الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أفضل مخرج في الأوسكار.. تحول غير مسبوق في تمثيل السينما الدولية بنسخة 2025

  • مشاركة :
post-title
فيلم صوت هند رجب

القاهرة الإخبارية - إنجي سمير

مع استمرار أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة "الأوسكار" في جهودها الهادفة إلى توسيع قاعدة عضويتها وتعزيز تنوعها، يبرز عام 2025 باعتباره محطة محورية في مشاركة 55% من المخرجين المرشحين للأوسكار من خارج الولايات المتحدة، في تغيير ملموس في مشهد الترشيحات، أتاح مساحة أكبر للأفلام الدولية التي أصبحت تتصدر السباق وتحقق حضورًا لافتًا، مثل"Drive My Car" و"Emilia Pérez"، وصولًا إلى اتساع آفاق فئة الإخراج لتصبح أكثر عالمية من أي وقت مضى.

وتضم قائمة أبرز المرشحين الدوليين المحتملين لجائزة الأوسكار في فئة أفضل مخرج هذا العام أسماء من مختلف القارات وهم خواكيم ترايير عن الفيلم النرويجي Sentimental Value "القيمة العاطفية"، وجعفر بناهي عن الفيلم الإيراني It Was Just an Accident "حادث بسيط"، وبارك تشان ووك عن الفيلم الكوري No Other Choice "لا خيار آخر"، وكليبر ميندونكا فيلهو عن الفيلم البرتغالي The Secret Agent "العميل سري"، وكوثر بن هنية عن الفيلم الفلسطيني The Voice of Hind Rajab "صوت هند رجب"، وأوليفر لاكس عن فيلم Sirāt، وآن ماري جاسر عن فيلم "فلسطين 36".

ورغم أن أفلام عدد من هؤلاء سبق أن نافست في سباقات الأوسكار أو وصلت إلى القوائم القصيرة، إلا أنهم جميعًا يدخلون هذا الموسم بفرصة حقيقية لانتزاع أول ترشيح لهم في فئة الإخراج في ظل منافسة مفتوحة على نطاق واسع.

يؤكد خواكيم ترايير، الذي يواصل صعوده في الساحة الدولية، أن السينما قادرة على بناء جسور بين الثقافات، قائلًا: "هناك نزعة إنسانية في أننا نستطيع التماهي بعمق مع قصص تنتمي إلى أماكن مختلفة.. نشأتُ على حب هذا الأمر، ويسعدني أن أساهم فيه اليوم بعدما أصبحت أفلامي تعرض في أنحاء العالم"، 

وشهد فيلم ترايير "أسوأ شخص في العالم" انطلاقته في مهرجان كان قبل أن يحصد ترشيحات بارزة، كما نال فيلمه الجديد "القيمة العاطفية" الجائزة الكبرى في المهرجان هذا العام، ما عزز حظوظه في سباق الجوائز.

خلال السنوات الأخيرة، تحوَّل مهرجان كان إلى منصة إطلاق رئيسية للمخرجين الدوليين الساعين لإثبات حضورهم في موسم الجوائز، إذ مهَّد النجاح الذي حققه "تشريح السقوط" و"المادة" الطريق أمام مخرجيهما للوصول إلى ترشيحات الأوسكار في فئة الإخراج إلى جانب أسماء أمريكية كبرى.

وتستمر شركات التوزيع الكبرى مثل "نيون" في الاستثمار في هذه الإستراتيجية، إذ تعود بانتظام إلى المهرجان لاستقطاب أعمال مرشحة بقوة لسباق الأوسكار.

أما المخرج الكوري بارك تشان ووك، المعروف بروح الدعابة السوداء التي يضخها في أعماله، فيقر بأن السينما الكورية تواجه تحديات كبيرة رغم ازدهارها على الساحة العالمية بعد النجاح التاريخي لفيلم "طفيلي"، ويشير إلى أن تراجع إقبال الجمهور الكوري على دور السينما منذ جائحة كورونا، وتخفيض الحكومة السابقة للتمويل العام، ألقيا بظلالهما على الصناعة، ويضيف: "وعدت الحكومة الجديدة بزيادة الدعم، لكننا ننتظر لنرى مدى تنفيذ هذه الوعود عمليًا".

وفي البرازيل، عاد الدعم الحكومي للسينما بقوة في عهد الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بعد فترات من التذبذب، ويؤكد المخرج كليبر ميندونكا فيلهو، الفائز مؤخرًا بجائزة أفضل مخرج في مهرجان كان، أن التمويل العام للفنون جزء أساسي من الهوية الثقافية البرازيلية، مشيرًا إلى أن مكانة السينما البرازيلية تعززت بفضل الأعمال التي حققت حضورًا عالميًا بارزًا مثل فيلم والتر ساليس "ما زلت هنا".

وفي فلسطين، تتجه العديد من المشروعات السينمائية إلى الإنتاجات المشتركة لضمان التمويل، وجاء فيلم آن ماري جاسر "فلسطين 36"، المعروض لأول مرة في مهرجان تورنتو، كثمرة تعاون بين فرنسا والمملكة المتحدة وتوضح "جاسر" أن هذه الشراكات، رغم غرابتها أحيانًا، تمثل السبيل الأمثل لصناعة أفلام فلسطينية تجد من يدعمها، خصوصًا من داخل المجتمع الفلسطيني نفسه، وتقول: "أريد العمل مع أشخاص يؤمنون بما يفعلون، فصناعة الأفلام هنا ليست سهلة، والإيمان بالمشروع أهم من الخبرة".

أما المخرجة التونسية كوثر بن هنية، فرغم ترشيحها السابق للأوسكار عن فيلم "أربع بنات"، يشكَّل فيلمها الجديد "صوت هند رجب" أحد أبرز مفاجآت مهرجان فينسيا السينمائي، إذ نال أطول فترة تصفيق في تاريخ المهرجان وفق تقارير عدة، وتقول "بن هنية": "هذا الفيلم الذي تحدث عنه الجميع، وتجاوزت ردود الفعل توقعاتي، لكن لا تزال الأفلام العربية والفلسطينية تواجه صعوبات كبيرة في التوزيع داخل الولايات المتحدة رغم تاريخها العريق".

وازدادت أهمية المهرجانات الإقليمية في الولايات المتحدة كمنصات لتعزيز مكانة الأفلام الدولية، ومن بينها مهرجان ميدلبورج السينمائي في فيرجينيا، الذي أصبح محطة أساسية لعدد متزايد من المخرجين.

وتشير سوزان كوخ، المديرة التنفيذية للمهرجان، إلى أن حضور المخرجين وتفاعلهم المباشر مع الجمهور يضفي قيمة كبيرة على التجربة.

وحضر "بناهي" هذا العام لاستلام جائزة التأثير، مؤكدًا أنه التزم بكل جولات الترويج رغم الإرهاق قائلًا: "أحيانًا نصل إلى مدينة لا نمكث فيها سوى ساعات قليلة، لكن أي علامة إرهاق قد تؤثر على فريق العمل ككل".

ومع تزايد حضور المخرجين الدوليين في سباق الأوسكار لهذا العام، يبرز عدد منهم باعتبارهم أيضًا أعضاء جددًا في الأكاديمية، ما يجعلهم شهودًا على التحول الواسع الذي تشهده المؤسسة من الداخل.

ويختتم فيلهو: "أشعر أن المشهد الإنساني لأعضاء الأكاديمية تغير، وهذا منطقي.. ورغم أن النظام وُضع أصلًا للاحتفاء بالأفلام الأمريكية، إلا أنني أشعر بترحيب كبير، حتى وإن ظل هناك شعور بالغربة من ناحية ما".