الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تحالف الوسط واليمين.. انتقام سياسي يسقط "الحاجز الصحي" بالبرلمان الأوروبي

  • مشاركة :
post-title
جوردان بارديلا زعيم كتلة "الوطنيون" من حزب التجمع الوطني اليميني الفرنسي

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

شهد البرلمان الأوروبي تحولًا أنهى عقودًا من التقاليد السياسية، بعدما تحالف حزب الشعب الأوروبي المحافظ مع قوى اليمين المتطرف لتمرير تشريعات بيئية مثيرة للجدل، متخليًا عن شركائه التقليديين في الوسط واليسار، فيما وصفته صحيفة "بوليتيكو" بـ"شهادة وفاة الحصار الصحي" ضد المتطرفين.

كسر التحالفات التقليدية

أقدم حزب الشعب الأوروبي، الذي يضم في صفوفه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، على خطوة غير مسبوقة بالتصويت مع أحزاب اليمين المتطرف لتخفيف القيود البيئية، متجاوزًا حلفاءه من الاشتراكيين والديمقراطيين والليبراليين والخضر، في خطوة دقت المسمار الأخير في نعش الثقة بين التكتلات الأربعة الوسطية التي كانت تشكل العمود الفقري للسياسة الأوروبية.

وكشف مسؤول أوروبي لـ"بوليتيكو"، طالبًا عدم الكشف عن هويته، عن أن بعض نواب حزب الشعب يرون في هذا التحرك نوعًا من "الانتقام"، بعدما كانت التكتلات اليسارية والليبرالية تملك الأغلبية في الدورة السابقة وتهمّش المحافظين، بل وذهب مسؤول في المفوضية إلى القول: "إنه انتقام، ولا يستطيع مانفريد فيبر (زعيم الحزب) إيقافه".

صعود احترافي لليمين

لم تعد أحزاب اليمين المتطرف مجرد منصات إعلامية لتعزيز الشعبية المحلية، بل تحولت إلى لاعب سياسي محترف يفهم آليات العمل البرلماني، بحسب ما رصدته "بوليتيكو"، إذ بدأت هذه القوى في تحقيق انتصارات منذ الانتخابات الأوروبية عام 2024، من خلال تشكيل الأجندة الداخلية للبرلمان في اجتماعات مغلقة مع حزب الشعب.

واكتشف اليمين المتطرف طريقًا سريعًا للفوز بالتصويت لصالح مواقف المحافظين في الملفات المختلفة، كما تعلموا تقديم تعديلات مشابهة لتعديلات حزب الشعب، وهو ما نجح في عدة مناسبات منذ أكتوبر 2024.

وأكدت باسكال بييرا، المفاوضة الرئيسية لحزب "التجمع الوطني"، لـ"بوليتيكو" أن حزبها أثبت أنه "جاد" و"يعرف كيف يناور"، مضيفة أن التصويت كان "يومًا تاريخيًا" لأنهم "كسروا أغلبية فون دير لاين".

من جهته، احتفى جوردان بارديلا، زعيم كتلة "الوطنيون" من حزب التجمع الوطني اليميني الفرنسي بهذا النجاح، مؤكدًا لـ"بوليتيكو" أنه "ثمرة تواجدنا المتزايد في قاعة البرلمان"، معتبرًا التصويت "هزيمة حقيقية للإيكولوجيا العقابية" التي تفرضها المفوضية الأوروبية.

غضب الوسط واليسار

في المقابل، عبّرت تيري راينتكه، الرئيسة المشاركة لمجموعة الخضر، عن سخطها الشديد لـ"بوليتيكو"، واصفة ما حدث بأنه "إشارة بائسة للغاية" للتعاون المستقبلي، وضربة موجعة لمكافحة التغير المناخي وحماية عمالة الأطفال.

وحذرت راينتكه من أن "كل تصويت يذهب فيه حزب الشعب مع اليمين المتطرف يُضعف موقف فون دير لاين"، مطالبة بممارسة مزيد من الضغوط على الحزب المحافظ.

كما حذرت فاليري هاير، زعيمة حزب "رينيو" الليبرالي، فون دير لاين من أن حزبها "يقوّض الاستقرار السياسي" الذي يمثل "المصدر الأساسي للازدهار الاقتصادي العالمي".

أما إيراتشي جارسيا، رئيسة تكتل الاشتراكيين والديمقراطيين، فأكدت لـ"بوليتيكو" أن "التزامنا بالأغلبية الديمقراطية المؤيدة لأوروبا ثابت"، لكنها أشارت إلى أن حزب الشعب هو من يجب أن يجيب عن انحيازه لليمين المتطرف.

ويشكل هذا الواقع الجديد معضلة حقيقية لرئيسة المفوضية، التي تواجه بالفعل تحديات من البرلمان شملت ثلاثة طلبات بحجب الثقة وتهديدات بإسقاط ميزانية الاتحاد الأوروبي.

والأخطر أن تمكين الأحزاب المعادية للأجندة الخضراء، التي تمثل إرثًا محوريًا لفون دير لاين، يبدو لعبة محفوفة بالمخاطر في ظل صعود اليمين المتطرف في استطلاعات الرأي بفرنسا وبريطانيا وألمانيا، حيث حافظ الوسط لعقود على جدار حماية لمنع المتطرفين من الوصول للسلطة.