تفاقمت المعاناة الإنسانية في قطاع غزة مع بدء هطول أمطار غزيرة قبل فجر الأربعاء، حيث اجتاحت السيول آلاف الخيام التي تؤوي النازحين، لتكشف هشاشة الملاجئ وغياب المقومات الأساسية للحياة، وبين مناشداتِ الدفاعِ المدني، وتحذيراتِ المؤسساتِ الأممية، وانهيارِ البنيةِ التحتية، باتت أوضاعُ مئاتِ آلافِ المدنيين أكثرَ سوءًا مع دخول المنخفض الجوي الذي عمّق جراح الحرب.
غرق الخيام
وأغرقت الأمطار الغزيرة آلاف الخيام في مناطق متعددة من قطاع غزة، حيث وصل منسوب المياه بين 40 سنتيمترًا ومتر داخل بعضها، فيما حذّر المتحدثُ باسمِ الدفاعِ المدني محمود بصل في بيانٍ من "كارثة إنسانية وشيكة" بسبب الأحوال الجوية، مؤكدًا تلقي أكثر من 1,000 نداء استغاثة من عائلات غمرت المياه خيامها.
وأوضح أن المنخفض الجوي رفع منسوب المياه في مراكز الإيواء إلى أكثر من متر، محذرًا من تعرّض أكثر من 250,000 عائلة لخطر البرد وسيول الشتاء، وداعيًا إلى توفير حلول عاجلة تشمل منازل متنقلة بديلة عن الخيام المتضررة، فيما حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة في وقت سابق من تأثير منخفض قطبي على القطاع حتى مساء الجمعة، مهددًا مئات آلاف النازحين.
بنية منهارة
وقال حسني مهنا، المتحدثُ باسمِ بلديةِ غزة، إن القطاع يشهد انهيارًا واسعًا في بنيته التحتية، خصوصًا بعد تدمير سبعٍ من أصلِ ثماني محطاتٍ لِضخ مياه الصرف الصحي في الهجمات الإسرائيلية، مما أدى إلى ارتفاع الأعطال إلى 90%.
وأشار إلى أن القدرة على تصريف مياه الأمطار انخفضت بنسبة 80%، بينما تعمل الفرقُ البلديةُ بـ 15% فقط من معداتها القديمة وسط نقص حاد في الوقود، مضيفًا أن كمياتٍ كبيرةً من الأنقاض تسدّ الشوارع وتمنع تدفق مياه الأمطار.
ووفق بيانات رسمية، يحتاج القطاع إلى نحو 300,000 خيمة ووحدات سكنية جاهزة بعد تدمير واسع للبنية التحتية خلال عامين من الحرب، وتقدّر الأمم المتحدة تكلفة إعادة الإعمار بنحو 70 مليار دولار، مع تسجيل أكثر من 70,000 قتيل ونحو 171,000 مصاب، قبل توقف العدوان بموجب وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر.
معاناة متصاعدة
أكدت وكالة الأونروا، الخميس، أن الأمطار تزيد تدهور الأوضاع الإنسانية، مشيرةً إلى أن الشوارع المغمورة وتسرب المياه إلى الخيام يزيدان خطر الأمراض، خاصة بين الأطفال، في ظل البرد والاكتظاظ وانعدام النظافة، مشددةً على إمكانية تجنب المعاناة عبر تدفق المساعدات دون عوائق، بما فيها الإمدادات الطبية ومستلزمات المأوى.
وحسب وكالة وفا الفلسطينية، فقد توفيت رضيعة فلسطينية تبلغ ثمانية أشهر في خان يونس بسبب البرد القارس، في حادث يعكس خطورة الوضع على الأطفال والنازحين داخل خيام غير مؤهلة.
نقص المساعدات
أظهر تحليل لوكالة "أسوشيتد برس" لأرقام الجيش الإسرائيلي أن كمية المساعدات المتدفقة إلى غزة أقل بكثير مما نصّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة أمريكية، فبينما ينص الاتفاق على دخول 600 شاحنة يوميًا، تشير البيانات الإسرائيلية إلى دخول 459 شاحنة فقط في المتوسط بين 12 أكتوبر ويوم الأحد.
وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق إن 18,000 شاحنة غذاء دخلت القطاع منذ بدء الهدنة، وهو ما يمثل 70% من إجمالي المساعدات التي وصلت، وردًا على التحليل، قالت الوحدة الإسرائيلية إنها تجاوزت 600 شاحنة يوميًا، لكنها لم تقدّم تفسيرًا لاختلاف الأرقام أو بياناتٍ توضّح العدد الحقيقي للشاحنات.