على الرغم من أن الرحلة الجوية من موسكو إلى بودابست تستغرق حوالي ساعتين ونصف، فمن المرجّح أن يسلك الرئيس بوتين طريقًا أطول لقمّته المخطّط لها مع الرئيس ترامب، لتقليل أي إزعاج محتمل بشأن مذكرة التوقيف الدولية الصادرة بحقه، بحسب صحيفة تايمز البريطانية.
تُشكّل زيارة بوتين المُخطّط لها، والمُقرّرة في الأسابيع المقبلة، صداعًا دبلوماسيًا للاتحاد الأوروبي وللكرملين أيضًا، على الرغم من أن زيارته إلى دولة عضو في الاتحاد الأوروبي ستُمكّن روسيا من إثبات أن رئيسها ليس معزولًا كما يرغب خصومها.
منذ الحرب الأوكرانية عام 2022، لم يسافر بوتين إلا إلى الصين وكوريا الشمالية ودول آسيا الوسطى الصديقة، بالإضافة إلى ألاسكا، التي لا تبعد سوى 55 ميلًا عن روسيا، لحضور قمّته مع ترامب في أغسطس الماضي.
على عكس مئات المسؤولين الروس، بمن فيهم ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة خارجيته، فإن بوتين ليس ممنوعًا شخصيًا من دخول الاتحاد الأوروبي، إذ مُنعت جميع الطائرات الروسية من دخول المجال الجوي للاتحاد الأوروبي منذ الحرب، لكن بروكسل أشارت خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى أنه، ولأسباب دبلوماسية، سيتم التنازل عن الحظر المفروض على الطائرات الروسية لتمكين طائرة «إليوشن II-96» التابعة لبوتين من الوصول إلى بودابست.
وتُعدّ جميع الدول المنضمة إلى المحكمة الجنائية الدولية ملزَمة باحتجاز الرئيس الروسي إذا دخل أراضيها، بما في ذلك مجالها الجوي، منذ أن وجّه إليه الادعاء العام اتهامًا قبل عامين باختطاف نحو 20 ألف طفل أوكراني إلى روسيا.
ومن غير المرجّح أن تجبر أي دولة "الكرملين الطائر" على الهبوط وإرسال الرئيس الروسي إلى لاهاي، ومع ذلك ستحرص موسكو على تقليل مدة تحليقها فوق الدول غير الصديقة، وهو ما يجعل من غير المرجّح أن تحلّق طائرة بوتين باتجاه الجنوب الغربي عبر بيلاروسيا الصديقة، لأن ذلك يعني عبور بولندا، وهي دولة غاضبة من توغلات الطائرات الروسية من دون طيار، والتي حذّرت هذا الشهر من أنها تتوقع أن تشنّ موسكو هجومًا في عمق أراضيها قريبًا.
كما أن التحليق فوق دول البلطيق المعادية لروسيا مستبعَد أيضًا، إذ طالب كيستوتيس بودريس، وزير الخارجية الليتواني، أمس الاثنين، بمنع بوتين من دخول الاتحاد الأوروبي، وقال: "لا أستطيع تخيّله يعبر مجالنا الجوي".
ومن المرجّح أن تسلك طائرة بوتين مسارًا ملتويًا جنوبًا فوق تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والمفتوحة أمام روسيا، ثم تعبر صربيا ودول البلقان الأخرى غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وسيتطلب ذلك عبور بعض المجال الجوي للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي فوق بلغاريا واليونان. وفي العام الماضي، اتخذ وزير الخارجية سيرجي لافروف مسارًا بديلًا لمدة ثلاث ساعات لتجنّب عبور المجال الجوي للاتحاد الأوروبي بالكامل عندما سافر إلى مالطا لحضور اجتماع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
ينسحب فيكتور أوربان، الزعيم الأكثر تأييدًا لروسيا وترامب في الاتحاد الأوروبي، من عضوية المجر في المحكمة الجنائية الدولية بسبب مذكرة التوقيف الصادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ورغم أن بودابست لا تزال عضوًا، إلا أن المحكمة الجنائية الدولية لا تملك سلطة تنفيذ أوامر التوقيف الصادرة عنها.
وصرّح بيتر سيارتو، وزير الخارجية المجري، يوم الجمعة: "سنضمن دخول بوتين إلى المجر، وإجراء مفاوضات ناجحة هنا، ثم عودته إلى وطنه".