يتعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال الساعات الأخيرة لانتقادات كبيرة، معتبرة أنه خسر حربه التجارية ضد الصين، وأن بكين نجحت في "إخضاع" واشنطن دون إطلاق رصاصة واحدة.
انتصار الصين
كتبت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أنه عندما أعلن ترامب في أبريل الماضي ما وصفه بـ "يوم التحرير" وفرض موجة جديدة من الرسوم الجمركية، أخطأ في تقدير قوة الصين، معتقدًا أن اعتمادها الكبير على الصادرات إلى السوق الأمريكية سيجعلها الطرف الأضعف في الصراع.
لكن ما حدث بحسب صحيفة "أوبزرفر" الصينية كان العكس تمامًا. فبينما تمكنت الصين من تعويض وارداتها من السلع الزراعية الأمريكية، مثل فول الصويا، عبر أسواق بديلة في أمريكا الجنوبية، واجهت الولايات المتحدة مأزقًا حقيقيًا في مجال المعادن النادرة، التي تعتمد عليها الصناعات الأمريكية المدنية والعسكرية على حد سواء.
وتقول "نيويورك تايمز" إن "الصين جعلت الولايات المتحدة تقع في فخ اقتصادي"، موضحة أن اعتماد الاقتصاد الأمريكي على واردات المعادن النادرة من الصين أعمق بكثير من اعتماد بكين على المنتجات الزراعية الأمريكية، وأن توقف الإمدادات الصينية كفيل بإغلاق مصانع أمريكية وإصابة مجمع الصناعات الدفاعية بالشلل.
"اتفاق استسلام"
ورغم أن وزير الخزانة الأمريكي أعلن مؤخرًا التوصل إلى "إطار عمل جوهري" مع الصين قد يؤدي إلى خفض أو إلغاء بعض الرسوم الجمركية، ترى الصحيفة الأمريكية أن ما جرى ليس تسوية متكافئة، بل "عودة إلى ما قبل الحرب، ولكن من موقع ضعف أمريكي".
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن "واشنطن أطلقت حربًا تجارية ثم وجدت نفسها ترفع الراية البيضاء"، مضيفة أن ترامب، بعد فشله في كسب المعركة، بدأ يقدم تنازلات متتالية لبكين، من تخفيف قيود تصدير الرقائق الإلكترونية إلى تأجيل صفقات بيع السلاح لتايوان.
"فن السيطرة بلا حرب"
ويشير تقرير الصحيفة إلى أن الصين تتبع استراتيجية طويلة الأمد تقوم على استخدام ورقة المعادن النادرة كأداة ضغط استراتيجية، دون أن تدفع الدول الغربية إلى تسريع فك اعتمادها على الصين، كما استشهدت بالمبدأ الشهير في كتاب "فن الحرب" للمفكر العسكري الصيني سون تزو: "النصر في مئة معركة ليس أعظم الانتصارات، بل الأعظم أن تخضع عدوك دون قتال".
الديمقراطيون: ترامب خسر الحرب
وفي السياق ذاته، نشر الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأمريكي تقريرًا جديدًا خلص إلى أن ترامب "خسر الحرب التجارية التي أشعلها بنفسه".
وأشار التقرير إلى أن السياسات الجمركية الأمريكية زادت التضخم وأضعفت التصنيع المحلي، في حين استفادت الصين من إعادة توجيه صادراتها نحو أسواق أخرى، ما عزز نموها الاقتصادي رغم العقوبات.
كما أوضح التقرير أن الصين، بفضل تنويع أسواقها وسلاسل التوريد العالمية، لم تعد تعتمد على السوق الأمريكية كما في الماضي، بينما فشلت واشنطن في تقليص اعتمادها على المنتجات الصينية الحيوية.