الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ضربات أقوى وتنازلات محسوبة.. استراتيجية جديدة للصين مع ترامب

  • مشاركة :
post-title
الرئس الصيني شي جين بينح ونظيره الأمريكي دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تستعد بكين لقمة حاسمة مع واشنطن، الخميس المقبل في كوريا الجنوبية، مسلحة باستراتيجية جديدة كليًا للتعامل مع الرئيس دونالد ترامب، تقوم على الرد بضربات أقوى من الضربات الأمريكية، مع تقديم تنازلات محسوبة في ملفات ثانوية يهتم بها ترامب شخصيًا.

تحول استراتيجي

ونقلت صحيفة عن مصادر مقربة من صناع القرار الصينيين"وول ستريت جورنال" ، أن الرئيس شي جين بينج أمر مستشاريه الكبار، بينهم رئيس ديوانه تساي تشي، والمسؤول الاقتصادي هي ليفنج، والمنظّر الحزبي وانج هونينج، بتصميم نهج مختلف تمامًا بعد فوز ترامب الانتخابي.

خلال ولاية ترامب الأولى، كانت الصين تتلقى الضربات وتستجيب بردود متناسبة، لكن هذه المرة قررت بكين استعارة أسلوب "الضغط الأقصى" من ترامب نفسه، والرد بقوة تفوق الضربة الأمريكية لكسب النفوذ وإظهار القوة التي يحترمها الرئيس الأمريكي، حسبما أوضح كيرت كامبل، وزير الخارجية السابق في إدارة بايدن.

ويرتكز المنهج الصيني الجديد على قناعة أساسية داخل بكين بأن ترامب رجل صفقات وليس أيديولوجيًا، وأن شغفه بإبرام الاتفاقات يمكن استغلاله لتحييد المتشددين في إدارته.

وأكد إيفان ميديروس، مسؤول الأمن القومي السابق في إدارة أوباما والأستاذ حاليًا بجامعة جورجتاون، أن "احتضان ترامب كان محوريًا في الاستراتيجية الصينية، فهم يعلمون أنه ليس متشددًا ولا أيديولوجيًا ويريدون اللعب على غرائزه في إبرام الصفقات".

سلاح المعادن النادرة

وبحسب الصحيفة، ظهر التطبيق الأبرز لهذه الاستراتيجية في أبريل الماضي، عندما أطلق ترامب تعريفاته الجمركية العالمية في "يوم التحرير"، حيث قفزت الرسوم على السلع الصينية إلى 145%، إلا أن بكين لم تتردد في الرد بقطع إمدادات مغناطيسات المعادن النادرة عن الشركات الأمريكية، ما أجبر بعض مصانع السيارات على الإغلاق مؤقتًا، وكانت النتيجة فورية على وول ستريت، حيث انهار سوق السندات وتهاوت الأسهم.

رأى شي في هذه الفوضى رسالة واضحة، إذ أدرك أن واشنطن لا تمتلك القدرة على تحمل المزيد من الألم الاقتصادي، وفق ما ذكرته المصادر المقربة من دوائر القرار في بكين.

وعززت الصين موقفها أكثر في التاسع من أكتوبر بإعلان قيود واسعة على صادرات المعادن النادرة التي تدخل في كل شيء من الهواتف والحواسيب المحمولة والسيارات إلى الصواريخ، علمًا أن الصين تسيطر على 90% من الإنتاج العالمي لهذه المعادن.

وأوضح جيمي جودريتش، خبير الصين والتكنولوجيا بمعهد جامعة كاليفورنيا للصراع والتعاون العالمي، أن "بكين تعتقد أن لديها نفوذًا هائلًا ولا تخاف من استخدامه"، إلا أن القرار أثار غضب البيت الأبيض، وهدد ترامب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 100% وإلغاء القمة، ما دفع الصين إلى التراجع السريع وإصدار بيان في 12 أكتوبر يعد بتطبيق القيود "بطريقة حذرة ومعتدلة".

تنازلات محسوبة

رغم الصرامة في المواجهة، تقدم بكين تنازلات مدروسة لإبقاء باب الحوار مفتوحًا.

وكانت أبرز هذه التنازلات موافقتها على بيع تطبيق "تيك توك"، وهو ملف يعتبره ترامب انتصارًا شعبيًا يتعلق بالأمن القومي، إلا أن شي وصف التطبيق خاصته بأنه "أفيون روحي"، واعتبره ثمنًا زهيدًا لتأمين سلسلة قمم مع ترامب، أولها اللقاء المرتقب في كوريا الجنوبية، يتبعه زيارة محتملة لترامب إلى الصين مطلع العام المقبل، وزيارة شي لأمريكا في أواخر 2026.

كذلك تدرس بكين شراء كميات كبيرة من فول الصويا الأمريكي قبل القمة، استجابة لطلب من ترامب، إذ ترى القيادة الصينية أنه "طالما أن الزعيمين سيلتقيان، فما المشكلة في شراء بعض فول الصويا؟"، كما نقلت المصادر.

وعلى رأس أجندة شي ملف تايوان، إذ يخطط لاستغلال رغبة ترامب في اتفاق اقتصادي جديد للضغط عليه للتخلي عن سياسة الغموض الاستراتيجي التقليدية والإعلان رسميًا أن واشنطن "تعارض" استقلال تايوان.

تهميش المتشددين

تحقق استراتيجية بكين نجاحات ملموسة داخل الإدارة الأمريكية، حيث تم تهميش العديد من المتشددين تجاه الصين، بينهم بيتر نافارو، المستشار التجاري القديم لترامب، رغم تأكيد مسؤول إداري كبير استمرار دوره في صياغة السياسات.

كما سُحب ترشيح لاندون هايد، الدبلوماسي السابق في بكين وخبير سياسة التكنولوجيا بلجنة مجلس النواب المتشددة حيال الصين، لمنصب حاسم في وزارة التجارة يشرف على ضوابط التصدير، بعدما اعتُبرت تحذيراته من "التهديد العميق" الذي تشكله الصين عائقًا لدى البيت الأبيض.

وفتح هذا الفراغ المجال أمام قادة أعمال مؤثرين، أبرزهم جنسن هوانج، الرئيس التنفيذي لشركة "إنفيديا"، الذي أقنع ترامب صيف هذا العام بإلغاء حظر بيع شريحة H20 للذكاء الاصطناعي إلى الصين، محاجًّا بأن الحظر سيسرّع فقط سعي بكين للاكتفاء الذاتي التكنولوجي.