تكثّف مصر جهودها الدبلوماسية من أجل إنجاح خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإحلال السلام في قطاع غزة، وهي الخطة التي تمت صياغتها ضمن مخرجات مؤتمر شرم الشيخ، وبات تنفيذها ضرورة ملحة من أجل السلام في منطقة الشرق الأوسط.
ومنذ توقيع الاتفاقية في جنوب سيناء، بحضور رؤساء دول عربية وغربية، عملت الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي ، على جمع الأشقاء وتوحيد كلمة الفصائل الفلسطينية، والإشراف المباشر على تنفيذ المرحلة الأولى، التي عرضها الإسرائيليون للخطر عدة مرات.
وقطع الجانبان شوطًا طويلًا في المرحلة الأولى من الخطة والتي شملت تبادل الأسرى والمحتجزين والعمل على قدم وساق من قِبل حركة حماس لانتشال جثث الإسرائيليين المتبقين، وإدخال أطنان المساعدات يوميًا، إلا أن التصرفات الإسرائيلية تسببت في خرق الاتفاق عدة مرات.
الخروقات الإسرائيلية
وعلى الرغم من الخروقات الإسرائيلية التي تنوعت بين إطلاق النار على الفلسطينيين وقتل العديد منهم واستمرار سلاح الجو الإسرائيلي في إلقاء القنابل على المنازل بحجة استهداف عناصر المقاومة، فإن القيادة المصرية عملت على تفويت الفرصة على الاحتلال.
من جانبه أكد عبد الفتاح دولة، المتحدث باسم حركة فتح لـ"القاهرة الإخبارية"، أن مصر تبذل جهدًا كبيرًا لضمان استكمال تنفيذ الاتفاق ومنع العودة إلى الحرب، تمهيدًا للانتقال إلى المراحل التالية، وأبرزها إعادة الإعمار والتعافي المبكر، وتلبية احتياجات الشعب الفلسطيني الذي عانى على مدار عامين من أوضاع إنسانية كارثية.
التمسك بالاتفاق
وشدد "دولة" على أن الإجماع على تنفيذ اتفاق شرم الشيخ يمثل خطوة بالغة الأهمية، و أولوية مصرية وفلسطينية وعربية، تهدف إلى تفويت الفرصة على تل أبيب ومنعها من إفشال الاتفاق، لافتًا إلى أن نتنياهو يسعى إلى إيجاد ذرائع للعودة إلى الحرب، ولا يريد الالتزام ببنود الاتفاق.
لذلك فإن مسؤولية جميع الأطراف الفلسطينية هي عدم منحه تلك الذرائع، مشيرًا إلى أن التمسك بالاتفاق يعني أيضًا إغلاق ملف التهجير القسري الذي أُحبط خلال الحرب بفضل صمود الشعب الفلسطيني والموقف المصري الحاسم، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة يجب أن تُدار بما ينسجم مع مصالح الشعب الفلسطيني ووحدته الوطنية.
لجنة تكنوقراطية
ومن المفترض وفقًا للمرحلة الثانية، أن يتم إدارة قطاع غزة في ظل حوكمة انتقالية مؤقتة من خلال لجنة فلسطينية تكنوقراطية غير سياسية، تكون مسؤولة عن إدارة الخدمات العامة والبلديات اليومية لسكان غزة، ستتكون هذه اللجنة من فلسطينيين مؤهلين وخبراء دوليين، تحت إشراف ورقابة هيئة انتقالية دولية جديدة تُسمى "مجلس السلام".
بعد ذلك سيتم إعداد خطة تنمية اقتصادية لإعادة بناء وتنشيط غزة، وستُؤخذ بعين الاعتبار العديد من المقترحات الاستثمارية والأفكار التنموية المثيرة التي وضعتها مجموعات دولية حسنة النية، من أجل دمج الأطر الأمنية والحوكمية لجذب وتسهيل هذه الاستثمارات التي ستوفر وظائف وفرصًا وأملًا لمستقبل غزة.
مصر والدور المحوري
وأكد الدكتور شفيق التلولي، عضو المجلس الوطني الفلسطيني، أن مصر تؤدي دورًا محوريًا وتاريخيًا في دعم القضية الفلسطينية ووقف العدوان على غزة، مشيرًا إلى أن القاهرة منذ نوفمبر 2023 تبذل جهودًا مكثفة من خلال القمم العربية والإسلامية والدولية من أجل وقف الحرب وإنهاء الحصار ومنع تهجير الفلسطينيين.
وأوضح "التلولي" لـ"القاهرة الإخبارية"، أن صبر مصر الاستراتيجي وجهودها المتواصلة أسفرت عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما كان على رأس أولويات القيادة المصرية التي سعت إلى وقف حرب الإبادة الجماعية والتدمير الممنهج في قطاع غزة.
حكومة نتنياهو
وأشار إلى أن قمة شرم الشيخ جاءت تأكيدًا على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار والشروع في مرحلة إعادة الإعمار، موضحًا أن مصر تعمل حاليًا على محورين رئيسيين هما التحضير لمؤتمر إعمار غزة، وإطلاق حوار فلسطيني شامل يهدف إلى إنهاء الانقسام وتوحيد الصف الوطني.
وأضاف عضو المجلس الوطني الفلسطيني، أن هذه الخطوات تمهد للانتقال إلى مرحلة سياسية جديدة تشمل استحقاقات تتعلق بالإعمار وبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، مؤكدًا أن مصر تسعى بجدية إلى نزع الذرائع من يد حكومة نتنياهو كي لا تعود الحرب مرة أخرى.