سعت منظمات الإغاثة الدولية والمحلية منذ انطلاق صافرات إنذار الزلزال في تركيا وسوريا، إلى الإعلان عن تقديم مساعداتها للمنكوبين في الدولتين، إذ تدخلت هذه المنظمات بخدمات الإعاشة وتوفير المساعدات الطبية، والغذاء والملابس الشتوية خاصة للأطفال وكبار السن، ووفقًا للخدمات المتنوعة التي أعلنت عنها تلك المنظمات منذ الساعات الأولى للأزمة، وكذلك الأدوار المتنوعة التي رصدتها كاميرات الفضائيات في المناطق المأزومة في سوريا وتركيا، يتطرق هذا التحليل إلى دور منظمات الإغاثة الإنسانية في مواجهة الكوارث الطبيعية، بالتركيز على زلزال تركيا وسوريا، واستعراض أبرز المنظمات المعنية بجهود الإغاثة.
خريطة المنظمات المتفاعلة في أزمة الزلزال:
هرعت عدة منظمات إغاثية محلية ودولية إلى تقديم مساعدات طبية وغذائية ومعدات تدفئة، استجابة للآثار المدمرة التي خلفها الزلزال التركي، منها:
(*) منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف": تشرف المنظمة على توحيد الأطفال المشردين مع عائلاتهم، وتوفير خدمات الإغاثة والإعاشة جراء تدمير مئات المنازل وبقاء تلك العائلات بلا مأوى، وتوفير المياه والغذاء إلى المناطق التي يصعب فيها الوصول إلى مواد الإعاشة.
(*) منظمة أطباء بلا حدود: قدمت المنظمة مساعدة طبية أولية عاجلة لنحو 200 مصاب في الساعات الأولى لوقوع الزلزال في نحو 23 عيادة ومنشآة صحية في إدلب وحلب.
(*) الجمعية الطبية السورية الأمريكية: تقدم الجمعية التي يقع مقرها الرئيسي في واشنطن، الرعاية الطبية العاجلة لأكثر من 850 شخصًا في شمال غرب سوريا.
(*) اتحاد منظمات الرعاية والإغاثة الطبية: أكد الاتحاد مشاركته في توفير مساعدات طبية وإغاثية كبيرة للمتضررين في تركيا وسوريا.
(*) منظمة أنقذوا الأطفال: حددت المنظمة البريطانية مهام فريقها الميداني في حماية الأطفال المتضررين، عبر توفير الغذاء والمأوى والملابس الشتوية الثقيلة، ودعت للتبرع لصندوقها الطارئ للأطفال.
(*) منظمة الرعاية الدولية "كير إنترناشونال": أعلنت المنظمة أولوية فرعها بتركيا في دعم الاحتياجات المعيشية للمتضررين في تركيا وشمال سوريا، بالمستلزمات الطبية وتوفير الغذاء ومواجهة موجة طقس شديد البرودة بتوفير البطانيات والخيام والتنسيق، هيئة الكوارث والطوارئ التركية لتوفير مأوى للمتضررين في المساجد والملاعب، خاصة مع احتمالات وقوع عاصفة ثلجية التي قد تعمق من آثار الأزمة على المصابين والمشردين.
(*) منظمة مشروع أمل "بروجيكت هوب": دفعت المنظمة الواقعة في واشنطن بمجموعة دعم أولية لتوزيع الأدوية وتقديم الخدمات الطبية العاجلة، وأكد مديرها التنفيذي استعداد المنظمة للدفع بفرق إضافية للمساعدة في عمليات الإنقاذ.
(*) هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات: يشارك نحو 1100 شخص بالمنظمة في تقديم الدعم الطارئ بالمناطق التركية المتضررة، وعلى رأسها توفير نحو 100 ألف وجبة يوميًا، بجانب عربات الغذاء المتنقلة.
(*) منظمة العطاء العالمي "جلوبال جيفينج": وضعت المنظمة الأمريكية هدفًا أوليًا لجمع 10 آلاف دولار أمريكي لإنفاقها على توفير وجبات غذائية ومياه شرب وخدمات إعاشة بالتعاون مع "الخوذ البيضاء".
(*) المنظمات المحلية السورية: تشارك منظمات إغاثة سورية في مواجهة آثار الزلازل، منها "الخوذ البيضاء"، التي أكدت صعوبة الوضع في شمال سوريا مع تأخر وصول الدعم اللازم لعمليات الإنقاذ.
(*) منظمة أكوت: منظمة تركية غير حكومية تشارك في جهود البحث والإنقاذ بالمناطق المنكوبة في ملاطية وغازي عنتاب وهتاي وعثمانية وأضنة، وذكرت المنظمة في تغريدة على حسابها بتويتر، إنقاذها نحو 54 شخصًا حتى صباح الثلاثاء 7 فبراير 2023.
أوجه المساعدة:
تعتمد المنظمات بصفة أساسية على التبرعات المالية لإنفاقها في أوجه المساعدة المختلفة، التي تتنوع بين البحث والإنقاذ وتوفير مستلزمات الإعاشة الضرورية والخدمات الطبية العاجلة للمصابين على النحو التالي:
(&) جهود الإنقاذ: تشمل مهام البحث والإنقاذ للأحياء تحت الأنقاض، التي تلعب دورًا أساسيًا في تقليل حدة وتكلفة الخسائر البشرية للكوارث الطبيعية، بالتوازي مع جهود فرق الدفاع المدني الحكومية والفرق الهندسية للجيوش. ويتوقف على أداء تلك المهام، المدى الزمني لإزالة آثار الكارثة وحجم الخسائر البشرية في مراحل لاحقة. وتتأثر في الحالة السورية بغياب التنسيق ونقص معدات الإغاثة.
(&) توفير الخدمات في المناطق المتضررة: تقوم فرق الدعم التابعة لمنظمات الإغاثة بتوصيل المياه والغذاء والخيام والبطانيات والمعاطف الشتوية ومعدات التدفئة الكهربائية.
(&) رعاية الأطفال والمشردين: تقديم أوجه الرعاية الإنسانية للأطفال الذين فقدوا عائلاتهم. كما تعمل بالتنسيق مع السلطات الرسمية في توفير المأوى الملائم للآلاف.
(&) خدمات الصحة العامة: ترعى اليونيسيف متابعة أوضاع الصحة العامة جراء الظروف القاسية التي تعانيها عموم الأراضي السورية (وفي مناطق الشمال حيث يتواجد نحو 4.1 مليون سوري)، خاصة مع ظهور وباء الكوليرا وتطهير محطات المياه المتاحة، إلى جانب البرد القارس الذي يهدد حياة الفئات الهشة من المرضى وكبار السن. وتشمل تلك الجهود تقديم الدعم النفسي للمتضررين من تبعات الصدمة.
فاعلية الدور:
يتضح من العرض السابق مكانة منظمات الإغاثة الحكومية وغير الحكومية في مواجهة الكوارث الطبيعية العابرة للحدود تحديدًا، كما تعبر عن حالة الكارثة بين الجنوب التركي والشمال الغربي والساحل السوريين مع تعقيدات تلك المنطقة سياسيًا من ناحية، وأولوية الاستجابة السريعة وغير المحدودة من ناحية أخرى والتي تنعكس في الأدوار التالية:
(*) تنسيق الاستجابة الطارئة: يتوقف دور المنظمات في تنسيق جهود الاستجابة بين بعضها البعض (على صعيد الاختصاصات الإغاثية المذكورة) من جهة، وبينها وبين السلطات المحلية والوطنية من جهة أخرى، على درايتها بأبعاد الموقف من خلال عناصرها المنتشرين على الأرض، ففي ظل حالة الاضطراب العام بمحيط المناطق المنكوبة تظل معلومات منظمة الإغاثة أكثر موثوقية للرجوع إليها -طالما لم تتأثر بتوجه سياسي معين- من أجل تخفيف حدة الأزمة.
(*) الشبكية: تعتمد كثير من المنظمات خاصة ذات الطبيعة الدولية والخبرات الواسعة في مواجهة الكوارث على آليات عمل شبكية لتحديد أولوياتها، عبر عدد نقاط ارتكازها في المناطق المتضررة أو تلك النقاط التابعة لشركائها من المنظمات الإغاثية والإنسانية المحلية، التي تستطيع من خلالها تقديم خدماتها للسكان، كما يجمع تلك المنظمات هدف رئيسي وهو العمل الإنساني، وهو ما يمكنها من تجاوز بعض العوائق اللوجستية والسياسية في كثير من الأحيان.
وإجمالًا؛ تمتلك منظمات الإغاثة الإنسانية الأممية وكذلك غير الحكومية دورًا فاعلًا في جهود مكافحة آثار الدمار الناجم عن الزلازل، خاصة في حالة العاصفة الزلزالية التي تضرب جنوب تركيا، في ظل أجواء غير مواتية من حجم الدمار الهائل وموقع الزلزال في منطقة حدودية تعاني بالفعل من ظروف البنية التحتية المتهالكة (في مناطق شمال غرب سوريا)، مما يصعب جهود الإغاثة ويستدعي درجة عالية من التنسيق والتضامن ليس فقط مع الجهات الحكومية المحلية، وإن تنسيقًا وتضامنًا عالميًا في إطار مؤسسي يركز على جهود الإنقاذ التي تعترضها عوائق لوجستية وسياسية.