الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الاشتراكيون الفرنسيون يهددون بإسقاط حكومة ليكورنو بسبب الضرائب على الأثرياء

  • مشاركة :
post-title
رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان ليكورنو

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

وجّه زعيم الحزب الاشتراكي الفرنسي أوليفييه فور، إنذارًا نهائيًا لرئيس الوزراء سيباستيان ليكورنو بزيادة الضرائب على أصحاب الثروات الضخمة قبل يوم الاثنين المقبل، وإلا سيصوِّت حزبه ضد موازنة 2026 ويطالب بسحب الثقة من الحكومة.

إنذار اشتراكي يهدد بقاء الحكومة

أكد "فور"، في حديثه لقناة "بي إف إم تي في" الفرنسية، أن حزبه لن يتراجع عن موقفه إذا لم تستجب الحكومة لمطالبه المالية.

وأوضح "فور" أن الاشتراكيين يطالبون بزيادة الإيرادات الضريبية بمقدار 15 إلى 20 مليار يورو، مع التركيز على فرض ضرائب أعلى على الأثرياء بدلاً من الطبقة المتوسطة.

وقال: "أريد مصادر دخل جديدة، نحتاج إلى أموال كافية لتجنب أخذها من جيوب الفرنسيين العاديين الذين لم يعودوا قادرين على تحمل المزيد".

يكتسب هذا التهديد أهمية استثنائية لأن الحزب الاشتراكي يمتلك 69 مقعدًا في الجمعية الوطنية المكونة من 577 نائبًا، ما يجعله قوة محورية في البرلمان المنقسم حيث تحكم حكومة أقلية هشَّة.

ويمثل موقف الاشتراكيين تحديًا وجوديًا لليكورنو، الذي يسعى جاهدًا لتجنب مصير سلفيه اللذين أُطيح بهما منذ قرار الرئيس إيمانويل ماكرون الكارثي بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في يونيو 2024.

ضريبة زوكمان محور الخلاف

تشير صحيفة "ليبراسون" الفرنسية إلى ان الجدل الأكبر يتمحور حول ما يُعرف بـ"ضريبة زوكمان"، نسبة إلى الاقتصادي جابرييل زوكمان الذي صممها، والتي تستهدف أصحاب الثروات التي تفوق 100 مليون يورو.

ووفقًا لصحيفة "فانينشال تايمز" البريطانية، تفرض هذه الضريبة حدًا أدنى بنسبة 2% سنويًا على جميع الأصول، بما فيها الشركات والأسهم والمكاسب غير المحققة.

وبينما يقدر مؤيدو الضريبة عائداتها بنحو 20 مليار يورو سنويًا، يشكك المعارضون في هذا الرقم ويتوقعون ألا تتجاوز العائدات 5 مليارات يورو، محذرين من أن كثيرًا من الأثرياء يستعدون لمغادرة فرنسا أو تحسين إستراتيجياتهم الضريبية.

رُفض هذا المقترح في لجنة برلمانية مطلع الأسبوع الجاري، لكنه عُرض للنقاش في الجمعية الوطنية اليوم الجمعة ضمن مداولات القسم الخاص بالإيرادات من مشروع قانون الموازنة.

ورغم أن "فور" لم يشترط إقرار ضريبة زوكمان تحديدًا، إلا أنه أصر على ضرورة تحقيق زيادة كبيرة في الإيرادات الضريبية تستهدف الأثرياء بشكل أساسي.

تنازلات ليكورنو وحدودها

نجح ليكورنو في النجاة من تصويتين بحجب الثقة في وقت سابق من الشهر الجاري بفضل تقديم تنازلات مهمة للاشتراكيين، أبرزها الموافقة على تعليق إصلاحات نظام التقاعد التي كانت من أهم إنجازات ماكرون.

وفي خطوة أخرى لاسترضاء اليسار، تعهَّد رئيس الوزراء الأسبوع الماضي بعدم استخدام الآلية الدستورية التي تسمح بتمرير الموازنة دون نقاش برلماني، ما فتح الباب أمام مفاوضات معقدة على جميع بنود الموازنة.

لكن ليكورنو رفض صراحة فكرة ضريبة زوكمان، واقترح بدلًا منها فرض ضرائب على الشركات القابضة والإبقاء على ضريبة استثنائية على الشركات الكبرى.

وتستهدف خطة موازنته تحقيق وفورات بقيمة 30 مليار يورو خلال 2026 لخفض عجز الموازنة إلى 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ5.4% في 2025، غير أنه أبدى استعداده لقبول عجز يصل إلى 5%، في إشارة إلى مرونته لتقديم مزيد من التنازلات.

ضغوط الأسواق وتخفيض التصنيف الائتماني

تتزامن هذه الأزمة السياسية مع تدهور الوضع المالي لفرنسا على الصعيد الدولي، إذ خفضت وكالة "ستاندرد أند بورز"، الأسبوع الماضي، التصنيف الائتماني الفرنسي إلى A+ بسبب مخاوف من ارتفاع مستويات الدين العام أكثر من التوقعات السابقة، حسبما ذكرت "فايننشال تايمز".

وكانت الأسواق المالية تترقب قرار وكالة "موديز" -الوكالة الكبرى الوحيدة التي لا تزال تمنح فرنسا تصنيف AA- المقرر مساء الجمعة، ما يضع ضغطًا إضافيًا على ليكورنو لإظهار جدية في معالجة أزمة المالية العامة.