في لحظة وصفت بأنها "صفحة جديدة في العلاقات السورية الأمريكية"، حطَّ الرئيس السوري أحمد الشرع طائرته في العاصمة واشنطن، ليكون أول رئيس سوري يزور الولايات المتحدة منذ تأسيس الدولة السورية عام 1946، وبينما لا تزال الأوساط السياسية والإعلامية تتابع تداعيات هذه الخطوة غير المسبوقة، ظهر الشرع في مشهد غير تقليدي وهو يمارس لعبة كرة السلة مع كبار القادة العسكريين الأمريكيين، في إشارة رمزية إلى مرحلة جديدة من التقارب بعد عقودٍ من العداء والعقوبات.
زيارة تاريخية
ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن "الشرع" وصل إلى الولايات المتحدة في زيارة رسمية مخطط لها، قادمًا من البرازيل، بعد يوم واحد من إعلان وزارة الخارجية الأمريكية رفع اسمه من قائمة أخطر الإرهابيين المطلوبين، ويومين من قرار مجلس الأمن الدولي برفع العقوبات المفروضة عليه.
ويعد الشرع أول رئيس سوري يزور واشنطن منذ عام 1946، ومن المقرر أن يلتقي بنظيره الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض غدًا الاثنين، وتأتي الزيارة بعد مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث ألقى كلمة ليصبح أول رئيس سوري يخاطب هذا المحفل الدولي منذ عام 1967.
يُذكر أن آخر لقاء جمع بين رئيسين أمريكي وسوري كان في عام 2000، حين اجتمع الرئيس الأمريكي بيل كلينتون بالرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في جنيف.
أهداف الزيارة
وحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، فإن اللقاء المرتقب بين الشرع وترامب سيتناول المفاوضات المباشرة بين سوريا وإسرائيل حول اتفاقية أمنية جديدة، إلى جانب توقيع دمشق اتفاقًا للانضمام إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم (داعش).
ويسعى الشرع خلال زيارته واشنطن إلى بحث رفع العقوبات المتبقية على سوريا، وعلى رأسها "قانون قيصر"، الذي يفرض عقوبات على الجهات الداعمة ماليًا لنظام بشار الأسد، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت".
وفي سياق متصل، قالت ستة مصادر مطلعة لوكالة "رويترز" إن واشنطن تستعد لإنشاء وجود عسكري في قاعدة جوية بدمشق، للمساعدة في تنفيذ الاتفاق الأمني بين سوريا وإسرائيل، وأوضح مسؤول في الإدارة الأمريكية أن واشنطن "تُقيّم باستمرار وضعها في سوريا لضمان محاربة تنظيم الدولة الإسلامية بفاعلية".
وذكرت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية أن الشرع يسعى خلال زيارته إلى واشنطن للحصول على تمويل لإعادة إعمار سوريا، التي تواجه تحديات اقتصادية هائلة بعد 13 عامًا من الحرب الأهلية.
وأشار تقرير للبنك الدولي في أكتوبر الماضي إلى أن تكلفة إعادة الإعمار في سوريا قد تصل إلى 216 مليار دولار، واصفاً هذا الرقم بأنه "تقدير متحفظ".
لقاء غير تقليدي
تزامنًا مع وصوله إلى العاصمة الأمريكية، نشر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مقطع فيديو على حسابه في "إنستجرام" ظهر فيه إلى جانب الرئيس السوري وقائد القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) الجنرال براد كوبر، ورئيس التحالف الدولي ضد داعش العميد كيفن لامبرت، وهم يمارسون لعبة كرة السلة.
وظهر الشرع في الفيديو مرتديًا ملابس رسمية، فيما كتب الشيباني تعليقًا على المقطع قال فيه: "اعمل بجد، العب أكثر، ألعب بعض الحركات على الملعب مع الأدميرال براد كوبر والعميد كيفن لامبرت".
ولم يُكشف عن موقع تصوير الفيديو، لكن نشره تزامن مع وصول الشرع إلى واشنطن، في زيارة وصفتها وسائل الإعلام السورية بـ"التاريخية"، والتي ستتوج بلقاء رسمي مع الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض.
تصريحات ترامب
قال ترامب في تصريحات صحفية الأسبوع الماضي: "أعتقد أن الشرع يقوم بعمل رائع.. إنها منطقة صعبة، وهو رجل قوي، لكنني كنت على وفاق تام معه.. أُحرز تقدم كبير مع سوريا، ورفعنا العقوبات لنمنحها فرصة حقيقية".
وأوضح ترامب أن قرار رفع العقوبات جاء "بناءً على طلب تركيا، وإسرائيل، بالإضافة إلى دول أخرى".
علاقات متجددة
اللقاء المرتقب بين ترامب والشرع سيكون الثاني من نوعه، إذ التقيا في مايو الماضي في العاصمة السعودية الرياض، وهو ما اعتُبر حينها تحولًا جذريًا في النهج الأمريكي تجاه سوريا بعد سنوات من القطيعة خلال فترة حكم بشار الأسد.
كما التقى الشرع بنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أكثر من مرة، كان آخرها الأسبوع الماضي في البرازيل، وأبدت عدة دول خليجية دعمها للحكومة السورية الجديدة، معربة عن أملها في أن يسهم التقارب الأمريكي السوري في تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة.