يستعد مجلس الأمن الدولي، اليوم الاثنين، للتصويت على مشروع قرار يهدف إلى نقل غزة من الهدنة القائمة منذ أكتوبر الماضي، إلى مسار أكثر استدامة يشمل إعادة الإعمار وترتيبات أمنية جديدة.
وبحسب مسودة القرار التي اطلعت عليها شبكة "سي إن إن" الأمريكية، يقترح القرار إنشاء "مجلس السلام" لتولي إدارة غزة لمدة عامين، على أن يحظى بدعم دولي وقوات شرطة فلسطينية يجري تدريبها.
ويتولى المجلس، حسب الاقتراح، الإشراف على نزع سلاح حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، وهو مطلب أساسي لإسرائيل، إضافة إلى إدارة عملية الإعمار.
المقترح، الذي يستند إلى خطة السلام الأمريكية ذات النقاط العشرين التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سبتمبر الماضي، تواجه معارضة داخل الحكومة الإسرائيلية.
وأفادت مصادر دبلوماسية غربية للشبكة الأمريكية، بأن نقص التفاصيل في القرار سيجعل تنفيذه صعبًا، مُعربة عن تشاؤمها من صمود وقف إطلاق النار الحالي حتى حال إقراره.
خطة حكم انتقالية
ويدعو مشروع القرار إلى إنشاء "مجلس السلام" باعتباره "إدارة انتقالية ذات شخصية قانونية دولية" تتولى تنسيق إعادة إعمار غزة وفقًا لـ"الخطة الشاملة" المتفرعة عن مبادرة ترامب، ولا تزال هوية أعضاء المجلس وصلاحياته الدقيقة محل غموض، رغم تداول أسماء لقيادته، من بينها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، حسب الشبكة الأمريكية.
وتشير صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يرفض مشاركة السلطة الفلسطينية في المجلس، ويرى أن إسرائيل والولايات المتحدة "هما الجهتان اللتان ستحددان الشروط".
وبحسب مشروع القرار، فإن مجلس الأمن والدول الأعضاء سيشكلون "قوة استقرار دولية مؤقتة في غزة لنشرها تحت قيادة موحدة"، بهدف ضمان "عملية نزع السلاح من قطاع غزة، بما في ذلك تدمير البنية التحتية العسكرية والهجومية ومنع إعادة بنائها، فضلًا عن نزع السلاح".
القوات الدولية
وبينما تعمل قوات الأمن الدولية على "فرض السيطرة والاستقرار" في غزة، ينص مشروع القرار على أن انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي سيتم وفق معايير وجداول زمنية مرتبطة بعملية نزع السلاح، غير أن تنفيذ هذه الآلية يبدو بالغ التعقيد، إذ يُشبّهه دبلوماسيون بـ"وكر دبابير" يصعب ضبط تسلسله، في ظل بقاء قدرات حماس والفصائل الأخرى من صواريخ وأسلحة ثقيلة، بحسب "سي إن إن".
ولا تزال قيادات في حماس ترفض بشكل قاطع التخلي عن السلاح، فيما يتخوف أعضاء الحركة من تسليم أسلحتهم الفردية.
وكشفت الشبكة الأمريكية، أن واشنطن لن ترسل قوات برية إلى غزة، فيما قال مسؤول إسرائيلي إن "واشنطن تدرس تجاوز مرحلة نزع السلاح والانتقال مباشرة إلى إعادة الإعمار، في خطوة من شأنها إثارة غضب إسرائيل لأنها تبقي حماس على ترسانتها".
ووفق المسؤول الإسرائيلي، فإن مثل هذا التوجه "يُقوّض مشروع القرار الأمريكي نفسه" ويعد أمرًا غير مقبول لدى الحكومة الإسرائيلية، التي ترى أن واشنطن "تتجه نحو حلول مؤقتة لا يمكن لإسرائيل الموافقة عليها".
الدور الفلسطيني
ينص مشروع القرار على أن مجلس السلام سيسلم إدارة القطاع للسلطة الفلسطينية في مرحلة لاحقة، شرط أن تكون "أنجزت برنامجها الإصلاحي بصورة مرضية"، ورغم أن الوثيقة لا تحدد طبيعة الإصلاحات المطلوبة، فإنها تستند إلى مبادرة سعودية فرنسية تطالب السلطة بإجراء انتخابات عامة ورئاسية "حرة وشفافة"، خلال عام من تثبيت وقف إطلاق النار.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضي، استعداد بلاده لمساعدة السلطة الفلسطينية على صياغة دستور للدولة المستقبلية، ضمن مسعى أوسع لدفع حل الدولتين.
من جانبها، ترفض إسرائيل أن تتولى السلطة الفلسطينية أو حماس القيادة المدنية في غزة، ما يجعل العثور على كوادر فلسطينية مستقلة لإدارة القطاع مهمة شديدة الصعوبة، وفق "سي إن إن".
السؤال المؤجل
ويشير مشروع القرار إلى أنه حال حققت السلطة الفلسطينية تقدمًا ملموسًا في إصلاحاتها، فقد تتهيّأ الظروف لمسار "قابل للتصديق" نحو تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية، كما يتعهد النص بأن تطلق الولايات المتحدة حوارًا مباشرًا بين الفلسطينيين وإسرائيل لصياغة "أفق سياسي للتعايش السلمي".
إسرائيل تُصرّ علانية على رفضها إقامة دولة فلسطينية، إذ قال نتنياهو، قبل اجتماع الحكومة أمس الأحد، إن "معارضة إسرائيل لإقامة دولة فلسطينية على أي منطقة غرب نهر الأردن ثابتة ولم تتغير".
وذهب وزراء من اليمين المتطرف إلى أبعد من ذلك، إذ قال وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير: "لا وجود لما يسمى الشعب الفلسطيني، إنه اختراع بلا أساس تاريخي أو أثري أو واقعي".