تربى المطرب المغربي الكبير فؤاد زبادي، في بيئة فنية ساعدته كثيرًا على تنمية موهبته الغنائية، فمنذ الصغر كان يربيه والده وجده على الطرب الأصيل، لكن من بين المطربين الذي سمعهم عشق المطرب المصري الراحل محمد عبد المطلب، رغم أنه لم يقابله سوى مرة واحدة في حياته بإحدى السهرات الرمضانية، إلا أنه منذ ذلك الوقت اعتبره أبًا روحيًا له.
وفي عام 1997، رشحته المطربة المغربية الشهيرة حياة الإدريسي إلى الفنانة رتيبة الحفني، ليشارك في مهرجان الموسيقى العربية الذي ينطلق من مصر، ومن هنا بدأت رحلة عشقه للمسرح الكبير، لجمهور دار الأوبرا المصرية، وبات حريصًا على أن يقدم أغاني الطرب الجميل ليطرب محبيه كل عام تقريبًا.
وشارك زبادي مؤخرًا في الدورة 31 من مهرجان الموسيقى العربية، وأجرى "القاهرة الإخبارية" حوارًا معه روى فيه سر عشقه لمصر ولمحمد عبد المطلب، وكيف رأى ردود الفعل الكبيرة على حفله بالأوبرا؟، وهل ظُلم فنيًا لحصره في أغاني التراث فقط، وكواليس مقابلته الوحيدة مع عبد المطلب، وتفاصيل أخرى في هذا الحوار :
في البداية.. كيف رأيت ردود الفعل الكبيرة على الحفل؟
الحقيقة أنا سعيد جدًا بالحضور إلى مصر، ومشاهدة الجمهور أمر يُبهج أي فنان، ومهرجان الموسيقى العربية تاج على رؤسنا، ونحن ننتظر حفلاتنا هنا بمصر كل عام، حبًا وعشقًا لمبنى دار الأوبرا المصرية.
تتواجد بحفلات في مهرجان الموسيقى العربية منذ بداياته.. كيف تطور المهرجان؟
أول دورة حضرتها كانت عام 1997، مع الفنانة رتيبة الحفني، فقد رشحتني الفنانة حياة الإدريسي وكانت همزة الوصل بيني وبين الدكتورة رتيبة، وحينما جئت أول مرة "اتلخبطت"، ثم حرصت على أن أتواجد كل عام، ومن دورة لأخرى نجد إضافة وتطويرًا كبيرًا للمهرجان، ودائمًا الدورات ناجحة ولها صدى عالٍ، ومختلفة في مطربيها، على الرغم أنها مهمة وليست سهلة نهائيًا.
غنيت على المسرح الكبير ووقفت أيضًا على مسرح النافورة الذي انتقلت إليه حفلات المهرجان.. أيهما تفضل؟
أعجبني مسرح النافورة جدًا، والمايسترو صلاح الشرقاوي، رئيس الفرقة المغربية للموسيقى العربية، قال لي بعد حفل الدورة 31، مسرح النافورة أعطاك حرية للانطلاق والجو أيضًا كان جميلًا وأعطانا فرصة للاستمتاع بليلة طربية رائعة، لكن الوقوف على خشبة المسرح الكبير بدار الأوبرا له هيبة وفخامة.
شاركت في العديد من المهرجانات الفنية بمختلف الدول.. ما يميز مهرجان الموسيقى عن غيره؟
أهم ما يميز مهرجان الموسيقى هو صيغته العربية، ومن لم يأتي هنا ويقدم حفلًا بالمهرجان يعيش متمنيًا وحالمًا بالوقوف على مسرح دار الأوبرا، وهو على عكس المهرجانات الأخرى التي تكون لها حضور خاص لكن ببلدها.
وجاء معي من المغرب عدد كبير من الجمهور، وهم رابطة عشاق الطرب، أعتقد البعض أنهم فرقتي، لكن هذا ليس صحيح.
ما سر تعلقك بالمطرب المصري الكبير محمد عبد المطلب؟
أحد الأصدقاء بمصر قال لي من قبل وجدنا النجوم العرب يغنون لأم كلثوم، وعبد الحليم حافظ ويرتبطون بهم، فما السر وراء تعلقك بالمطرب محمد عبد المطلب؟، فقلت له، أنا عشقي لدفعته جميعًا في الغناء، وطالما ذهبت إلى عبد المطلب لا يمكن أن أذهب إلى طبقة عبد الحليم حافظ، لكن ممكن أن أغني لـ محمد عبد الوهاب، كارم محمود رغم أنه بعيد عني قليلًا لكني أحبه جدًا، وفي إحدى المرات سجلت لإحدى القنوات عشر أغاني لكارم محمود، وقالت لي الإعلامية صفاء أبو السعود كيف تغني لكارم محمود؟، ولم تصدق حينما سمعتني أغني له وأنني استطعت أن أصل لطبقته وانبهرت بي، فهو فنان منفرد بنوعه، لكن الأب الروحي لي هو محمد عبد المطلب.
هل قابلت محمد عبد المطلب من قبل؟
قابلته مرة واحدة فقط، عام 1978 في إحدى السهرات الرمضانية، فذهبت إليه وقلت له أنا من عشاقك وأحفظ أغانيك فقال لي مثل ماذا، فقلت له يا حاسدين الناس، و"تسلم إيدين اللي اشترى" فوقف منتبهًا، حينما سمع اسم الأغنية ولم يصدق أن شابًا في عمري يعرف الأغنية، لكنه رحل دون أن أوثق هذه اللحظة بصورة معه، والحقيقة أن تلك الأغنية كانت سر عشقي لعبد المطلب، وحينما اسمعه تحدث كهرباء في جسدي ويرتعش.
هل ترى أن محمد عبد المطلب لم يحصل على حقه من النجومية؟
أظن أنه أخذ حقه من النجومية، فقد كان موجودًا ومعروفًا، وهو مطرب جماهيري، فقد جمع بين الكم والكيف، أما محمد فوزي فأعتقد أنه لم يأخذ حقه، فهو ملحن عظيم.
هل ترى أن حصرك في الغناء لمطربي الطرب الأصيل ظلمك فنيًا حيث لم يعد إنتاجًا فنيًا كبيرًا؟
أنا قدمت قصائد من إنتاجي الخاص، ولديّ أغاني ناجحة في المغرب، كما أن هناك أغنية كان من المفترض أن يغنيها محمد عبد المطلب وتحمل اسم "إحنا جيران" سأسجلها بصوتي وهي جاهزة.
من المفارقات الرائعة تقديمك لأغاني الطرب الأصيل ويسمعك الكثير من الشباب والأجيال الجديدة.. كيف ترى هذا التناغم ولماذا لا تتواصل معهم على السوشيال ميديا؟
رأيت هذا وكنت سعيد جدًا، لكن أنا حقًا مُقصر في السوشيال ميديا، وحينما أتقابل مع شباب يكون هناك محبة كبيرة، وأجدهم سعداء بالأغاني التي أقدمها، وأشعر حاليًا أن هناك انجذابًا لأغاني العصر الذهبي، والنفور من الأغاني الهابطة، وأن الشباب يبحثون عن السهرات الطربية على يوتيوب وغيره من المنصات، لأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح.
مَن مِن الأصوات المصرية التي تُحب الاستماع إليهم؟
أحب عمرو دياب وهو لا يقدم اللون الطربي لكنه حقق نجاحًا عظيمًا لا غبار عليه، وأحب على الحجار ومدحت صالح، وهاني شاكر وآمال ماهر، وأنغام، وأحب صوت شيرين عبد الوهاب كثيرًا، فهي فنانة معبرة ولديها إحساس كبير، وأتمنى أن أقدم دويتو غنائي مع الكثيرين في مصر، وأنا دائمًا أقول من لم يشرب من نيل القاهرة لم يذق الطرب، ومن يريد أن ينجح يشرب من النيل.
كيف أثرت عائلتك في تكوينك الفني؟
جدي كان من حفظة التراث المغربي يُسمى "الملحوم"، وأبي كان عشقه الآلات الموسيقية ويحب السماع إلى الطرب الأصيل، وحينما كنت صغيرًا كانوا يقولون لي إنني كنت لا أغضب بل أعبر عما بداخلي بالإيقاعات، والفضل يعود أيضًا في تكويني للإذاعة المدرسية ففي الصباح حينما كنت أذهب إلى المدرسة أستمع إلى "يا صباح الخير ياللي معانا" للمطربة الراحلة أم كلثوم وكنت أحبها جدًا.
ماذا عن الجانب الإنساني لـ فؤاد زبادي؟
أنا شخص محب لكل من حولي أتمنى لهم الخير جميعًا، وأحب أن أعيش في سكون، وفي منزلي بمراكش لديّ جدار على شكل نوتة موسيقية وأضع عليه الجوائز التي حصلت عليها كلها وأحب أن أنظر إليها من وقت لآخر وأشاهد مشواري.
ماذا عن أبنائك؟
لديّ ولدان وبنت، وكنت أريد أن اسمي أحد أبنائي عبد المطلب، لكن قالوا في فرنسا إنهم حينما ينادوا عليه ستخرج من الفرنسيين بطريقة نطق ليست صحيحة، فقررت ان اسميه وديع، والثلاثة ماشاء الله على أصواتهم، وإذا تواجدت في برنامج اختيار مواهب وطلبوا مني أن أقيم الأصوات فابنتي "كنزى" قادرة على القيام بهذه المهمة فهي تقيم وتحلل الأصوات الغنائية وهي ما زالت صغيرة، وأنا أكتفي بأرائها.