الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أزمات فرنسا السياسية تعرقل المبادرات الأمنية للاتحاد الأوروبي

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرز

القاهرة الإخبارية - أحمد أنور

عرقل التخبط السياسي في فرنسا خطط أوروبا بتنفيذ مبادرات أمنية مشتركة، إذ تزامنت مع معاناة باريس من الديون المتضخمة والطريق المسدود في الميزانية، ما أبطأ المشروع الدفاعي بين فرنسا وألمانيا وجعله ساكنًا دون حراك، بحسب "واشنطن بوست" الأمريكية.

بدأ زعماء الدول السبع والعشرين في الاتحاد في التوحد حول الدفاع المشترك في مواجهة روسيا، في ظل تردد الرئيس دونالد ترامب في حماية الحلفاء الأوروبيين، وتصدرت فرنسا وألمانيا، المشهد بعد أن بدتا مركزًا للقوة الاقتصادية والسياسية في الاتحاد الأوروبي، قبل أن تدخل باريس في فترة من الاضطرابات السياسية الداخلية المطولة، إلى جانب ما تعرّض له الاقتصاد الألماني -القائم على التصنيع- من ركود.

يقول الخبراء إنه من غير المرجّح أن تُثقل المشكلات المالية كاهل الاقتصاد الأوروبي الأوسع أو تُعرّض اليورو، العملة الموحدة، للخطر، لكنها تُشكّل عجز الاتحاد الأوروبي عن المضي قدمًا في مجموعة من المبادرات السياسية والاقتصادية والأمنية.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

وقال شاهين فالي، أحد الخبراء والباحث البارز في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية والمستشار الاقتصادي السابق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن مشروعين عسكريين فرنسيين ألمانيين كبيرين قد يكونان في خطر خاص، وهما: مبادرة تطوير دبابات القتال من الجيل التالي، وبرنامج الطائرات المقاتلة بنظام القتال الجوي المستقبلي.

وقال "فالي": "مخاوفي بشأن هذين المشروعين هي أننا ربما وصلنا إلى طريق مسدود، وأن هناك نقصًا في الثقة في إمكانية اتخاذ مثل هذه القرارات السياسية الكبيرة في فرنسا"، وانهارت الحكومة الفرنسية مرارًا وتكرارًا، ما أجبر ماكرون على تعيين أربعة رؤساء وزراء في غضون 15 شهرًا، وكان آخرهم سيباستيان لوكورنو، الذي استقال بعد أقل من شهر فقط ليتم إعادة تعيينه.

وكانت أحدث جهود لوكورنو لكسر الجمود بشأن الميزانية، من خلال عرض تعليق إصلاح نظام التقاعد الذي اقترحه ماكرون، الذي من شأنه رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عامًا، لن تؤدي إلا إلى زيادة ديون فرنسا المتضخمة.

بدورها قالت كورنيليا وول، رئيسة كلية هيرتي للحوكمة في برلين: "يُمثل الوضع السياسي في فرنسا مشكلة أوروبية، لأنها غائبة فعليًا عن المشهد السياسي. لا أحد يستطيع العمل بفعالية على مشاريع طويلة الأجل".

المستشار الألماني فريدريش ميرز

من الصعب وضع خطط طويلة الأجل في بلد به وزارات دوارة، وآفاق غامضة للاستقرار، وفي ظل وجود ماكرون، رئيس ضعيف محدود المدة مع أقل من عامين متبقيين في منصبه، ويقول الخبراء إن الساسة الألمان حذرون من القيام بأي مبادرات ــ وخاصة تمويلها ــ يمكن اعتبارها اعتمادًا على فرنسا غير المسؤولة ماليًا أو إنقاذها.

ويظل الشاغل الأكثر إلحاحًا بالنسبة لأوروبا هو تعزيز قدراتها الدفاعية في خضم الحرب في أوكرانيا التي لا تلوح في الأفق أي نهاية لها، والتوغلات الروسية الصارخة بشكل متزايد في المجال الجوي لحلف شمال الأطلسي، ومطالبات واشنطن بأن تتولى أوروبا مسؤولية الدفاع عن نفسها وتحمل تكاليفه.

ويمثل الوضع في أوروبا في كثير من النواحي انعكاسًا لأزمة الديون في منطقة اليورو التي أعقبت الركود الأعظم في الفترة 2008-2009، حيث كانت البلدان الواقعة على أطراف الاتحاد الأوروبي ــ البرتغال، وأيرلندا، وإيطاليا، واليونان، وإسبانيا، التي يطلق عليها مجتمعة اسم "PIIGS"ـ تكافح أعباء ديون غير مستدامة.