في ضوء القمة الأخيرة التي جمعت الرئيس الصيني شي جين بينج ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، شهدت بروكسل لقاءً مغلقًا بين مسؤولين من الاتحاد الأوروبي والصين ركَّز على ملف المعادن النادرة وسلاسل الإمداد الحساسة، غير أن صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" الصادرة في هونج كونج اعتبرت في تقريرها أن هذا الاجتماع الأوروبي الصيني لم ينجح في تهدئة المخاوف الاقتصادية المتصاعدة داخل أوروبا، خصوصًا في ظل التقدم الملحوظ في المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين، الأمر الذي جعل محادثات بروكسل تبدو "باهتة وغير مؤثرة".
أوروبا بين عملاقين
تؤكد الصحيفة أن التطورات الأخيرة أظهرت بوضوح أن الصين والولايات المتحدة لا تزالان تمسكان بمفاتيح النظام التجاري العالمي، فيما يجد الاتحاد الأوروبي نفسه محاصرًا بين قوتين اقتصاديتين تتنازعان قيادة التجارة العالمية.
وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية أولوف جيل، إن الجانبين "ناقشا كيفية الحفاظ على استقرار سلاسل الإمداد المتعلقة بالمعادن النادرة"، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي والصين تعهدا "بتسهيل إصدار تراخيص التصدير، بما في ذلك التراخيص الموحدة".
ورغم ما وصفته بروكسل بأنه "خطوة مسؤولة" لضمان تدفق التجارة في مجال المعادن النادرة بعد القمة الصينية الأمريكية، فإن النتائج العملية لا تزال محدودة، خصوصًا بعد سلسلة من الأزمات التي ضربت الشركات الأوروبية في الأشهر الأخيرة.
توتر متصاعد
وتأتي هذه التطورات في أعقاب تصاعد الخلاف حول شركة (Nexperia)، وهي شركة ذات أصول صينية كانت تدير عملياتها من هولندا، ففي نهاية سبتمبر، أقدمت الحكومة الهولندية على الاستحواذ القسري على الشركة بذريعة "الأمن القومي"، بعد أن تلقت ضغوطًا أمريكية لتغيير إدارتها، بحسب وثائق قضائية أوروبية.
إلا أن الخطوة الهولندية فجَّرت موجة من القلق داخل الاتحاد الأوروبي، خاصة أن القرار جاء متزامنًا مع نقص حاد في المعادن النادرة المستخدمة في صناعة السيارات وأشباه الموصلات، ما دفع شركات أوروبية كبرى إلى التحذير من توقف الإنتاج خلال أيام.
وقالت سيجريد دو فريس، المديرة العامة لجمعية مصنعي السيارات الأوروبية إن "سلاسل الإمداد تتعرض لانقطاع فعلي في بعض المكونات.. هذا يعني أن خطوط التجميع قد تتوقف خلال أيام قليلة.. نحن نحث جميع الأطراف على مضاعفة الجهود الدبلوماسية لحل هذه الأزمة الحيوية".
تغيُّر قواعد اللعبة
وبينما كانت أوروبا تحاول معالجة تداعيات الأزمة، توصلت بكين وواشنطن -خلال محادثات سرية في كوالالمبور- إلى تفاهم جديد يقضي بتجميد متبادل للإجراءات التقييدية.
ووافقت الولايات المتحدة على تعليق تنفيذ نصف القيود المفروضة على تصدير التكنولوجيا المتقدمة لمدة عام، فيما قررت الصين تجميد إجراءاتها الخاصة بالتحكم في صادرات المعادن النادرة لمدة مماثلة، مع وضع آلية مشتركة لمراجعة التطبيق.
هذا التفاهم بين القوتين العظميين -الذي رحب به البيت الأبيض ورواد الصناعات التكنولوجية العالمية- جعل اللقاء الأوروبي الصيني في بروكسل يبدو "فاقد الزخم"، وأظهر أن الملفات التجارية الكبرى لا تُحسم إلا عبر قناة واشنطن-بكين.