في ظل التوتر التجاري المتصاعد بين واشنطن وبكين، تسعى الولايات المتحدة إلى تقليص اعتمادها على الصين في المعادن الأرضية النادرة، التي تعد عصب الصناعات الحديثة، ومع استمرار بكين في فرض قيود على تصدير تلك المعادن الحيوية، تتجه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أستراليا وغيرها من الدول لتأمين مصادر بديلة تضمن استمرار تدفق المواد التي تقوم عليها التكنولوجيا والطاقة والقدرات العسكرية الأمريكية.
سباق المعادن
أكد موقع "أكسيوس" أن إدارة ترامب كثّفت جهودها للبحث عن مصادر جديدة للمعادن الأرضية النادرة، بعد أن أصبحت الصين تستخدم سيطرتها على هذه الموارد كأداة ضغط جيوسياسي.
وأشار الموقع إلى أن المعادن النادرة تدخل في تصنيع كل التقنيات الحيوية تقريبا، بدءًا من الأجهزة الإلكترونية إلى الطائرات المقاتلة، ما يجعلها عنصرًا أساسيًا في الاقتصاد العالمي.
وأوضح التقرير أن الصين تهيمن بشكل شبه كامل على عمليات استخراج ومعالجة هذه المعادن، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى التحرك السريع لإيجاد بدائل، سواء عبر الدبلوماسية أو الاستثمارات الخارجية، ومع كل خطوة تتخذها الصين لتشديد قبضتها، تزداد حدة التحرك الأمريكي على المستويين المالي والسياسي.
توتر الإمدادات
وأشار التقرير إلى أن الهدنة التجارية التي أبرمت بين واشنطن وبكين في مطلع الصيف وفرت مؤقتًا تدفقًا للمغناطيسات الأرضية النادرة، لكنها لم تدم طويلًا، فقد أعادت الصين بعد أسابيع قليلة فرض قيود جديدة وأعلنت عن نظام تنظيمي يحد من الوصول العالمي إلى هذه المواد.
هذا القرار دفع واشنطن إلى التهديد بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الصين، في خطوة هدفت إلى الضغط الاقتصادي، لكنه أيضًا سرّع وتيرة البحث عن بدائل استراتيجية خارج الأراضي الصينية.
وذكر التقرير أن هذه المعادن تعد ضرورية لمعدات الحوسبة والاتصالات المتقدمة، وكذلك لتطوير الطائرات المقاتلة من طراز إف-35 والطائرات بدون طيار والغواصات والقنابل الذكية.
كما أشار إلى أن الصين عززت هيمنتها على هذه السوق الحيوية ضمن مبادرة "صنع في الصين 2025" التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينج قبل عقد من الزمن، حيث تسيطر أيضًا على معادن ثمينة أخرى مثل الليثيوم المستخدم في البطاريات.
أستراليا على الخط
بحسب "أكسيوس"، برزت أستراليا في الآونة الأخيرة كمورد بديل واعد للولايات المتحدة، فقد التقى الرئيس ترامب كبار المسؤولين الأستراليين في واشنطن، وتم خلال الاجتماع توقيع اتفاق يمنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى خط أنابيب من المعادن الأسترالية تبلغ قيمته نحو 8.5 مليار دولار.
وأشار التقرير إلى أن كلا البلدين التزما باستثمار أولي قيمته مليار دولار لتطوير عمليات معالجة المعادن، في محاولة لتقليل الاعتماد على السوق الصينية، ومع ذلك، تبقى احتياطيات أستراليا من المعادن النادرة أقل بنحو ثُمن ما تمتلكه الصين، بينما لا يتجاوز إنتاجها الفعلي عُشر حجم الإنتاج الصيني، وفقًا لبيانات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.
وأكد التقرير أن الاتفاق الجديد من شأنه تحسين هذا الوضع جزئيًا، لكنه لن يكون كافيًا لسد الفجوة الكبيرة في الوقت الراهن، في حين تعمل واشنطن بالتوازي على توسيع إنتاجها المحلي من هذه المعادن.
تنويع المصادر
لفت التقرير إلى أن الولايات المتحدة بدأت الاستثمار في شركات محلية مثل "إم بي ماتيريالز" و"راماكو ريسورسز" لتعزيز الإنتاج الداخلي، في خطوة تعكس أولوية استخراج الاحتياطيات المحلية خلال السنوات المقبلة، غير أن هذه الاحتياطيات لا تزال محدودة مقارنة بتلك الموجودة في أستراليا.
كما أشار "أكسيوس" إلى أن واشنطن وقّعت اتفاقًا مع أوكرانيا في وقت سابق من العام يمنحها إمكانية الوصول التفضيلي إلى احتياطيات المعادن هناك، إضافة إلى طموحات ترامب المعلنة بالسيطرة على جزيرة جرينلاند التي تحتوي على موارد معدنية ضخمة.