وصل البابا ليو الرابع عشر، بابا الفاتيكان، اليوم الخميس إلى أنقرة في أول زيارة رسمية له إلى تركيا، والتي تستمر حتى 30 نوفمبر الجاري، ضمن جولته الدولية المقررة إلى تركيا ولبنان. ومن المقرر أن تشمل زيارته أيضًا كلًا من إسطنبول وإزنيك، الموقع التاريخي للكنيسة المسيحية المبكرة، والذي كان يُعرف سابقًا باسم نيقية.
البابا ليو الرابع عشر في تركيا
وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة البابا ليو الرابع عشر إلى تركيا بأنها "خطوة مهمة للغاية تعزز أرضيتنا المشتركة"، وفقًا لموقع "تي أر تي" الإخباري التركي.
بدأت الزيارة بزيارة ضريح أتاتورك برفقة الوفد الرسمي، تلاها استقبال رسمي في المجمع الرئاسي. وخلال الزيارة، وضع البابا إكليلًا من الزهور الحمراء والبيضاء على درجات الضريح، وكتب في دفتر الضريح الخاص: "أشكر الله على منحي نعمة زيارة تركيا. أتمنى السلام والازدهار لهذا البلد وشعبه".
جدول مُكثف للزيارة
يتوجه البابا إلى إسطنبول مساءً، حيث سيحضر في اليوم التالي اجتماع صلاة مع الأساقفة والكهنة والشمامسة والراهبات والموظفين في كاتدرائية الروح القدس. كما سيزور دار رعاية في بومونتي، ثم يتوجه إلى إزنيك، وفقًا لموقع إذاعة "دويتشه فيله" التركية.
وتعد إزنيك المحطة الأكثر أهمية ورمزية في الزيارة، إذ عُقد فيها أول مجمع مسكوني في التاريخ المسيحي عام 325 ميلادي. وسيشارك البابا في فعالية صلاة مسكونية في موقع كنيسة القديس نيوفيتوس القديمة، المعروفة باسم "الكنيسة تحت الماء". ثم سيعود إلى إسطنبول لعقد اجتماع خاص مع الأساقفة.
في اليوم الثالث، سيزور البابا جامع السلطان أحمد، ويلتقي قادة الطوائف المسيحية في كنيسة مور أفرام السريانية الأرثوذكسية القديمة. وفي فترة ما بعد الظهر، سيحضر قداسًا في البطريركية بمنطقة فنر، ويلتقي البطريرك برثلماوس ويوقع إعلانًا مشتركًا، ثم سيرأس قداسًا في قاعة فولكسفاجن أرينا بحضور جماهيري كبير.
في 30 نوفمبر، اليوم الأخير للزيارة، سيبدأ البابا يومه بصلاة في الكاتدرائية الرسولية الأرمنية، ثم يحضر القداس الإلهي في كنيسة القديس جاورجيوس بفنر، ويرافق مراسم البركة المسكونية. كما سيتناول الغداء مع البطريرك برثلماوس في البطريركية، قبل مغادرته إلى لبنان في الفترة من 30 نوفمبر إلى 2 ديسمبر 2025.
الأهمية الدينية للزيارة
تبرز زيارة البابا إلى مدينة نيقية رمزية كبيرة، إذ يرتبط إرثها بالمجمع النيقوي الأول الذي بلورت فيه المعتقدات الأساسية للمسيحية، ويرسخ رسالة التقارب الكاثوليكي الأرثوذكسي. ويشير العديد من الخبراء إلى أن الهدف الرئيس من الزيارة هو تعزيز الحوار بين الطوائف المسيحية المختلفة.
تعد هذه الزيارة ذات أهمية خاصة كون البابا ليو الرابع عشر أول بابا أمريكي يُنتخب، بعد انتخابه في 8 مايو 2025، وأعلن عن نهج إصلاحي في الفاتيكان. وفي توضيحه سبب زيارته الخارجية الأولى إلى تركيا، قال: "مجمع نيقية، أحد أركان المسيحية، رمز للوحدة. نريد أن نبعث برسالة سلام في هذه البلاد".
كما تعكس الزيارة التزام الكنيسة الكاثوليكية بالحوار المسكوني وأهمية الوحدة المسيحية. وقد أُشير إلى اهتمام نائب الرئيس الأمريكي جيه. دي. فانس بمرافقة البابا في رحلته إلى تركيا، إلا أن هذه المعلومات لم تُؤكد رسميًا، ولا توجد خطط رسمية لذلك.
افتتاح معهد هالكي
وفق وسائل إعلام أمريكية، من المتوقع أن يناقش البابا خلال اجتماعاته مع المسؤولين الأتراك موضوع إعادة افتتاح معهد هالكي اللاهوتي، وهو رمز للتراث الأرثوذكسي. وأكد رئيس الأساقفة إلبيدوفورس، رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الأمريكية، استعداد تركيا لاتخاذ هذه الخطوة.
ويعود موضوع إعادة افتتاح المعهد، الذي ظل مغلقًا لمدة 54 عامًا، إلى الاهتمام مجددًا بعد اجتماع البيت الأبيض بين أردوغان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في سبتمبر الماضي.
يُعد البابا ليو خامس بابا يزور تركيا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الفاتيكان وتركيا عام 1960، بعد أن زار أربعة باباوات البلاد سابقًا: البابا فرنسيس عام 2014، البابا بنديكتوس السادس عشر عام 2006، البابا يوحنا بولس الثاني عام 1979، والبابا بولس السادس عام 1967.