في وقت يدعو فيه قادة الصين وأمريكا جيوشهم إلى "الاستعداد للصراع"، يعمل "التنين" على توظيف الذكاء الاصطناعي لتعويض الفجوة في سباق التسلح مع واشنطن، معتمدًا على تقنياته المحلية مثل "ديب سيك" والكلاب الروبوت.
وفي مؤشر جديد على تسارع سباق التسلح التكنولوجي بين واشنطن وبكين، كشفت شركة نورينكو الصينية المملوكة للدولة عن مركبة عسكرية ذاتية القيادة قادرة على تنفيذ مهام دعم قتالي بسرعة تصل 50 كيلومترًا في الساعة. إذ تستمد المركبة، المُسماة P60، قدراتها من نموذج الذكاء الاصطناعي المطور بواسطة شركة ديب سيك، التي تعد مفخرة قطاع التكنولوجيا الصيني.
دعم الجيش بالذكاء الاصطناعي
وكشفت مراجعة لمئات الأوراق البحثية وبراءات الاختراع وسجلات المشتريات عن جهد منظم تبذله بكين لتسخير الذكاء الاصطناعي في تعزيز قدراتها العسكرية، خاصة في مجالات التعرف التلقائي على الأهداف ودعم القرار في ساحة المعركة بشكل لحظي، وهي قدرات تعكس المسار الأمريكي في تطوير الأسلحة الذكية، بحسب صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست".
ورغم السرية التي تحيط بتفاصيل أنظمة الجيل القادم من الأسلحة الصينية، تشير السجلات إلى تقدم ملموس في هذا المجال، دون أن يتضح "ما إذا كانت جميع المنتجات دخلت الخدمة الفعلية أم لا؟".
شرائح أمريكية تحت المجهر
تُظهر السجلات أن الجيش الصيني ومؤسساته التابعة لا تزال تستخدم شرائح شركة "إنفيديا" الأمريكية، بما في ذلك الطرازات الخاضعة لقيود التصدير الأمريكية، مثل A100 وH100، التي حظرت وزارة التجارة الأمريكية تصديرها إلى الصين، سبتمبر 2022، بحسب موقع "Japan Times".
ورغم أن مصادر الشحنات غير واضحة، فإن براءات اختراع قُدمت حتى يونيو الماضي تشير إلى استمرار استخدام هذه الشرائح في أبحاث عسكرية. إذ قال المتحدث باسم "إنفيديا" جون ريزو، إن إعادة استخدام كميات محدودة من منتجات قديمة "لا تثير مخاوف أمنية كبيرة"، مؤكدًا أن استخدام هذه الشرائح في تطبيقات عسكرية "لن يكون فعّالًا دون الدعم والتحديثات الرسمية من الشركة".
"السيادة الخوارزمية"
في المقابل، تشير وثائق وتحليلات أجراها مركز Jamestown Foundation الأمريكي إلى أن الجيش الصيني زاد من اعتماده على شركات محلية تدعي استخدام معالجات "هواوي" فقط في تصنيع الأنظمة العسكرية، تماشيًا مع حملة حكومية تهدف إلى تحقيق ما تسميه بكين "السيادة الخوارزمية".
وأظهرت مراجعة لبراءات الاختراع وإعلانات الشراء بالفعل طلبًا متزايدًا على رقائق "هواوي أسيند"، لكن لم يتسن التحقق من جميع المناقصات. ورفضت كل من "هواوي" ووزارة الدفاع الصينية وشركتا "نورينكو" و"ديب سيك" التعليق على استخدام منتجاتها في الأغراض العسكرية.
هيمنة "ديب سيك"
وتظهر الوثائق أن نماذج "ديب سيك" أصبحت الأكثر استخدامًا داخل الجيش الصيني عام 2025، إذ ورد ذكرها في نحو 12 مناقصة عسكرية، مقابل مناقصة واحدة فقط أشارت إلى نموذج "كيوين" (Qwen) من شركة "علي بابا".
واتهم مسؤولو وزارة الخارجية الأمريكية، "ديب سيك" بتقديم الدعم للعمليات العسكرية والاستخباراتية الصينية، مؤكدين أن واشنطن ستواصل "إبقاء التكنولوجيا الحساسة بعيدًا عن أيدي الخصوم"، بالتوازي مع تعزيز شراكات الذكاء الاصطناعي مع "الدول الموثوقة".
الروبوتات تدخل ميدان المعركة
وتسعى الصين، بحسب صحيفة "ساوث تشاينا"، إلى تطوير كلاب روبوتية تعمل بشكل جماعي، وأسراب من الطائرات المسيّرة قادرة على تتبع الأهداف بشكل ذاتي، إذ طرح الجيش نوفمبر 2024، مناقصة لتطوير روبوتات مزودة بالذكاء الاصطناعي قادرة على كشف الألغام والتهديدات.
ولم يتضح ما إذا تم تنفيذ المشروع، لكن صورًا سابقة أظهرت استخدام روبوتات مسلحة من شركة "يوني تري" في تدريبات عسكرية.
وتشير أبحاث جديدة من جامعة "شيآن للتكنولوجيا" إلى أن نظامًا يعتمد على "ديب سيك" تمكن من تحليل 10 آلاف سيناريو ميداني، خلال 48 ثانية، وهو ما كان يتطلب سابقًا 48 ساعة من التخطيط البشري.