أظهر تحليل أجرته وكالة "أسوشيتد برس" لأرقام الجيش الإسرائيلي أن عمليات إيصال المساعدات إلى غزة أقل بكثير من الكمية المطلوبة بموجب وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة.
بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أكتوبر الماضي بين حركة حماس وإسرائيل، وافقت تل أبيب على السماح بدخول 600 شاحنة مساعدات إلى غزة يوميًا. إلا أن متوسط عدد الشاحنات التي دخلت غزة بلغ 459 شاحنة فقط يوميًا بين 12 أكتوبر (تاريخ استئناف تدفق المساعدات) و7 ديسمبر، وذلك وفقًا لتحليل بيانات صادرة عن وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق المحتلة (COGAT)، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق دخول المساعدات.
وبحسب جميع التقارير، فإن المساعدات في غزة لم تكن كافية. حيث أعلنت وحدة التنسيق الإسرائيلية أن نحو 18 ألف شاحنة محملة بالمساعدات الغذائية دخلت قطاع غزة بين بدء سريان وقف إطلاق النار. وأوضحت أن هذا الرقم يمثل 70% من إجمالي المساعدات التي دخلت القطاع منذ الهدنة.
وتشير تقديرات وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق المحتلة إلى أن ما يزيد قليلًا على 25700 شاحنة مساعدات دخلت قطاع غزة، وهو أقل بكثير من 33600 شاحنة كان من المفترض أن تدخل بحلول يوم الأحد، بموجب شروط وقف إطلاق النار.
أقل المساعدات
طوال فترة العدوان الإسرائيلي على القطاع، قالت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة إن كمية المساعدات التي تدخل غزة أقل بكثير مما تدعيه وحدة تنسيق الحكومة الإسرائيلية، إذ أفادت الأمم المتحدة بأنه لم يتم تفريغ سوى 6545 شاحنة عند معابر غزة بين وقف إطلاق النار و7 ديسمبر، أي ما يعادل نحو 113 شاحنة يوميًا، وذلك وفقًا لقاعدة بياناتها الإلكترونية.
ولا تشمل أرقام الأمم المتحدة شاحنات المساعدات المرسلة من قِبل منظمات لا تعمل عبر شبكتها. بينما أفادت وثيقة لحماس قدمتها لوكالة "أسوشيتد برس" أن عدد شاحنات المساعدات التي دخلت الأراضي المحتلة بلغ 7333 شاحنة.
هذا الأسبوع، أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية على الحاجة "الماسّة" إلى المزيد من المساعدات لدخول غزة، قائلًا إن القيود الإسرائيلية على المساعدات أعاقت جهود التعافي. ولا يزال الغذاء شحيحًا في غزة، بحسب منظمات الإغاثة، كما أكدت منظمات إنسانية أن نقص المساعدات ألحق أضرارًا بالغة بالعديد من سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة، والذين نزح معظمهم قسرًا بسبب الحرب.
ولا يزال الغذاء شحيحًا في ظل معاناة القطاع الفلسطيني للتعافي من المجاعة التي ضربت أجزاءً منه خلال الحرب. وتلد الأمهات الجائعات في غزة أطفالاً يعانون من سوء التغذية، وقد توفي بعضهم في المستشفيات، وفقًا لتقرير حديث صادر عن اليونيسف.
ومع اشتداد أمطار الشتاء، باتت العائلات النازحة التي تعيش في الخيام عرضة لتقلبات الطقس، وتفتقر إلى الإمدادات اللازمة لمواجهة الفيضانات والبرد القارس.
وكتبت الوكالة الأممية في تقرير لها يوم الاثنين الماضي: "إن الاحتياجات تفوق بكثير قدرة المجتمع الإنساني على الاستجابة، نظرًا للعوائق المستمرة. وتشمل هذه العوائق انعدام الأمن، وتحديات التخليص الجمركي، وتأخيرات ورفض دخول البضائع عند المعابر، ومحدودية الطرق المتاحة لنقل الإمدادات الإنسانية داخل غزة".
المحتجز الأخير
كانت إسرائيل أوقفت مؤقتًا جميع المساعدات التي تدخل البلاد مرة واحدة على الأقل ردًا على ما زعمت إنه "انتهاكات حماس للهدنة".
وقالت إسرائيل إن حماس لم تُعد جثث المحتجزين خلال الفترة الزمنية المحددة في وقف إطلاق النار، بينما قالت حماس إنها واجهت صعوبة في العثور على الجثث بسبب الدمار الذي خلّفته إسرائيل في الأراضي الفلسطينية. كما اتهمت حماس إسرائيل بانتهاك شروط وقف إطلاق النار بسبب بطء تدفق المساعدات، واستمرار إغلاق معبر رفح، والضربات المميتة المستمرة على غزة.
وفي الوقت نفسه، تقول إسرائيل إنها تطالب بعودة رفات المحتجز الأخير، ران جفيلي. حيث نقلت "أسوشيتد برس"، اليوم الأربعاء، عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "إنه يجب إعادة رفات جفيلي، وهو شرط من شروط المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار".
وقال مكتب نتنياهو في بيان له: "بمجرد اكتمال المرحلة الأولى، ستبدأ المرحلة الثانية".
ويواصل مقاتلو حماس وفرق الصليب الأحمر تمشيط أنقاض مدينة غزة بحثًا عن الجثة الأخيرة هذا الأسبوع، في حين زعمت جماعة الجهاد الإسلامي أنها سلّمت آخر جثة محتجز كانت بحوزتها.
وأمس الثلاثاء، دعت حماس إلى مزيد من الضغط الدولي على إسرائيل لفتح المعابر الحدودية الرئيسية، ووقف الضربات المميتة على القطاع، والسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى القطاع.
ووفق التقرير، تمثل هذه الاتهامات أحدث عقبة فيما وصفه القادة الإقليميون بأنه وقت حرج لاتفاق وقف إطلاق النار، حيث يسعى الوسطاء إلى دفع الهدنة إلى مرحلتها الثانية الأكثر تعقيدًا.