تتصاعد الأزمة السياسية في واشنطن مع اقتراب موعد تصويت حاسم بمجلس النواب الأسبوع المقبل حول الإفراج عن ملفات وزارة العدل الكاملة المتعلقة بقضية جيفري إبستين، فيما يمارس الرئيس دونالد ترامب ضغوطًا غير مسبوقة على نواب حزبه الجمهوريين لإفشال هذا التصويت، في وقت تكشف فيه وثائق مسربة عن معلومات محرجة تربط الرئيس الأمريكي بالمجرم المدان.
وثائق صادمة
نشرت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية تفاصيل مثيرة حول عشرات الرسائل الإلكترونية لإبستين التي كُشِف عنها الأربعاء الماضي، وأظهرت علاقة ترامب الوثيقة بالمتهم سيئ السمعة.
وأوردت الصحيفة أن لجنة الرقابة الديمقراطية بمجلس النواب نشرت ثلاث رسائل إلكترونية تشير إلى معرفة ترامب بتصرفات إبستين، من بينها رسالة يقول فيها المجرم المدان صراحة: "بالطبع كان يعرف عن الفتيات"، ورسالة أخرى وصفته بـ"الشخص الذي التزم الصمت"، وذكرت أنه "أمضى ساعات مع إحدى الضحايا في منزل إبستين".
ووفقاً للصحيفة، ردَّ فريق ترامب بالقول إن هذه الوثائق منتقاة بعناية، فيما نشر نواب جمهوريون أرشيفًا أضخم يتضمن أكثر من 20 ألف ملف.
كشفت هذه الملفات أن موظفي إبستين كانوا يتابعون رحلات ترامب الجوية وينسقونها مع تنقلات مديرهم، كما أظهرت أن المجرم المدان الراحل ظل يتابع أخبار صديقه السابق حتى بعد توتر علاقتهما.
استدعاءات ومكالمات
كشفت "ذا جارديان" عن تفاصيل حملة الضغط التي شنها البيت الأبيض على النواب الجمهوريين الموقعين على عريضة الإفراج عن الملفات، إذ استدعت الإدارة الأمريكية النائبة لورين بوبرت، وهي إحدى أربعة جمهوريين وقعوا العريضة، إلى اجتماع استثنائي في غرفة العمليات بالبيت الأبيض، ضم المدعية العامة بام بوندي ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل.
ولم يكتفِ ترامب بذلك، بل اتصل ببوبرت شخصيًا صباح الثلاثاء، قبل يوم واحد من أداء النائبة الديمقراطية أديليتا جريخالفا اليمين الدستورية لتصبح صاحبة التوقيع الحاسم رقم 218.
أما النائبة نانسي ميس، الموقِّعة الجمهورية الأخرى على العريضة، فحاول ترامب الاتصال بها دون جدوى، لتكتب له بدلًا من ذلك رسالة مطولة تسرد فيها تجربتها المؤلمة كناجية من اعتداء جنسي واغتصاب، موضحة استحالة تراجعها عن موقفها.
وأكدت "ميس"، عبر منصة إكس، أن "عريضة إبستين مسألة شخصية عميقة بالنسبة لها".
معركة تشريعية
أشارت "ذا جارديان" إلى أن عشرات النواب الجمهوريين يستعدون لدعم عريضة التفريغ التي قدمها الجمهوري توماس ماسي والديمقراطي رو خانا، والتي تلزم وزارة العدل بالكشف عن جميع ملفاتها التحقيقية حول إبستين خلال 30 يومًا.
وأوضحت الصحيفة أن التشريع ظل معطلًا لشهرين بسبب رفض رئيس المجلس مايك جونسون تحليف جريخالفا في أثناء الإغلاق الحكومي، لكن مع انتهاء الأزمة، تم تحليفها يوم الأربعاء، ما فتح الباب للتصويت.
وأوردت الصحيفة أن نوابًا جمهوريين بارزين مثل دون باكون من نبراسكا، وتيم بورشيت من تينيسي، وروب بريسناهان من بنسلفانيا، أعلنوا نيتهم التصويت لصالح الكشف استجابة لمطالب ناخبيهم بالشفافية.
ترامب يهاجم الديمقراطيين
في تطور لافت، ذكرت الصحيفة البريطانية أن ترامب أعلن صباح الجمعة -وسط تصاعد الغضب الشعبي- أنه سيطلب من وزارة العدل التحقيق في علاقات إبستين مع الديمقراطيين فقط وليس الجمهوريين، مستهدفًا بيل كلينتون ولاري سامرز وريد هوفمان.
وبشكل متناقض، وصف ترامب القضية بـ"خدعة إبستين" ونعتها بـ"الاحتيال"، رغم وعوده المتكررة خلال حملته الانتخابية بالكشف عن الملفات.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة العدل أعلنت في وقت سابق من العام الحالي أنها لن تفرج عن مزيد من التفاصيل حول القضية، ما أثار موجة من المطالب الشعبية بنشر ملفات التحقيق.
لكن حتى لو نجح مشروع القانون في تجاوز مجلس النواب، فإنه يحتاج موافقة مجلس الشيوخ وتوقيع ترامب نفسه، في حين لم يبدِ قادة الشيوخ أي إشارة على استعدادهم لطرحه للتصويت، ما يضع مصير الكشف عن الحقيقة في مهب الريح السياسية.