عندما انطلقت الحملة ضد المدعية العامة العسكرية الإسرائيلية السابقة، يفعات تومر-يروشالمي، اعتبرها كثيرون في تل أبيب نجاحًا كبيرًا لما تصفه وسائل الإعلام العبرية بـ"آلة السم" التي قيل إنها تُدار بإيعاز من سارة نتنياهو زوجة رئيس الوزراء، ضد كل من يحاول المساس بزوجها.
ورغم أن نتنياهو لم يشارك في هذه الحملة تقريبًا، حيث اكتفى في الأسبوع الماضي بوصف فضيحة قاعدة "سدي تيمان" بأنها أكبر كارثة إعلامية في تاريخ إسرائيل، من الناحية العملية، بدا الأمر وكأنه رسالة إلى الجميع مفادها: "دع أي شخصية رفيعة المستوى في المؤسسة الأمنية أو القانونية تجرؤ على اتخاذ موقف ضد مصالح نتنياهو لتعرف ما يمكن أن تتوقعه كعواقب".
وحسب تحليل لصحيفة "هآرتس" العبرية، فإن هناك جهدًا يهدف إلى ربط المدعية العامة جالي بهاراف-ميارا بقضية تسريبات "سدي تيمان" من أجل إقالتها.
وجاء في تحليل الصحيفة: "من الواضح أن نية نتنياهو لا تقتصر على إبعاد بهاراف-ميارا عن التحقيق فحسب، بل تركّز أيضًا على مزاعم بأنها وموظفيها كانوا في الواقع مسؤولين عن تسريب الفيديو الذي يظهر فيه جنود احتياط وهم يعتدون بوحشية على معتقل غزّي في مركز احتجاز سدي تيمان".
ويضيف التحليل أن "الخوف يتسرب بالفعل إلى قلوب أولئك الموجودين في النظام، وقد أصبح تأثيره محسوسًا. القضاة والجنرالات والصحفيون. كلهم يعرفون أنه لا يتطلب الأمر الكثير ليكونوا في مرمى نيران آلة السم، وهم الآن يدركون العواقب المحتملة".
ثمار التنافس
يشير التحليل إلى أنه "في ظل الهدوء النسبي الذي أحدثه وقف إطلاق النار في الحرب، كان من المفترض أن تؤدي الإنجازات المحدودة للحكومة في الحرب ضد حماس، إضافة إلى نظرة الألم التي بدت على وجوه المحتجزين العائدين، إلى بعض ضبط النفس من جانبها، لكن أفعالها كانت على النقيض تمامًا".
يفنّد التحليل أسباب تحركات حكومة نتنياهو ضد المزاج العام في إسرائيل، فيشير إلى أن الائتلاف مُعرَّض للانهيار "بسبب تضارب مصالح كتل الكنيست، وصعوبة إقرار ميزانية الدولة وقانون التهرب من الخدمة العسكرية لإرضاء الأحزاب الحريدية".
لذا، ساد جوٌّ من التنافس على ما يُمكن، في حين أن ثمار التنافس قد بدأت تلوح في الأفق قبل الانتخابات الإسرائيلية.
ويضيف أن نتنياهو نفسه يواجه مشكلة "ليست جديدة لكنها تتفاقم" بسبب التناقضات في شهادته خلال الاستجواب المضاد في محاكمته "ورغم موافقة القضاة على مطالبه، ورغم التأخيرات المتكررة، يخشى رئيس الوزراء من الإدانة. فالأوقات العصيبة تستدعي اتخاذ إجراءات حثيثة".
ضمان الولاء
تشير "هآرتس" إلى أنه عندما أعلن وزير الدفاع، يسرائيل كاتس تعيين المحامي إيتاي أوفير، المستشار القانوني السابق لوزارة الدفاع، مدعيًا عسكريًا جديدًا، ولم يُطلع نتنياهو أو رئيس أركان الجيش إيال زامير على قراره، شنّ نجل رئيس الوزراء، يائير نتنياهو، حملة تشهير ضد التعيين.
كما اتخذ صحفيان بارزان من اليمين الإسرائيلي موقفًا نادرًا ضد تدخل عائلة نتنياهو في السياسة والتعيينات.
لذا، يوم الأربعاء الماضي، نشر رئيس الوزراء الإسرائيلي منشورًا طويلًا دفاعًا عن زوجته وابنه، ووُصف الخلاف بأنه خلاف داخلي "لكن في الوقت نفسه، يبدو أن نتنياهو يوجه رسالة إلى أوفير نفسه: تعيينك، حتى بعد الموافقة عليه وتنفيذه ظاهريًا، يعتمد على رضاي".
ويضيف التحليل أن ما حدث يجعل أي مسؤول إسرائيلي "يتذكر خاتم من يُطلب منه تقبيله". مؤكدًا أنه "هكذا تُثير قلق كبار المسؤولين وتضمن ولاءهم".