دخلت الولايات المتحدة في أطول إغلاق للحكومة الفيدرالية في تاريخها، مع استمرار الجمود بين المشرعين الجمهوريين والديمقراطيين، ورفض دونالد ترامب الدعوات للتفاوض، وفق صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
وشهد اليوم الأربعاء اليوم الـ36 من الإغلاق الحكومي، مُحطمًا الرقم القياسي المسجل في الفترة 2018-2019. وأدى ذلك إلى إجازة مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين دون أجر، وإغلاق بعض الخدمات، وتعطيل إمدادات قسائم الطعام لـ40 مليون أمريكي يعتمدون عليها.
وحذّر الرئيس الأمريكي، أمس الثلاثاء، من أن حكومته لن تعيد تشغيل المساعدات الغذائية للأمريكيين الأكثر فقرًا، إلا إذا قام ما أسماهم بـ"الديمقراطيين اليساريين المتطرفين" بفتح الحكومة.
وجّه قادة الكونجرس الجمهوريون الدعوة إلى الديمقراطيين للموافقة على إجراء تشريعي مؤقت لسد الفجوة للحفاظ على التمويل عند مستويات الإنفاق الحالية، لكن الديمقراطيين أكدوا أنهم لن يوافقوا حتى يتراجع الجمهوريون عن التخفيضات المخطط لها في الإعفاءات الضريبية للرعاية الصحية، التي من المقرر أن تنتهي صلاحيتها بنهاية العام.
ورفض ترامب دعوات للقاء كبار الديمقراطيين للتوصل إلى اتفاق، كما تشير استطلاعات الرأي إلى أن الأمريكيين يلومونه وحزبه على الإغلاق.
وقال ترامب للصحفيين، الأحد الماضي، في إشارة إلى الديمقراطيين: "كل ما عليهم فعله فتح البلاد. لقد صوتنا 14 مرة لفتح البلاد، وهم يصوتون لإبقائها مغلقة".
لكن هناك دلائل تشير إلى أن المشرعين ربما يقتربون من التوصل إلى اتفاق، إذ تجتمع مجموعة صغيرة من أعضاء مجلس الشيوخ من كلا الحزبين خلف الأبواب المغلقة.
وقال جون ثون، زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، للصحفيين في مبنى الكابيتول، أمس الأول الاثنين: "أعتقد أننا نقترب من مخرج. هذا الإغلاق يختلف عن أي إغلاق حكومي سابق، من حيث طريقة تعامل الديمقراطيين معه".
وازدادت وطأة الإغلاق الحكومي على المواطنين في الأيام الأخيرة، ما عرض بعض أفقر الأمريكيين للخطر، بمن فيهم أكثر من 40 مليون شخص يعتمدون على المساعدات الغذائية الحكومية. وانتهت أموال برنامج المساعدة الغذائية التكميلية "سناب"، السبت الماضي، لأول مرة منذ انطلاق البرنامج الممتد لأكثر من 60 عامًا.
وكشفت إدارة ترامب في ملفات للمحكمة الفيدرالية، أمس الأول الاثنين، أنها سترسل نصف إعانات قسائم الطعام الاعتيادية للأسر المحتاجة لشهر نوفمبر. وبدا أن الرئيس يناقض هذا الموقف على منصته "تروث سوشيال"، أمس الثلاثاء، عندما قال إن الإعانات "ستمنح فقط" عند إعادة فتح الحكومة.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، للصحفيين في وقت لاحق، إن ترامب كان يشير إلى مدفوعات "سناب" المستقبلية، وليس الإعانات المستحقة هذا الشهر.
وأضافت: "نحن نلجأ إلى صندوق طوارئ. لا يرغب الرئيس في اللجوء إلى هذا الصندوق مستقبلًا، وهذا ما أشار إليه في منشوره على تروث سوشيال".
كما اضطرت بعض برامج ما قبل المدرسة الممولة فيدراليًا للأطفال ذوي الدخل المحدود في أجزاء من البلاد إلى الإغلاق.
ويقول قدامى المحاربين في واشنطن، إن تعطيل برنامج "سناب" وغيره من برامج الرعاية الاجتماعية سيجعل الإغلاق الحكومي أولوية لدى العديد من الناخبين، وسيزيد الضغط على كلا الحزبين لإنهاء الجمود.
وقال الخبير الإستراتيجي الجمهوري المخضرم دوج هاي: "نحن الآن نتحدث عن نسب كبيرة من البلاد ستشعر بآثار حقيقية".
كما يصر الديمقراطيون على أن قدرتهم التفاوضية ازدادت منذ الأول من نوفمبر، مع بدء فترة السماح للأمريكيين بالتسجيل في التأمين الصحي للعام المقبل. ومنح ذلك بعضهم فكرة عن مدى ارتفاع تكاليفهم الشهرية دون الإعفاءات الضريبية.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الناخبين أكثر ميلًا لإلقاء اللوم على ترامب والجمهوريين في الإغلاق الحكومي.
وأظهر استطلاع رأي أجرته شبكة "إن بي سي نيوز"، الأحد الماضي، أن 52% من الناخبين المسجلين ألقوا اللوم على الرئيس وحزبه الجمهوري، مقارنة بـ42% ألقوا اللوم على الديمقراطيين في الكونجرس.
وأوضح الاستطلاع نفسه أن 43% من الأمريكيين يوافقون على أداء ترامب الوظيفي، بانخفاض قدره أربع نقاط مئوية عن مارس، بينما أبدى 55% عدم موافقتهم.