الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

3 سيناريوهات أمام مادورو.. رهانات واشنطن تدفع فنزويلا إلى الفوضى

  • مشاركة :
post-title
مادورو وترامب

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

تتقدم فنزويلا نحو منعطف بالغ الخطورة، إذ تتصاعد رهانات واشنطن على قرب سقوط نيكولاس مادورو، فيما تتشبث المعارضة بقيادة ماريا كورينا ماتشادو بقناعة أن النظام يترنح، غير أن واقع البلاد المعقد، بتوازناته العسكرية والجماعات المسلحة والاقتصاد المنهك، يجعل أي مسار يعتمد على القوة محفوفًا بانفجارات قد تكون أشد من الأزمة القائمة.

وفي نظر محللين دوليين، وفق مجلة "فورِن أفيرز"، فإن التعجل نحو الإطاحة بالنظام قد يحوّل فنزويلا إلى ساحة فوضى تتجاوز قدرتها على التعافي.

رهانات إسقاط مادورو

تعتقد إدارة ترامب أن "مادورو" بات على وشك الانهيار، مستندة إلى انتشار بحري أمريكي هو الأكبر في جنوب الكاريبي منذ الستينيات، وإلى عمليات سرية أذنت بها وكالة المخابرات المركزية.

وترى واشنطن أن الجيش الفنزويلي بدأ يفقد ثقته بقيادته، بينما تروّج شخصيات داخل الإدارة لثلاثة سيناريوهات لمستقبل الرئيس، هي النفي أو التسليم أو النهاية الحتمية.

الفنزويلية ماريا ماتشادو، التي حصلت على جائزة نوبل للسلام، تشاطر هذا التفاؤل، وتعلن أن رحيل مادورو مسألة وقت لا أكثر، ورغم رفضها لفكرة غزو كامل، فإنها تدعّم الضغط العسكري الأمريكي، معتبرة أن مادورو بدأ "حربًا" يجب أن تنتهي.

لكن واقع البلاد يشي بعقبات أعمق، فالجماعات المسلحة الحليفة لمادورو، والعصابات الإجرامية وعناصر "الجماعات المسلحة" المدنية، تملك نفوذًا واسعًا قد يتحول إلى قوة مضادة لأي انهيار مفاجئ للنظام.

ويرى مراقبون أن الفرضية القائلة بأن إسقاط الحكومة بالقوة سيقود تلقائيًا إلى مرحلة ديمقراطية مستقرة ليست إلا وهمًا، لأن أي فراغ سيملؤه متشددون أو قادة عسكريون بدلاء أكثر قمعًا.

ماريا كورينا ماتشادو
صعود المعارضة

شهدت المعارضة تحولات واسعة خلال العقدين الماضيين بين الاعتدال والتشدد، ومنذ احتجاجات 2014 وما تبعها من قمع أودى بحياة عشرات، تبنت "ماتشادو" موقفًا يطالب بتدخل عسكري أجنبي، بينما اتخذ قادة آخرون مسارًا تفاوضيًا.

ومع انهيار الحكومة الانتقالية عام 2022، لم تتأثر مكانة ماتشادو، بل ازدادت قوة بعد فوزها بالانتخابات التمهيدية عام 2023، قبل أن تمنعها الحكومة من الترشح للانتخابات الرئاسية، وواصلت دعم المرشح البديل، إدموندو جونزاليس، الذي أعلنت المعارضة فوزه بأكثر من ضعف أصوات مادورو، لكن الحكومة تجاهلت النتائج، وقُمعت الاحتجاجات اللاحقة بقوة، ما أدى إلى تراجع قدرة المعارضة على الحشد.

ورغم أن شعبية ماتشادو تأثرت، فإنها لا تزال الأكثر حضورًا، وقد تعود للمقدمة إذا حدث تغيير حقيقي في السلطة. غير أن الرهان على أن الجيش سينقلب لصالحها يبقى غير مضمون، خاصة في ضوء تجارب فاشلة سابقة، مثل انتظار انقلاب 2019 الذي لم يحدث.

مستقبل غامض

وسط التهديدات والتوتر السياسي، يعيش الفنزويليون انهيارًا اقتصاديًا متجددًا، فبعد سنوات من الانكماش، تتجه البلاد نحو تضخم قد يصل إلى 700% في 2026، مع فجوة كبيرة بين سعر الصرف الرسمي والسوقي، ومع حد أدنى للأجور لا يتجاوز دولارًا واحدًا، باتت تكاليف المعيشة تفوق قدرة معظم الأسر، بينما يعيش 80% من السكان تحت خط الفقر، وفرّ ثمانية ملايين من البلاد.

ورغم تباهي الحكومة بنمو اقتصادي مستمر، فإن الواقع يناقض ذلك، إذ يتآكل الدخل وينهار مستوى المعيشة، وأمام هذا المشهد، يزداد استعداد المواطنين لتأييد أي مسار ينهي حكم مادورو، ولو بالقوة، غير أن خبراء يحذرون من أن إسقاط النظام فجأة سيزعزع التوازن الهش بين الجماعات المسلحة والجيش ويطلق موجة عنف شبيهة بما حدث في كولومبيا والمكسيك.

وتشير "فورِن أفيرز" إلى أن مسار التغيير المستدام في فنزويلا لم يتحقق عبر القوة، بل عبر التفاوض وصناديق الاقتراع، كما حدث في استفتاء 2007 والانتخابات البرلمانية 2015 واتفاقيات باربادوس 2023، وأن أي محاولة لاستبدال هذا المسار بخيار سريع قد تعيد إنتاج الأخطاء نفسها، وتدفع البلاد نحو مستقبل أكثر قسوة مما عانته حتى الآن.