الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ترامب يتراجع.. إعفاءات جمركية واسعة لخفض أسعار الغذاء في أمريكا

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تستعد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإقرار إعفاءات جمركية واسعة النطاق على منتجات غذائية أساسية، في خطوة تمثل تراجعًا ملموسًا عن إحدى ركائز سياساته الاقتصادية، وسط تصاعد القلق الشعبي من ارتفاع تكاليف المعيشة الذي بات يؤرق ملايين الأسر الأمريكية.

إعفاءات شاملة

نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن ثلاثة مصادر مطلعة على الترتيبات الجارية، أن الخطة المرتقبة ستشمل إعفاء لحوم الأبقار ومنتجات الحمضيات من الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها ترامب في أبريل الماضي.

وأوضحت المصادر أن هذه الإعفاءات ستطال حتى المنتجات القادمة من دول لم توقع بعد اتفاقيات تجارية مع واشنطن، وهو ما يتجاوز أمرًا تنفيذيًا سابقًا أصدره ترامب في سبتمبر كان يقتصر على منتجات من دول موقعة على اتفاقيات تجارية فقط. ورغم تقدم الاستعدادات، حذرت المصادر من أن الرئيس لم يحسم قراره النهائي بشأن التفاصيل الدقيقة للإعفاءات.

وبحسب ما نقلته الصحيفة، فإن وزير التجارة هوارد لوتنيك دفع بقوة نحو هذه الإعفاءات الغذائية، مستشهدًا بارتفاع الأسعار الذي أثقل كاهل المستهلكين.

وكان الأمر التنفيذي السابق قد كلف لوتنيك إلى جانب ممثل التجارة الأمريكي جيميسون غرير بدراسة إعفاء أكثر من ألف فئة من المنتجات، تشمل معادن ومضادات حيوية وقطع طائرات ومنتجات زراعية كالقهوة والأناناس والأفوكادو وحبوب الفانيليا.

ضغوط تفرض تغيير المسار

يأتي هذا التحول في السياسة الجمركية في أعقاب هزيمة انتخابية مدوية للجمهوريين الأسبوع الماضي، حيث حصد الديمقراطيون فوزًا كاسحًا في انتخابات حكام ولايات فيرجينيا ونيوجيرسي، إضافة إلى سباقات رئيسية في بنسلفانيا وجورجيا، مستثمرين قضية غلاء المعيشة كورقة رابحة في حملاتهم الانتخابية.

وفي اليوم التالي للانتخابات، اعترف نائب الرئيس جيه دي فانس عبر منصة إكس بضرورة التركيز على "الجبهة الداخلية"، مؤكدًا أن مقياس الحكم على أداء الحزب الجمهوري في 2026 وما بعدها سيكون مدى نجاحه في جعل الحياة الكريمة ميسورة لعموم الأمريكيين.

وكانت معدلات رضا الرئيس ترامب قد تراجعت بشكل ملحوظ قبل الانتخابات؛ بسبب ارتفاع أسعار السلع في المتاجر الأمريكية، رغم إصراره المتكرر على أن الأسعار في تراجع، وهو ما تنفيه البيانات الرسمية، إذ أظهرت الأرقام الحكومية ارتفاعًا حادًا في أسعار المواد الغذائية هذا العام، حيث قفزت أسعار القهوة وحدها بنحو 19% حتى سبتمبر، بينما هبط مؤشر ثقة المستهلك إلى مستويات قياسية متدنية خلال الشهر الجاري، متأثرًا بشكل كبير بالقلق من تبعات الرسوم الجمركية.

وعود بخفض سريع للأسعار

أكد وزير الخزانة سكوت بيسنت في تصريحات لشبكة "فوكس نيوز" أن الإدارة ستعلن خلال أيام قليلة عن إعفاءات "كبيرة" تستهدف منتجات لا تنتجها الولايات المتحدة محليًا، مثل القهوة والموز وأصناف أخرى من الفواكه، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة ستؤدي إلى "خفض الأسعار بسرعة فائقة".

وأوضح مسؤول في الإدارة للصحفيين أن واشنطن باتت تمتلك الآن "كتلة حرجة" من الاتفاقيات التجارية، تسمح لها باتخاذ هذا الإجراء، متوقعًا تأثيرًا إيجابيًا واضحًا على أسعار القهوة والكاكاو والموز.

وفي خطوة موازية، أعلنت إدارة ترامب يوم الخميس إتمام أربع اتفاقيات تجارية جديدة مع الأرجنتين وجواتيمالا والسلفادور والإكوادور، تفتح أسواق هذه الدول أمام الصادرات الأمريكية وتؤمن الوصول إلى معادن حيوية، بينما تضع قواعد جديدة لحماية الملكية الفكرية وصناعة التكنولوجيا.

وبموجب هذه الاتفاقيات، ستبقى الرسوم على الإكوادور عند 15%، فيما تنخفض إلى 10% للدول الثلاث الأخرى، مع إعفاء كامل لبعض السلع غير المنتجة أمريكيًا. كما أشار المسؤول إلى تقدم محرز في المفاوضات مع سويسرا لخفض الرسوم البالغة حاليًا 39%، إضافة إلى تطورات إيجابية نحو إبرام اتفاقيات مع تايوان والهند.

خلافات داخلية

وتوضح الصحيفة الأمريكية أن الخطة لا تحظى بإجماع داخل أروقة الإدارة، إذ يخشى بعض المسؤولين من إثارة غضب مربي الماشية والمزارعين الذين يمثلون قاعدة انتخابية حاسمة لترامب.

وكان الرئيس قد دخل مؤخرًا في خلاف حاد مع اتحادات مربي الماشية حول مقترح لزيادة استيراد اللحوم من الأرجنتين، التي لا تمثل حاليًا سوى مصدر ضئيل للواردات الأمريكية، في محاولة لكبح جماح الأسعار المحلية، فيما يرى هؤلاء المربون أن هذا التوجه يتعارض مع فلسفة ترامب الأساسية في دعم الإنتاج المحلي.

وتطرح الصحيفة تساؤلًا حول مدى التأثير الفعلي لهذه الإعفاءات على الأسعار في المتاجر الأمريكية، خاصة أن معظم المنتجات الزراعية المستوردة تأتي من كندا والمكسيك، اللتين تتمتعان بالفعل بإعفاءات واسعة بموجب الاتفاقية التجارية الثلاثية، كما يثير القرار مخاوف من أن يبدو وكأنه مكافأة لدول رفضت التعاون مع الإدارة الأمريكية في إبرام اتفاقيات تجارية سابقًا.