الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مصيدة الفلسطينيين.. "غزة الإنسانية" تنهي عملها في القطاع المنكوب

  • مشاركة :
post-title
مؤسسة غزة الإنسانية تنهي عملها في القطاع الفلسطيني المنكوب

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

أعلنت ما تسمي بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" التي أنشأها جيش الاحتلال بزعم توزيع المساعدات على الفلسطينيين في القطاع الفلسطيني المنكوب، التوقف عن عملها بشكل نهائي، ونقل المهمة إلى مركز التنسيق المدني العسكري جنوب إسرائيل، في محاولة لتجميل سجل ملوث بالدم.

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي، أعلن عن إنشاء ما أسماه "مؤسسة غزة الإنسانية" في شهر مايو الماضي، بعد حوالي 3 أشهر من توقف الاحتلال عن تسليم الأغذية إلى غزة، مما دفع السكان نحو المجاعة.

وكان الهدف المُعلن من جانب الاحتلال لإنشاء المؤسسة هو ضمان وصول المساعدة الغذائية إلى سكان غزة بشكل آمن، دون أن تستولي عليها حماس أو كيانات أخرى، بعدما فرضت إسرائيل قيودًا صارمة على عمل الوكالات الدولية. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، آنذاك، إن الهدف من إنشاء "مؤسسة غزة الإنسانية" هو لتحل محل الأمم المتحدة والوكالات الدولية الأخرى.

لكن سرعان ما تحولت المؤسسة إلى " مصيدة للفلسطينيين" إذ شاب إطلاقها تقارير شبه يومية عن قيام جنود الجيش الاحتلال الإسرائيلي النار على فلسطينيين كانوا يسعون للوصول إلى مواقع توزيع المساعدات، حيث أفادت الأمم المتحدة بمقتل أكثر من ألف شخص بنيران الاحتلال في تلك الحوادث.

ووفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، استشهد مئات الفلسطينيين بنيران إسرائيلية أثناء سعيهم للحصول على مساعدات من مراكز التوزيع التابعة لما تسمي بمؤسسة غزة الإنسانية. وفي أغسطس الماضي، دعا مقررون أمميون إلى حلها.

وقال فلسطينيون وعمال إغاثة ومسؤولون صحيون، إن النظام أجبر طالبي الإغاثة على المخاطرة بحياتهم للحصول على المساعدات الغذائية. وكثيرًا ما أطلق الجنود النار، مما أسفر عن استشهاد المئات، وفقًا لشهود عيان ومقاطع فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتشير الإحصائيات إلى استشهاد 2650 فلسطينيًا واصابة 19,124 آخرين، فضلًا عن فقدان 200 شخص عند مراكز توزيع مؤسسة غزة الإنسانية، حتى أكتوبر 2025، مما يعكس أن نشاطها لم يكن سوى واجهة لتنفيذ سياسات عقابية تستهدف المدنيين خلال محاولتهم اليائسة لالتقاط كيس دقيق أو وجبة بائسة.

وعارضت الأمم المتحدة إنشاء "مؤسسة غزة الإنسانية"، قائلة إن النظام يمنح إسرائيل السيطرة على توزيع الغذاء، وقد يجبر الفلسطينيين على النزوح.

ويوليو الماضي، وصفت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي، مؤسسة غزة الإنسانية بأنها "فخ موت مصمم لقتل أو تهجير الفلسطينيين"، مشيرة إلى أن "إسرائيل مسؤولة عن واحدة من أكثر عمليات الإبادة الجماعية وحشية في التاريخ الحديث".

وكشفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية، الشهر الماضي، عن أن صندوق "مؤسسة غزة الإنسانية" يعاني من ضائقة مالية، وتم استبعاده من العمليات الإنسانية في قطاع غزة بعد سريان وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر الماضي.

وأمس الاثنين، أصدرت "مؤسسة غزة الإنسانية" بيانًا أعلنت فيه انتهاء مهمتها في القطاع المنكوب. وقال بيان المؤسسة: "أعلنت مؤسسة غزة الإنسانية أنها أنهت بنجاح مهمتها الطارئة في غزة بعدما قدمت أكثر من 187 مليون وجبة مجانية مباشرة إلى المدنيين المقيمين في القطاع، في إطار عملية انسانية قياسية أتاحت ضمان وصول المساعدة الغذائية إلى العائلات الفلسطينية بشكل آمن، ومن دون أن تستولي عليها حماس أو كيانات أخرى".

وأوضحت المؤسسة أنها أجرت محادثات مع منظمات إنسانية دولية أخرى ومع مركز التنسيق المدني العسكري الذي تشرف عليه الولايات المتحدة في كريات جات بجنوب إسرائيل لمراقبة الهدنة في غزة.

وكان لدى "مؤسسة غزة الإنسانية" 4 مراكز لتوزيع مساعدات في قطاع غزة، بينما كان لدى منظومة مساعدات الأمم المتحدة 400 مركز.

وبعد الإفراج عن المحتجزين الأحياء المتبقين في غزة مع سريان اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع في أكتوبر، أبلغت "مؤسسة غزة الإنسانية" أنها قامت بتفكيك مركز توزيع المساعدات "إس دي إس 4" في خان يونس.

لم يكن عمل "مؤسسة غزة الإنسانية" عملًا تقنيًا أو إنسانيًا بأي معنى، بل جاء كامتداد مباشر لمنهج التجويع الذي رافق القصف والنسف في الحرب، ليصبح التجويع أداة موازية للإبادة.

فمنذ دخولها القطاع، تحولت المؤسسة إلى جزء من آلية عقاب جماعي تستهدف الرجال والأطفال والنساء عبر حرمانهم من الغذاء، أو دفعهم إلى مناطق خطرة للحصول عليه. وفي المحصلة، لم تقدم المؤسسة الإغاثة للفلسطينيين بقدر ما عمقت معاناتهم وشاركت بوضوح في المنظومة التي صنعت الجوع والقهر والإبادة. ما يظهر اليوم أن إغلاق "مؤسسة غزة الإنسانية" ليس ختامًا لعمل إنساني، بل إعلانًا يهدف إلى تجميل سجل ملوث بالدم.