الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

شخصية متقلبة.. تصرفات "ترامب" المتهورة تهدد اجتماعه بـ"شي"

  • مشاركة :
post-title
دونالد ترامب وشي جين بينج في لقاء سابق

القاهرة الإخبارية - مازن إسلام

بعدما أعلن الجانبان عن لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينج، في كوريا الجنوبية صباح غد الخميس، تتزايد التساؤلات حول مدى تأثير أسلوب ترامب في إدارة السياسة الخارجية على مجرى المفاوضات بين أكبر اقتصادين في العالم.

فبينما تسعى واشنطن وبكين إلى تهدئة التوترات التجارية المتصاعدة، يرى خبراء تحدثوا إلى صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست"، أن غياب رؤية استراتيجية واضحة، وتعدد مراكز القرار داخل الإدارة الأمريكية، يضع الصين في حالة من الحيرة بشأن مدى جدية وموثوقية الموقف الأمريكي.

ويقول جيفري مون، المستشار السابق في مجلس الأمن القومي الأمريكي، إن "السياسة في عهد ترامب تتغير من يوم إلى آخر، ولا أحد يعلم ما هو الموقف غدًا، فكيف يمكن التفاوض في ظل هذا الغموض؟".

ويجمع مراقبون على أن شخصية ترامب نفسها تمثل تحديًا في حد ذاتها، إذ يميل الرئيس الأمريكي إلى اتخاذ قراراته بناءً على "الحدس"، مع إهمال آليات المراجعة والتنسيق المؤسسي التي كانت تضمن اتساق السياسة الخارجية في الإدارات السابقة.

ويشير دينيس وايلدر، المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، إلى أن "ترامب لا يحب التفاصيل أو الإيجاز المطول، وغالبًا ما يحصل على معلوماته من مصادر غير رسمية، ما يفتح الباب أمام قرارات غير مدروسة".

وتنعكس هذه الفوضى على السياسات الميدانية. ففي الوقت الذي كانت إدارة ترامب تحث الشركات الأجنبية على الاستثمار داخل الولايات المتحدة، نفذت سلطات الهجرة عملية مداهمة واسعة في ولاية جورجيا أسفرت عن اعتقال مئات العمال في مصنع تابع لشركة "هيونداي إل جي"، ما كشف تناقضًا صارخًا بين خطاب البيت الأبيض وسياساته التنفيذية.

كما أظهرت مواقف ترامب المتناقضة بشأن الطلاب الصينيين مثالًا آخر على الارتباك. فبينما أعلن رغبته في استقبال مئات الآلاف منهم للدراسة في الجامعات الأمريكية، لوح بعض مستشاريه بإلغاء تأشيراتهم بدعوى "التهديد الأمني"، في إشارة إلى غياب التنسيق بين مختلف الدوائر في إدارته.

ويتحدث المحللون أيضًا عن صراعات داخلية حادة بين أعضاء الفريق الاقتصادي، إذ تتنازع وزارات الخزانة والتجارة والمخابرات الأمريكيتين حول كيفية التعامل مع الصين. ويقول وايلدر: "ليس فقط أن التنسيق مفقود، بل هناك عداوات شخصية داخل الإدارة، وكل طرف يحاول تمرير أجندته الخاصة دون تنسيق مع الآخر".

وفي المقابل، يجد القادة الصينيون أنفسهم أمام معادلة معقدة. فبينما يدركون ميل ترامب إلى المبالغة وإطلاق التهديدات قبل التراجع عنها، فإنهم يعانون من صعوبة التنبؤ بخطواته التالية. ويقول جيريمي تشان، المحلل في مجموعة أوراسيا، إن "بكين تنظر إلى ترامب على أنه شخصية متقلبة وساذجة في آن واحد، يصعب توقع قراراتها أو بناء تفاهمات طويلة المدى معها".

وزاد من تعقيد المشهد قرار وزارة التجارة الأمريكية توسيع العقوبات ضد الشركات الصينية بشكل غير مسبوق، ما دفع بكين إلى الرد بتقييد صادراتها من المعادن النادرة الاستراتيجية، في خطوة فاجأت واشنطن وأظهرت غياب الاستعداد الأمريكي لردود الفعل الصينية.

وترى بوني جلاسر، الخبيرة في "صندوق مارشال الألماني"، أن "كلا الطرفين يتخذ خطوات لا يدرك تمامًا كيف سيرد عليها الجانب الآخر، وهو ما يُزيد احتمالات سوء الفهم والتصعيد غير المقصود".

في المقابل، يعتقد بعض الخبراء أن الارتباك الأمريكي قد يكون جزءًا من تكتيك تفاوضي متعمد لإبقاء بكين في حالة من عدم التوازن. وتقول يون سون، الباحثة في مركز "ستيمسون"، إن "الصينيين يفسرون الرسائل المتضاربة من واشنطن على أنها انعكاس لصراع داخلي، لكن ربما تكون وسيلة من ترامب لاختبار ردود فعلهم وإجبارهم على التنازل".

ويرى محللون أن جوهر المشكلة يكمن في غياب رؤية أمريكية متكاملة تجاه الصين. فكما يقول وايلدر: "لا توجد سياسة أمريكية واحدة تجاه الصين في عهد ترامب، بل مجموعة من السياسات المتناقضة التي تسير في اتجاهات مختلفة".