.
مكسب سياسي
يشكل وقف إطلاق النار في غزة الإنجاز الأبرز في السياسة الخارجية لترامب خلال ولايته الثانية، رغم هشاشة الهدنة، وتسعى الإدارة للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق لتجنب العودة إلى الحرب.
وتشمل المرحلة الثانية انسحابًا أعمق للجيش الإسرائيلي، وانتشار قوات أمن داخل غزة، ودخول هيكل حكم جديد يتضمن مجلس السلام الذي سيرأسه ترامب، وقد أذن مجلس الأمن الدولي لكل من صندوق الأمن الدولي ومجلس إدارته، بينما أكد ترامب أنه سيعلن عن مجلس السلام في أوائل عام 2026.
وأبلغ سفير الأمم المتحدة مايك والتز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترامب ستتولى قيادة قوات الأمن الإسرائيلية وستعين قائدا أمريكيا برتبة لواء.
نقاشات البيت الأبيض
صرح مسؤول في البيت الأبيض بأن المناقشات المتعلقة بتشكيل قوى الأمن الداخلي، ومجلس السلام، وحكومة فلسطينية تكنوقراطية ما تزال مستمرة، وأنه لم يتم اتخاذ أي قرارات نهائية.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن واشنطن في المراحل الأخيرة من تشكيل قوات الأمن الإسرائيلية وهيكل الحكم الجديد في غزة، واقترحت الولايات المتحدة أن يعمل المبعوث الأممي السابق نيكولاي ملادينوف ممثلا لمجلس السلام على الأرض في غزة، للتنسيق مع حكومة فلسطينية تكنوقراطية مستقبلية.
وأطلعت إدارة ترامب دولًا غربية سرًا على خطط مجلس السلام والقوة الدولية للأمن، ودعتها للانضمام، وتشير مصادر مطلعة وفق "أكسيوس" إلى أن ألمانيا وإيطاليا من بين الدول التي دُعيت للانضمام.
وذكر دبلوماسي أوروبي أن واشنطن أبلغت الدول الأوروبية بأن بدء نشر قوات الأمن الداخلي سيكون فور تشكيل مجلس السلام، دون تحديد جدول زمني واضح.
رسالة أمريكية
خلال إحاطة دبلوماسية في تل أبيب، أكد مسؤولون أمريكيون للأوروبيين أنه في حال عدم إرسال قوات أو دعم الدول المرسلة، فلن ينسحب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي يسيطر عليها في غزة.
وقال دبلوماسي أوروبي مطلع على الإحاطة إن الرسالة الأمريكية كانت: "إذا لم تكونوا مستعدين للذهاب إلى غزة، فلا تشتكوا من بقاء الجيش الإسرائيلي".
وبعد استخدام الدول العربية والإسلامية حق النقض ضد تعيين رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير لرئاسة مجلس السلام، تبحث واشنطن عن بديل.
بديل توني بلير
ويبرز اسم الدبلوماسي البلغاري نيكولاي ملادينوف، المنسق الأممي السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط بين عامي 2015 و2020، والذي يرأس حاليًا الأكاديمية الدبلوماسية لطلاب الكلية الدبلوماسية الإماراتية في أبوظبي.
ويعد ملادينوف (53 عامًا) أحد أكثر الدبلوماسيين الدوليين خبرة في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والمنطقة عموما، وينسب إليه دوره في منع تصعيد التوتر بين إسرائيل وحماس خلال فترة عمله في الأمم المتحدة، ويتمتع بثقة كل من الجانبين، بحسب ما نقلته مصادر لصحيفة "يديعوت أحرونوت".