تبدو فنزويلا اليوم كبلد يقف على حافة مأساة تتصاعد يوميًا بين نيران البحر وخنق اقتصادي قاسٍ، وبينما تتزايد الإدانات الدولية في مواجهة هجوم متعدد الوجوه، تتواصل عمليات قتل تجوب أعالي البحار، وعقوبات تحصد الأرواح بصمت، لتتكشف قصة بلد يواجه حصارًا عنوانه الألم، وجوهره تغيير النظام، وفق موقع "سريلانكا جارديان".
عمليات قتل بحري
يشير موقع "سريلانكا جارديان" إلى أن العالم يتابع بذهول الجرائم التي باتت روتينية قبالة السواحل الفنزويلية ضمن عملية سمتها وزارة الحرب الأمريكية حديثة التشكيل "الرمح الجنوبي".
ففي 31 أكتوبر الماضي أدان المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الهجمات واعتبر "التكاليف البشرية المتزايدة غير مقبولة"، كما انتقدت القمة الاجتماعية الشعبية في كولومبيا (8–9 نوفمبر) واشنطن، وأدان اجتماع قانوني في كاراكاس، بمشاركة ممثلين من 35 دولة، "الهجوم القاتل".
واتهمت نقابة المحامين الوطنية الولايات المتحدة بارتكاب "جرائم حرب فظيعة"، كما وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" المبررات الأمريكية بشأن المخدرات بأنها "لا تتوافق مع الواقع".
وحسب "سريلانكا جارديان"، فإن واشنطن، باعتبارها أكبر مستهلك لغسل أموال المخدرات ومصدر أسلحة للكارتلات، تبرر هجماتها بحجج واهية، رغم أن فنزويلا، ووفق تقرير المخدرات العالمي لعام 2025 خالية تقريبًا من إنتاج المخدرات.
كما أن الاتحاد الأوروبي لا يذكرها في تقييم مصادر المخدرات، فيما لا تصنف إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية فنزويلا إلا كدولة عبور صغيرة، ولا تذكر الرئيس الفنزويلي مادورو كمهرب.
كذلك، لا وجود لكارتل دي لوس سولس في تقارير الوكالة رغم تصنيفه أمريكيًا كمنظمة إرهابية، وبينما يقترب عدد قتلى الهجمات البحرية من 100، لم يُعثر على أي مخدرات، في حين صادرت فنزويلا 64 طنًا، ما يجعل هدف واشنطن الواضح هو تغيير النظام.
عقوبات وضحايا
وتشكّل العقوبات الأمريكية القاسية عاملًا أشد فتكًا من العنف العسكري، إذ تُعد "وسيلة حرب" وليست بديلًا عنه، ويشير الاقتصاديان مارك وايزبروت وجيفري ساكس إلى أن عقوبات 2017–2018 تسببت في نحو 40 ألف وفاة إضافية، بينما قدّر المقرر الأممي السابق ألفريد دي زاياس عدد الضحايا بأكثر من 100 ألف بحلول 2020، معتبرًا العقوبات "عقابًا جماعيًا" يستهدف المدنيين.
وحسب دراسة نُشرت في مجلة "لانسيت" الطبية الرائدة عالميًا، أظهرت أن العقوبات تقتل الأطفال دون سن الخامسة بشكل غير متناسب، إذ تزيد الأمراض المنقولة بالمياه، وتسبب انخفاض الوزن عند الولادة وسوء التغذية، وتمنع علاج السرطان ونقل الأعضاء، وتعرقل استيراد الأدوية، وتمنع وصول الإغاثة أثناء الكوارث.
أزمة إنسانية
ونقل "سريلانكا جارديان" عن حملة "العقوبات تقتل!" دعوتها العاملين في الصحة للتوقيع على رسالة تطالب الكونجرس بإنهاء العقوبات، ومن بين الموقعين مارجريت فلاورز وآمي هاجوبيان ونضال جبور وآنا مالينو، وآخرون، مؤكدين أن العقوبات "أزمة صحة عامة عالمية تسببت بها الحكومة الأمريكية"، وتخلص الرسالة إلى أنها "عقوبة جماعية أخلاقيًا مستهجنة".
ويختتم "سريلانكا جارديان" تقريره بالإشارة إلى ما قالته الكاتبة كايتلين جونستون ساخرة "الدول المتحضرة تقتل بالعقوبات"، ويؤكد أن الولايات المتحدة تمارس حربًا هجينة تطال ربع سكان العالم، وأن العقوبات، كما في حالة كوبا منذ 1961، يصعب إنهاؤها سياسيًا.