تسعى المملكة المتحدة إلى مواصلة التحرك نحو علاقة أوثق بالاتحاد الأوروبي، تحت قيادة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، بعد أن اعترف بأن خروج بريطانيا من الاتحاد أضرّ باقتصادها بشكل كبير.
وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، في خطاب ألقاه في وسط لندن، اليوم الاثنين، إن على البريطانيين قبول التنازلات التي تترتب على علاقة أوثق مع الاتحاد الأوروبي.
وأكد ستارمر أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "أضرّ باقتصادنا بشكل كبير"، محذرًا من ضرورة تقليل الخلافات مع الاتحاد لتمكين "التجديد الاقتصادي" في المملكة المتحدة.
تعثر المحادثات مع بروكسل
يأتي ذلك بعد أيام من انهيار المحادثات بين لندن وبروكسل للسماح لبريطانيا بالمشاركة في برنامج "العمل الأمني لأوروبا" (القروض مقابل الأسلحة) التابع للاتحاد الأوروبي، والبالغة قيمته 150 مليار يورو، وسط خلاف حول المبلغ الذي سيتعين على المملكة المتحدة دفعه للمشاركة.
ودافع ستارمر بقوة عن ميزانية الأسبوع الماضي، مؤكدًا أنه يمتلك خطة اقتصادية طويلة الأجل للمملكة المتحدة، قائلاً:
"أهم ما يمكننا فعله من أجل النمو والأعمال هو أولًا: خفض التضخم، وثانيًا: الحفاظ على ثقة السوق بما يسمح بتحقيق الاستقرار الاقتصادي".
بناء العلاقات مع أوروبا
ويتبنى ستارمر سياسة الاستمرار في تقليل الخلافات للدفع نحو علاقة أوثق مع الاتحاد الأوروبي، مشددًا على ضرورة أن تكون المملكة المتحدة أكثر نضجًا في هذا الشأن، وأن تقبل أن ذلك سيتطلب تقديم تنازلات، قائلاً: "على المملكة المتحدة مواجهة حقيقة مفادها أن الاتفاق المبرم مع بروكسل بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أضرّ باقتصادنا بشكل كبير".
واستشهد لاحقًا باتفاقية الصحة والصحة النباتية المقترحة، التي تهدف إلى إلغاء الحاجة إلى عمليات تفتيش حدودية على المنتجات النباتية والحيوانية، والمحادثات حول نظام تداول الانبعاثات كأمثلة على التقدم الذي تحرزه المملكة المتحدة.
ضغوط سياسية داخلية
جاء خطاب ستارمر في الوقت الذي حاول فيه رئيس الوزراء البريطاني المحاصر الدفاع عن ميزانية الحكومة الأسبوع الماضي، التي تضمنت زيادة في الضرائب، وأصرّ على أن الخيارات التي اتخذها بيان الضرائب والإنفاق كانت "عادلة وضرورية وجيدة أساسًا للنمو"، لكنه أقرّ علنًا لأول مرة بأن الوزراء قد درسوا -ثم تراجعوا- عن زيادة في المعدل الرئيسي لضريبة الدخل، وهو ما يخالف البيان الانتخابي.
وبينما قدّر مكتب مسؤولية الموازنة أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سوف يؤدي إلى انخفاض النمو بنسبة 4%، يشير بعض خبراء الاقتصاد إلى أن مقارنة أداء بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي بأداء فرنسا وألمانيا لا تظهر أي دلائل على حدوث مثل هذه الضربة الكبيرة.
انتقادات لأداء الحكومة
قد يكون من الصعب على البعض تجنب الاستنتاج القائل بأن رئيس الوزراء ووزير المالية، بعد أن تجنبا في السابق الحديث عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خوفًا من تنفير الناخبين المؤيدين للخروج، ينظران إليه الآن باعتباره "كبش فداء اقتصادي" ملائمًا.
وبحسب مكتب مسؤولية الميزانية، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 1.4% في العام المقبل و1.5% في الأعوام التالية حتى عام 2031، وحتى لو تجاوزت المملكة المتحدة هذه التوقعات، فإنها لن تعيش عصرها الذهبي على الإطلاق.
وقالت صحيفة "ذا تليجراف" إن هذا يعني أن أداء البلاد تحت حكم حزب العمال سيكون أسوأ حتى من أدائها خلال السنوات العشر من التقشف الذي فرضه حزب المحافظين، والذي ندد به السير كير بشدة.
في يوم الخميس 23 يونيو 2016، أُجري استفتاء على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وصوّت الشعب البريطاني لصالح الخروج.