أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، اليوم الجمعة، حزمة عقوبات جديدة وشاملة ضد روسيا، تشمل لأول مرة استهداف كيانات صينية وهندية، في خطوة تهدف إلى تشديد الخناق على موسكو وكسب تأييد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال الضغط على بكين.
استهداف شبكة الدعم الدولية لروسيا
كشفت المصادر الدبلوماسية الأوروبية لصحيفة "بوليتيكو" الأمريكية أن الحزمة التاسعة عشرة من العقوبات، التي أُعلنت بعد إحاطة للسفراء الأوروبيين بعد ظهر الجمعة، تستهدف 12 كيانًا صينيًا و3 كيانات هندية ستُدرج في القائمة السوداء التي تحظر على الشركات الأوروبية التعامل معها.
وأوضحت فون دير لاين في مؤتمرها الصحفي أن "الهدف يشمل المصافي وتجار النفط وشركات البتروكيماويات في دول ثالثة، بما في ذلك الصين"، مشيرة إلى أن شركتين صينيتين ستواجهان حظرًا كاملًا للمعاملات.
وأكدت كايا كالاس عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن العقوبات تشمل "إضافة المزيد من المواد الكيميائية والمكونات المعدنية والأملاح والخامات إلى حظر الصادرات، وضوابط تصدير أكثر صرامة على الكيانات من روسيا وكذلك الصين والهند"؛ مما يعكس تصميم الاتحاد على قطع خطوط الإمداد التي تغذي المجهود الحربي الروسي.
ضربة لشريان الطاقة الروسية
تمثل الحزمة الجديدة تصعيدًا حادًا ضد قطاع الطاقة الروسي، حيث ستخضع شركات التداول الطاقوية الكبرى "روسنفت" و"جازبرومنفت" لحظر كامل للمعاملات وتجميد للأصول، وفقًا لما أعلنته فون دير لاين، كما فُرض سقف سعري جديد للنفط الروسي عند 47.60 دولار للبرميل، مع تسريع الحظر المقترح على الغاز الطبيعي المسال الروسي ليدخل حيز التنفيذ بنهاية 2026 بدلًا من 2027.
وفي ضربة موجعة للأسطول الظل الذي تعتمد عليه روسيا لتهريب نفطها وتجنب قيود مجموعة السبع، أدرجت العقوبات 118 سفينة إضافية من السفن المتقادمة التي تنقل النفط الروسي، مما يرفع إجمالي السفن المدرجة تحت العقوبات الأوروبية إلى أكثر من 560 سفينة.
دخول عصر جديد في حرب العقوبات الرقمية
تُسجل العقوبات الجديدة سابقة تاريخية بدخولها عالم العملات الرقمية، حيث أعلنت المفوضية الأوروبية أن "التدابير التقييدية ستطال لأول مرة منصات العملات المشفرة وتحظر المعاملات بالعملات المشفرة"، كما تشمل العقوبات إدراج البنوك الأجنبية المرتبطة بأنظمة الدفع البديلة الروسية وتقييد المعاملات مع الكيانات في المناطق الاقتصادية الخاصة، مما يعكس تطور أساليب التحايل على العقوبات واستخدام التقنيات المالية الحديثة.
رهان دبلوماسي على التحالف مع واشنطن
تأتي هذه الخطوة في إطار محاولة أوروبية حثيثة لكسب دعم الرئيس ترامب، الذي اشترط فرض عقوبات "كبيرة" على روسيا مقابل توقف دول الناتو التام عن استيراد النفط الروسي، وهو مطلب صعب التحقيق؛ نظرًا لرفض دول مثل تركيا والمجر وسلوفاكيا العثور على موردين بديلين.
وقد أرسل الاتحاد الأوروبي فريقًا تقنيًا رفيع المستوى إلى واشنطن الأسبوع الماضي، مع استمرار المحادثات بين الجانبين.
وأكد ترامب خلال زيارته الرسمية لبريطانيا هذا الأسبوع أنه "إذا انخفض سعر النفط، فسيتراجع بوتين، لن يكون لديه خيار آخر سوى الانسحاب من تلك الحرب"، بحسب ما نقلته بوليتيكو.
ردود فعل متباينة وتطلعات مستقبلية
برر الاتحاد الأوروبي تشديد العقوبات بأن "روسيا أظهرت المدى الكامل لازدرائها للدبلوماسية والقانون الدولي"، مشيرًا إلى الهجوم على مكاتب الاتحاد في كييف الشهر الماضي وانتهاك المجال الجوي البولندي والروماني بالطائرات المُسيرة.
من جانبه، علق مفوض العقوبات الأوكراني فلاديسلاف فلاسيوك على الحزمة قائلًا لبوليتيكو: "نريد بطبيعة الحال أكبر عدد ممكن من العقوبات الصارمة، لكننا ندرك أيضًا أن بعض التدابير أصعب في التطبيق من غيرها".
وأضاف: "هذه مجرد البداية، سنشهد الكثير من التطورات في مجال العقوبات خلال الأسابيع والشهور المقبلة".
تحتاج الحزمة الجديدة إلى موافقة جميع الدول الأعضاء السبع والعشرين في الأسابيع المقبلة، في وقت يواصل فيه القادة الأوروبيون تعهدهم بالحفاظ على الضغط على روسيا لإنهاء حربها على أوكرانيا وسط جهود دبلوماسية متزايدة لإجبار الكرملين على التفاوض.